أزمة الصحف والنقابة والحكومة

ترافق الثلاثاء الماضي مع وقفة احتجاجية للزملاء الصحافيين في "الرأي" مع انتهاء المهلة القانونية بتسديد التزاماتهم المالية السنوية تجاه نقابة الصحفيين، ومن لا يتمكن من التسديد يعتبر، وفق التعديل الأخير على القانون، مفصولا من النقابة "دفعة واحدة"!
ومن المعروف أن صحيفتي "الدستور" و"العرب اليوم" تعانيان من مصاعب مالية تنعكس على التأخر في تسليم رواتب العاملين فيهما.
أي أن الصحافي أصبح مهددا من الجهة التي يعمل فيها التي قد تلجأ لإعادة الهيكلة وفصل الصحافيين وفقدان حماية النقابة له.
أما الحكومة فهي "ساكتة" وبالأحرى "تغني في عبِّها" فمن مصلحتها انبطاح "السلطة الرابعة" بعد ترويض المواقع الإخبارية الإكترونية وإلزامها بالترخيص أو الحجب بعد تعديل المادة 49 من قانون المظبوعات والنشر عام 2012 .
وكما يقول زميلنا "أسامة الرواجفة" يكفي أن تروِّض الخيل مرة واحدة لتبقى مروَّضة للأبد.
أما التلفزيون الحكومي فمع "تقليل العلف" له، مع أن المواطن يدفع تمويله من خلال رسوم مضافة إلى فاتورة الكهرباء، فقد اصبح يكتفي ببرامج وثائقية قديمة وبرامج حوارية لا تكلِّف شيئا وكم أغنية تتغنى بالوطن.
ويتم التفكير حاليا بعمل قناة ثالثة منفصلة عن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون لتكون قناة بث عام بالمفهوم الليبرالي وليس قناة حكومية إضافية. ومع التمنيات بالنجاح للمولود الجديد إلا أن "نيل المطالب ليس بالتمني" برأي أمير الشعراء وبصــوت أم كلثوم.
وبشأن مطبعة صحيفة "الرأي" التي كلَّفت خمسين مليون دينار وهي من أسباب ما يحدث في الصحيفة من أزمة، فيبدو أن متخذي قرار شرائها لم يكن عندهم ما يكفي من معلومات وقدرة على التنبؤ بتراجع سوق الصحافة الورقية في العالم لمصلحة الإعلام الجديد (إعلانا وتوزيعا وفورية في نقل الخبر). أضف إلى ذلك أن كثيرا من الوظائف هنا وهناك كانت امتيازات و"سبوبة" على رأي إخواننا المصريين.
وكان يقال سابقا أنه لا خوف على "الرأي" ما دام هناك أموات فإعلانات الوفيات كافية لاستمراريتها.
أما نقيب الصحفيين فلا يحسد في هذه الأزمة، فهو بين نارين؛ إما إن يبقى يدافع عن مصالح الصحافيين وعدم الموافقة على الهيكلة فلا يبقى أمام الإدارات إلا ترحيل المشكلة للمستقبل ثم تنفجر، أو "السكوت" على إنهاء بعض عقود الصحافيين خاصة من أكملوا الستين عاما، بشرط عدم البدء بالصحافيين أولا.
أما أن تتخذ النقابة مواقف متشددة وعرض بناء خيم احتجاجا كما جرى مــــــع "الــــعرب اليوم" انجرارا وراء قــــــلة لكنــــها ذوو اصـــــوات عالية فلربما يتكرر السيناريو ويتسبب ذلك في تسكير الصحيفة.
أما أموال الضمان الإجتماعي فهي أموال للأردنيين جميعا ومدخرات للمشتركين وابنائهم وورثتهم وليست لدعم مؤسسات خاسرة ويجب التعامل مع استثماراتها بحوكمة رشيدة نؤيدها حسب ما نراه حتى الآن. وعلى ممثلي الضمان الموازنة بين مصالح صندوق الضمان الإستثماري والمسؤولية الإجتماعية للإستثمارات.
وتنفيذا لما ورد في الدستور الأردني "تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة – المادة 15″ فعلى الحكومة أن تعمل على إلغاء الضرائب على ورق الصحف أولا وضريبة القيمة المضافة على المبيعات لأن الصحف تحمي حرية الرأي والتعبير في الأردن وهي أحد وسائله، ولربما يساعد ذلك في حل جزء من الأزمة.
العرب اليوم