سنّ الرشد الوطني !

تم نشره الإثنين 30 آذار / مارس 2015 01:50 صباحاً
سنّ الرشد الوطني !
خيري منصور

الاسماء التي ترد في نشرات الاخبار سواء كانت لمدن او آثار او معالم ومتاحف، سرعان ما تنزلق من الأذن ولا تمكث في الذاكرة، وذلك لسببين اولهما تسارع الأحداث بحيث يتعذّر ضبط الخطوات على ايقاعها المحموم وثانيهما الجهل بهذه الاسماء، لأن بعضها يسمع للمرة الاولى، والفضل في ذلك للحروب خصوصا تلك التي يقودها الناتو كما حدث في ليبيا، فهناك اسماء أمكنة سمع بها العرب لأول مرة لحظة قصفها .
متحف باردو التونسي ومدينة الحضر العراقية وملويات سامراء، والمسلات المصرية التي تنتصب واحدة منها في باريس هذه اسماء تأتي بلا تفاصيل ولو عرف الناس ما الذي تحويه مدينة الحضر العراقية ومتحف الموصل لتوقفوا طويلا وتضاعف حزنهم على ما لحق بها، ففي باردو التونسي اكبر واقدم مساحة من الفسيفساء في العالم وفيه اعلنت الجمهورية التونسية، وكان يطلق عليه اسم العلوي او الباي علي . ولولا سارع المصريون الى افتداء المتحف المسمى الانتكخانة باجسادهم لتبعثرت المومياوات وتحولت الى هباء وكذلك مقتنيات رمسيس وكليوباترا ونفرتيتي وحتشبسوت، لكن الله قدّر ولطف حين وقف المخرج خالد يوسف يصرخ لاهثا أمام الكاميرات يناشد الناس باستغاثة يقطر منها الدمع كي يسارعوا الى حماية ما ائتمنهم عليه الاسلاف سبعة الاف عام !
ومنذ فقد العرب قرارهم وفشلت جامعتهم في تعريب قضاياها فتولاها التدويل خسروا ما يعجز أذكى الحواسيب عن احصائه، ليس من آثارهم واطلال الحضارات التي سادت ثم بادت في بلدانهم فقط، بل من الدماء ايضا والتي لو وجدت المصبّ لحررت قارة وليس بلدا صغيرا اسمه فلسطين .
ان آلة التدمير لا تكتفي الان بالحاضر بل تتمدد باتجاهين، الماضي لتمحو ما مَهَر به الاسلاف آثارهم من بصمات والمستقبل ايضا، لهذا فما يحدث الان تحت مختلف الذرائع الملفقة هو انتحار مزدوج . تصوروا ان اعداءنا وغزاة بلادنا هم الذين يتولون الان تثقيفنا بتضاريس اوطاننا واسماء قرانا ومتاحفنا وأهم المعالم الحضارية التي نجهلها !
يروي الراحل جبرا ابراهيم جبرا الذي عاش ومات في العراق انه كان يرى في شبابه خبراء آثار يجرّون تماثيل عبر الماء، وثمة فلاحون يراقبونهم ويسخرون منهم ! ومن يدري لعلّ مخطوطا عمره الف عام يلقى حتفه في حاوية قمامة في بلد ما او تستخدم لوحة قد يبلغ ثمنها عشرين مليون يورو لتناول الطعام الذي يقطر منه الزيت !
هل يكفي كل ما مرّ حتى الآن لايقاظ اهل الكهف ؟ ولكي يبلغ هذا العربي المحاصر من الجهات الخمس رشده الوطني ويتدارك ما تبقى ؟
سؤال راودني وانا اقرأ عن مُقتنيات متاحف زرت بعضها ولم يخطر ببالي انها ستتحول الى اسطبلات لثيران وفيلة دخلت الى متحف خزف !

(الدستور 2015-03-30)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات