إعادة اكتشاف الوطن

تم نشره الإثنين 30 آذار / مارس 2015 02:01 صباحاً
إعادة اكتشاف الوطن
طارق مصاروة

لا يجد الاردن نفسه مدعواً الى سياسات جديدة تلائم المتغيرات في السياسة العربية والاقليمية، فقد ارسى منذ تأسيس الكيان الوطني مجموعة قناعات، لم يكف طيلة قرن من الزمان الى تغييرها نظراً للتغييرات التي تحيط به:
-لم تجرفنا موجة الانقلابية العسكرية المغتصبة لعقيدة القومية والعروبة، وحقائق الحرية والوحدة.
-لم تجرفنا الحزبية المصطنعة بأجهزة الدولة والأمن، ولم تجرفنا موجة التمذهب السياسي والنبش في الكتب الصفراء لتبرير القتل والارهاب.
-لم نرفع شعارات الاشتراكية التي اصبحت «موضة» نصف قرن من التخبط الفكري والاقتصادي، وقد اكتشف اشتراكيون قدماء ان مشاركة القطاع العام للقطاع الخاص في الشركات الكبرى، كان افضل كثيراً من سيطرة الدولة على الانتاج والتجارة وتأسيس المشروعات الكبرى.
..اكتشفوا مثلاً ان الاشتراكية لا يصنعها الموظفون ولا يستطيع الموظفون ادارتها، وان العسكر لم يكونوا تلاميذ لماركس واوين، وان القصة من اولها الى آخرها هي قصة الحكم والسيطرة.
الوطن العربي الآن في حالة انقلاب على نفسه، فقد اكتشف العراقي مثلاً انه يمكن ان يكون شيعياً او سُنيّاً او كردياً او تركمانياً بامتياز، وان تحالفاته الطبيعية ليست عراقية بالضرورة، واكتشف السوري انه محكوم بشبكة معقدة من مصادر الحكم: الطائفة، الحزب، التحالف الاقليمي، وحين ثار وجد انه يحمل الفيروس ذاته الذي يحكمه الحزب والجيش والطائفة.
كل هذه الفوضى الفكرية والاخلاقية لم يكن لها مكان في الاردن، وقد اجرت مؤسسة دولية احصاءات للمشاركين في التواصل الاجتماعي المساندين لداعش، فكانت الاكثرية في الدول التي تقول انها تحارب الارهاب، وان الاردن ليس على الخارطة، اي ان داعش ليست نشطة اردنيا، والملك عبدالله الثاني يزرع العالم شرقه وغربه، ويلمع في خطابه بالكونغرس، وخطابه في البرلمان الاوروبي، وفي زياراته الخاطفة المركزّة المجدية.. اي انه لا يخاف من مغادرة الاردن، ولا يعتقد انه «يمسك بالزمام» طالما ان اجهزة الدولة تعمل.
وحين قرر الملك ان ينفرد بالهجوم الجوي على داعش في سوريا، انتقاماً لمعاذ الكساسبة، «تفلسف» الكثيرون داخل الاردن وخارجه، بأن القائد خرج على نسق: معهم دون ان نتقدم او نتأخر، وتصّرف بشجاعة جعلت الاردني يرفع رأسه، لأن سلاح الجو هاجم بعشرات الطائرات، ولأن حرس الحدود يستقبلون مليون وربع لاجئ سوري، ولأن الناس يدخلون ويخرجون دون قوائم امنية.
الآن يبرز الاردن كقوة سياسية وعسكرية مميزة، دون ان يغيّر شيئاً في تكوينه الذاتي:
-فهو عربي مستعد للمساهمة في تكوين قوى عربية تدريباً واعداداً للعراق ولسوريا وليبيا واليمن، وهو مستعد للعمل المشترك مع كل عربي يريد ان يغيّر بيده لا بالاميركيين، ولا بالايرانيين، ولا بالروس.
-وهو مسلم من حيث حفاظه على الرسالة دون تطرف، ودون قتل ونهب وجواري وعبيد ونكاح الغنائم.
-وهو جزء من التحضّر البشري، والعلم والثقافة وانسانية الانسان.
نكبر ببلدنا كلما اكتشفنا لعناصر قوته وثباته، فقد كنا دائماً ندعو الى: اكتشاف الوطن.

(الرأي 2015-03-30)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات