عاصفة الحزم ..اهداف بعيدة المدى
اليمن كان بلا عاصمة ولا حكومة ، رئيس دولة ورئيس وزراء ووزراء وقادة جيش كانوا تحت الإقامة الاجبارية ، قوى مسلحة مجهزة وبأعداد كبيرة تحكم نفوذها وسيطرتها وتدخلها ،اليمن أشبه بكعكة تتقاسمها قوى موزعة على طول وعرض بلد يقع نصف سكانه تحت خط الفقر، و تهيمن ستة قوى عسكرية مختلفة على المشهد اليمني هي جماعة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح واللجان الشعبية التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي، والمجموعات التابعة للحراك الجنوبي، بالإضافة إلى القبائل المسلحة والتنظيمات المتطرفة وهي "القاعدة" وتنظيم"الدولة الإسلامية".، و وسط هذه الفوضى سعى الحوثيون بشكل خاص للهيمنة على أكبر قدر ممكن من الأراضي والمؤسسات وفرض الأمر الواقع، بأنهم القوة الأكثر تماسكا وزحفا في ظل دعم ومساندة قوات موالية للرئيس المخلوع علي صالح وما تلقته من دعم إيراني وخبرا عسكريين وأسلحة وصلت عبر البحر وبعض المطارات التي " احتلها " الحوثيون ، ولم تفلح رسالة الملك عبدالله الثاني والإنفتاح على إيران من وقف التمدد الحوثي والدعوة الى الحوار ، فتجاهلت إيران كل النداءات والرسائل التي دعت الى الحوار في اليمن، وبان المخطط الإيراني في الرغبة بالتوسع والنفوذ في اليمن ، فكان لا بد من الردع العربي .
اليمن كان يسير الى حرب أهلية في ظل تلك الفوضى التي تقودها القوى والمليشيات المسلحة للسيطرة على اليمن كما هي الحال في ليبيا اليوم حيث تتصارع " الشرعيات " والمليشيات وتتقاسم الدول الاعتراف بكل فصيل .
لايمكن أن تسمى " عاصفة الحزم " بحرب على اليمن ، فالعاصفة حددت أهدافها بمنع الحوثيين ومن يناصرهم من قوات الرئيس المخلوع من التمدد شرقا وجنوبا ، وهي عاصفة يراد منها حماية الشرعية والنظام ومنع الإنهيار وإرساء الإستقرار لدولة أفسدت أمنها إيران على يد الحوثيين وانصار علي صالح للإنقلاب على الشرعية والعودة للحكم ، بالرغم أن كل هذا لو حدث وجرى اسقاط الشرعية وبدأ ان اليمن تحت حكم الحوثيين ، فأن اتباع صالح والجيش والمليشيات الأخرى ستواجه الحوثيين وستدور معارك طويلة بين تلك الأطراف لمعاودة البحث عن السلطة ، فكان التحرك السعودي والحلفاء هو " الواسط" الذي قررت السعودية نصبه وسط الخيمة اليمنية ويمنع سقوطها في مواجهة العواصف التي يثيرها كل طرف داخل اليمن .
أهداف واسعة كانت وراء العاصفة ، منها ما يتعلق باليمن وإعادة ترتيب اوراقها ، ومنها ما يتعلق بالإقليم بوقف توسع النفوذ الإيراني واستعداد " العرب " للوقوف في وجه أي مطامع أجنبية سواء أكان من دول مجاورة او غير مجاورة بعد أن اعتقد البعض أن العرب قد ماتوا وأن استباحة بلادهم بات أمرا ميسرا وأن المسألة تتطلب فقط مليشيات يجري بنائها لاختراق الأمن والسيادة العربية ،وخاصة أن الدول والشعوب العربية التي تتعرض اليوم إلى عدوان، إما من أنظمة ديكتاتورية غاشمة أو طائفية متجبرة، أو جماعات وعصابات خارجة على الشرعية أو ضمنها ولكن تفرض أجندتها على الآخرين بالتخويف والعنف تحتاج دوما الى "قوة ردع " تحول دون استفحال جبروتها ، فكانت عاصفة الحزم تهدف بالدرجة الأولى إلى استعادة الدور العربي ومواجهة المشروع الإيراني، من خلال التعامل الجديد مع الملف اليمني" ،ونجحت السعودية بتشكيل تحالف إسلامي " سنيّ" واسع ضم الباكستان الدولة النووية وتركيا اللتان وجدتا في النظام الإيراني شهوة اطماع وتوسع ومد نفوذ يتعارض مع مصالح تلك الدول ،وبالتالي لا بد من لجم تلك الأطماع ووقف توسعها .
كذلك كان للعاصفةدورا استراتيجيا ،وهو ما يتعلق بالشأن الداخلي لدول تعاني من " حراك وارتجاجات الشارع الشيعي "سواء أكان في البحرين او الكويت او السعودية نفسها التي ستلجم تحركاتها تلك الزوابع التي قد تنفجر في لحظة ما داخل تلك الدول لو تحقق للحوثيون ماسعوا اليه ، فكان لابد من تحريك العاصفة وبحزم شديد كيلا يصبح معالجة الأوضاع لاحقا مسألة شاقة وصعبة وتغرق اليمن والسعودية والإقليم نفسه في فوضى كانت تعتبر الأخطر والأدق لما تتمتع به اليمن من أهمية جيوسياسية وأمنية في منطقة الخليج والبحر الأحمر