مليشيات حشد طائفي يُراد تقديسها!!

تم نشره الأحد 05 نيسان / أبريل 2015 01:57 صباحاً
مليشيات حشد طائفي يُراد تقديسها!!
ياسر الزعاترة

من تابع تلك الزفة التي قامت بها الحكومة العراقية، ومن يتبعها من مراجع في وسائل إعلام ردا على بيان الأزهر حول ممارسات مليشيات ما يسمى الحشد الشعبي .. من تابع ذلك كله سيعتقد من دون تردد أن الأزهر قد مسَّ بجحافل من القديسين، وليس بمليشيات تضم طوابير من العاطلين عن العمل وشبانا جرى تجميعهم بأسوأ أنواع الحشد الطائفي واستعادة الثارات التاريخية.
حين تنشر المواقع العراقية، ووكالة فارس أن عمليات “الحشد الشعبي” تتم تحت راية “يا حسين”، فماذا يعني ذلك غير الحشد المذهبي الذي يستعيد الثارات التاريخية، وماذا عن حشد من الفيديوهات التي تعكس أسوأ أنواع الخطاب المذهبي ضد الصحابة، مع عمليات تعذيب غاية في البشاعة، بعضها نشرته وسائل إعلام أجنبية مرموقة لا يمكن أن تنشر شيئا دون التدقيق بصحته؟!
ويصل السخف بدوائر إيرانية حد الحديث عن أن بيان الأزهر قد صدر بعد دفع رشوة من قبل تركيا، وأحيانا بأموال سعودية، فيما يجري تحريك بعض المشايخ المحسوبين على أهل السنة لكي يتواصلوا مع الأزهر من أجل سحب البيان الذي يُرجح أنه صدر بمبادرة ذاتية من الأزهر دون الرجوع للجهات السياسية التي لا يروق لها إغضاب إيران في هذه المرحلة، وهذا أصلا ما يفسر البيانات الرسمية العراقية، والتواصل مع الخارجية المصرية، فلو صدر بيان مماثل عن هيئة كبار العلماء في السعودية، لما حدث ذلك؛ لأنه موقف متوقع بحسب التحالف الإيراني. أليسوا يقولون إن السعودية تدعم تنظيم داعش؟!!!
اليوم نحن إزاء مليشيات منفتلة من عقالها، وكلما واجهت مقاومة من قبل داعش، أو العشائر، ومنيت بالهزائم وأعداد كبيرة من القتلى، ازدادت دموية، ما يعني أن مناطق العرب السنة التي تقع في مرماها ستكون برسم انتهاكات بلا حصر، وهو ما تبدى في ديالى والعجيل، ومنذ أيام في تكريت. وهذا بالضبط هو سر المواقف الغربية المعبرة عن مخاوف مما يمكن أن يحدث، وبالطبع في سياق من تبرئة النفس في حال وقوع الجرائم (تصريحات بتريوس “صاحب فكرة الصحوات” عن أن تلك المليشيات أخطر من تنظيم الدولة خير دليل).
وفي حين يمكن القول إن حكومة العبادي ليست معنية بتسجيل الكثير من الانتهاكات ضد العرب السنة، وبالطبع لأسباب سياسية تتعلق بالضغوط الغربية من جهة، وبسبب تحالف بعض سياسي العرب السنة معها ضد تنظيم الدولة من جهة أخرى، فإن من العبث الاعتقاد بقدرتها على السيطرة على تلك المليشيات، لاسيما أنها تتمتع بقيادة لها سجل حافل بالقتل والانتهاكات، سواءً تمثلت في هادي العامري وأمثاله، أم في المالكي الذي يوجِّه، أم في سليماني فوقهم جميعا، وهو الذي يريد نصرا بأي ثمن، ولو بعمليات إبادة. وها إن مقتدى صدر يطالب بإبعاد من سماها “المليشيات الوقحة” عن تكريت، هو الذي يدرك أن تلك المليشيات هي أداة إيران في السيطرة على الدولة ومقدراتها.
حتى المناشدات التي تأتي من المراجع الدينية، لا تبدو ذات قيمة، لأن أصل التعبئة المذهبية لن يلجمه شيء، وهم (أي عناصر المليشيات) يواجهون كفرة برأيهم لا بد من إبادتهم بأي ثمن، وكما قلنا تحضر الثارات التاريخية بكل تجلياتها، لكأن استحقاق الأخذ بالثأر قد حان، وبذلك يحضر الحسين، وتحضر السيدة زينب رضي الله عنهما، وغير ذلك من أشكال الثارات التي تُستعاد على نحو محموم.
ينسى هؤلاء جميعا ومن وراؤهم أن ما أعاد الحاضنة الشعبية لتنظيم داعش في مناطق العرب السنّة هي تلك الانتهاكات وذلك التمييز والتهميش الذي مارسه المالكي، وإلا فلماذا لا يكون بالإمكان الآن استعادة تجربة الصحوات كما حدث من قبل، بينما يخرج زعماء عشائر يظهرون ما يمكن القول إن انحياز لتنظيم داعش أكثر من انتقادها، بينما يبايعها آخرون، وبالطبع لأنها تظهر بمظهر من يدافع عن العرب السنة في مواجهة عدوان الطرف الآخر.
لا حل في العراق إلا بالتعايش بين مكوناته، وقد اختار العرب السنة مسار التعايش حين ذهبوا لانتخابات 2010 بكل قوة، لكن الطرف الآخر هو الذي عاد لهوايته القديمة في التهميش والتمييز والانتهاكات، وإذا لم يكن هناك حل عملي، فإن أي تفوق مهما كان على تنظيم داعش هنا وهناك (لا زال محدودا وبثمن باهظ)، لن يكون نهاية المطاف، وستتواصل دورة العنف بلا توقف، والخلاصة أن العراق لن يستقر بتهميش أحد مكوناته، كما أنه لن يستقر في ظل الاحتلال الإيراني أيضا.

(الدستور 2015-04-05)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات