وزارة الصحة.. من حقنا أن نقلق

بعد صمت وغياب شبه تام منذ نحو أسبوعين، خرج علينا أمس مسؤولو وزارة الصحة، للحديث عن تزايد حالات الإصابة بإنفلونزا الخنازير، وتسجيل ست وفيات بالمرض خلال أسبوعين تقريبا. واللافت أمس، أن الوزارة، وكما ظهر في مؤتمرها الصحفي، الذي غاب عنه الوزير لأسباب لا أعلمها، ظهرت كمن "يرش السكر على الموت"!
أمين عام الوزارة د.ضيف الله اللوزي، بيّن لنا أن منظمة الصحة العالمية باتت تصنف إنفلونزا الخنازير بـ"فيروس موسمي"، وأنه لم يعد يشكل خطرا، إلا إن كان المصاب به ضعيف المناعة أو يعاني من أمراض الكلى والكبد، أو الحوامل.
الغريب أن الوزارة اعتبرت أن شكاوى المواطنين تجاه هذا المرض "عبارة عن فزع وخوف من إنفلونزا الخنازير، لا أقل ولا أكثر"، متناسية أن ست حالات وفاة بهذا المرض وقعت خلال أسبوعين فقط! بل وإن عاملين وكوادر صحية في مستشفيات حكومية أصيبوا بالعدوى، رغم أن المؤتمر الصحفي أسهب، أمس، في الحديث عن الإجراءات الاحترازية والوقائية في المستشفيات ضد العدوى بالمرض، وتدريب الكوادر الطبية والتمريضية على التعامل مع المرضى!
لا نجادل في التصنيف الصحي عالميا ومحليا لإنفلونزا الخنازير اليوم، ولا تحديد الحالات الأكثر عرضة للخطر، لكن السؤال الذي يطرح نفسه على وزارة الصحة والنظام الصحي الأردني اليوم، هو: هل حقا أن الإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة في المستشفيات والمراكز الصحية، كافية وملائمة لمواجهة انتشار المرض؟! ولماذا تصاب كوادر تمريضية وطبية بالعدوى في المستشفيات؟
ثم، والأهم من ذلك، وهو ما لفت إليه اللوزي نفسه، أن أهم الأسباب التي تشكل خطرا على المصابين بإنفلونزا الخنازير، هو تأخر تشخيص الحالة. إلا أن ما يتوارد من معلومات وأخبار من مرضى، يشير إلى نوع من الإهمال أو عدم الاكتراث الكافي بالمرضى عند مراجعتهم للمستشفيات، وعدم تقديم التشخيص المناسب للحالات، ما يتركها فريسة للتحول لحالة حادة، قد تصل بصاحبها إلى الوفاة.
فحالة الوفاة التي سجلت أول من أمس في عمان، كانت لشاب في الخامسة والعشرين من عمره، توفي بمستشفى خاص، متأثرا بإصابته بمرض إنفلونزا الخنازير. وقد بين مصدر طبي لـ"الغد" أن المتوفى كان يعالج في مستشفى البشير، وبعد أن خرج منه عادت إليه مضاعفات المرض، فتم نقله للمستشفى الخاص، لكنه ما لبث أن فارق الحياة. أي أنه لم يتلق العلاج الكافي والملائم كما يبدو.
في حالة أخرى، للمعلم محمود الصلاحات من مدرسة عيرا الثانوية للبنين في محافظة البلقاء، والذي نشرت نقابة المعلمين أمس قصته مع الإصابة بإنفلونزا الخنازير، فقد أصيب بنزلة برد شديدة قبل أسابيع، وأنه "خلال مراجعتي لعدة مستشفيات حكومية في اليومين التاليين، لم أستفد إلا الإهمال الطبي بالمسكنات". وأضاف أنه "وبعد الضغط، تم إدخالي في مستشفى السلط الحكومي للعلاج، ليتبين بعد أسبوع من العلاج أني مصاب بإنفلونزا الخنازير".
كما يستغرب المتابع ما فهم أنه تبرير لعدم تأمين وزارة الصحة لمطاعيم ضد إنفلونزا الخنازير. إذ أشار أمين عام الوزارة إلى أنها كانت أتلفت في العام 2010 مطاعيم للمرض بكلفة 9 ملايين دينار، بعد انتهاء صلاحيتها، وعدم إقبال المواطنين عليها! ولم نفهم ما إذا كانت الوزارة تحمل المواطنين مسؤولية خسارة خزينة الدولة لتسعة ملايين دينار!
الراهن الآن، أن كل المطلوب من وزارة الصحة هو التعامل جديا مع انتشار هذا المرض، وعدم "رش السكر على الموت"، وتطوير نظام التبليغ عن الحالات في القطاع الصحي، وتحسين إجراءات وبروتوكولات التشخيص والعلاج للحالات، والاهتمام أكثر بإجراءات الوقاية من العدوى داخل المستشفيات.
(الغد 2015-04-06)