الانتخابات الإسرائيلية ونتائجها من المنظار الفلسطيني
مع ظهور نتائج الانتخابات الإسرائيلية وحتى ما قبلها وتحليلات وتكهنان المؤسسات الإعلامية والكتاب والمثقفين تتوالى وتكاد تجمع على أمر واحد تقريبا ، وهو أنّ جميع الأحزاب الإسرائيلية بأطيافها اليسارية واليمينية والوسط تكاد تجمع على عدة عوامل مشتركة تجمع بينها جميعا عدائها للقضية الفلسطينية العادلة ولحقوق الشعل الفلسطيني الثابتة ، والتي من أهمها الجناحين الصهيوني والليكود وما يضمانه من أحزاب في جعبتهما أو تحت جناحيهما .
أنّ جميع الأحزاب الإسرائيلية كما يعرف ويعلم الجميع الفلسطيني من خلال الواقع والتجربة وبمحددات صراع البقاء ، تكاد جميعها تتفق وتجزم على ضرورة التخلص من الشعب الفلسطيني بطريقة أو بأخرى ، فمنها الأصولية اليهودية المتطرفة من تطالب بجز رقاب الذكور حتى ينفد الشعب وينتهي بالإذابة ، ومنها اليمينية الإرهابية المتطرفة من تطالب بقتل جميع أبناء الشعب الفلسطيني ذكورا وإناثا وأطفالا من خلال استغلال أي حدث يتهم بها الفلسطيني بالعدائية للسامية بتوجيه ضربات تدميرية للمدن الفلسطينية لا تفرق بين مقاتل ومدني ، أو بين شيخ وطفل ، أو بين رجل وامرأة ، ومنها جميعها المجمعة على سياسة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة المطالبة بإتباع أساليب سياسية ملتوية عبر ما سمي بنفق المفاوضات الطويل بلا أمل أو ضوء بنهاية النفق ترتكز على جهد المفاوض الإسرائيلي الحاذق وعلى مسألة الوقت ، لإيصال الفلسطينيين لمرحلة اليأس ، وبالتالي موافقتهم على إما العيش بكنف دولة إسرائيل القومية بحقوق ناقصة من الدرجة الثالثة كقومية ضيوف بلا حقوق مدنية ، أو بالموافقة على الخطة العالمية الموضوعة بضرورة استيعاب الفلسطينيين كمهاجرين شرعيين مرحبا بهم في دول العالم المختلفة .
الحقيقة أن القيادة الفلسطينية التي كلها تلم بالفكر الصهيوني المعادي للوجود الفلسطيني وأهدافه ، وبالحالة الإسرائيلية غير المؤمنة بوجود دولة فلسطينية إلى جوارها في المسمى إسرائيليا يهود والسامرة وما تخطط له ، وبالأحزاب الإسرائيلية المجمعة كلها بأيدلوجيتها وببرامجها على معادة الشعب الفلسطيني وعدم الاعتراف بحقوقه ، تعي خطورة المرحلة وطبيعة الصراع وفصوله ومراحله وما يمكن أن يؤول إليه مصير القضية الفلسطينية فيما هي لم تدرك المرحلة ولم تتعامل مع حيثياتها ، خاصة أنّ الأخوة العرب ولحد الآن لم يقوموا بدورهم الريادي القتالي لتحرير الأرض الفلسطينية ، بل لم يستعدوا لهذه المرحلة بعد ولن ، بل حتى أنّ البعض منهم شطبها من أجندته ومن عقيدة عسكره القتالية ، وهم مستمرين بالضغط على القيادة وعلى الشعب الفلسطيني سياسيا واقتصاديا وحتى أمنيا للقبول باستمرار السير بطريق المفاوضات حتى ولو لمائة سنة قادمة ما دامت أنظمتهم سالمة وتقي أنفسها من نتائج الحرب الممكنة .
انه مأزق كبير أمام القيادة الفلسطينية التي تكاد تجد نفسها وحيدة بنفق مظلم في عالم عربي ملتهب بداخله ، والذي يكاد يخلوا إلا من قلة من الداعمين لها سياسيا واقتصاديا ولوجستيا ، وحتى من غير غطاء بأحايين كثيرة من قبل قطاعات عريضة من محزبين وبعض عوام من الشعب العربي ومن أبناء شعبها خاصة الذين أوصلتهم إسرائيل بالداخل الفلسطيني لمرحلة الانكشاف الاقتصادي ، فهي لا تستطيع الصبر على مقاطعة أو حصار لأكثر من أسبوع واحد بعد إتباع المستوطنين لسياسة حرق الشجر وتخريب الأرض واستيطان المزروع منها ، فكيف بالأمر والعرب مستعدين لتنفيذ حصار طويل الأجل على منظمة التحرير الفلسطينية وعلى السلطة الفلسطينية بشكل اشمل فيما هي لم تتناغم مع المواقف العربية المنعكسة عن الأوامر الأمريكية .
إنّ القيادة الفلسطينية الملمة بأوضاع شعبها والمنطقة والعالم وتعي الإرهاصات الدولية كافة ، لم يعد أمامها إلا التقدم بخطواتها الأحادية لتعثر عملية السلام واقترابها كما يخطط الغرب وإسرائيل من دائرة الاستسلام ، والتي منها وكمقدمة إجرائية الطلب من المحكمة الجنائية الدولية لتقوم بواجبها تجاه الإجرام الصهيوني بحق شعبنا ، وللمحكمة الدولية لإبطال ضم الأراضي واستيطانها ، والأهم هو أن تقوم منظمة التحرير الفلسطينية بخطوة جريئة ولو غير محددة النتائج والعواقب بإعلان استقال فلسطين من جانب واحد ومباشرة الدولة الفلسطينية لسلطتها تحت الرقم ، 193أو أو إلغاء كافة الاتفاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل وإعادة الكرة للأمم المتحدة لدفعها للقيام بواجباتها تجاه الشعب الفلسطيني وما يعنيه ذالك من إعادة الكرة للمربع الأول للنكبة ، مع حقيقة أنّ من النتائج التي قد تنعكس على مثل هذين القرارين هو إعلان دولة إسرائيل وبموافقة حزبية إسرائيلية جامعة ومن ذات الشعب اليهودي بأطيافه حرب تدميرية شاملة على الشعب الفلسطيني وقيادته ومقدماته الطليعية الحركية المناضلة داخل الوطن الفلسطيني وخارجه ، خاصة بمثل هذه الأوقات الذي تنشغل به الشعوب العربية بنفسها ، والحكومات لضعفها أو لتعيينها من قبل الغرب بعد ذهاب الأضعف منها ، والتي بمجموعها أصبحت خارج الصراع ، أو كبيادق طعم بيد لعبة الأمم الإجرامية الظالمة ، التي هي أصلا ضد القضية الفلسطينية ولمصلحة اليهود ودولة إسرائيل .