زيارة بايدن للمنطقة .. صفعة جدية للمراهنين على الموقف الامريكي ..
المدينة نيوز - يبدو ان نائب الرئيس الامريكي قد اختصر الموقف الامريكي برمته حيال الصراع العربي الاسرائيلي بالقول ان اسرائيل تأسر قلبه ! وانه يشعر بالسعادة لوجوده بين اصدقائه الاسرائيليين من جهة ، وبين موقفه الداعي لبناء ثقة مع الفلسطينيين والتعاطف معهم بشأن الظروف التي يعيشونها !! والتي تسببها السياسات الاسرائيلية التي تأسر قلب النائب المحترم بالرغم من " الاهانة " التي اعتقدنا ان القادة الاسرائيليين قد وجهوها للسيد بايدن عشية زيارته والترحيب به بالاعلان عن اطلاق مشروع بناء 1600 وحدة اسكانية .
لم يكن الأمر يحتاج الى تدقيق او تقييم للموقف الامريكي المنحاز كما وكيفا مع الغطرسة الاسرائيلية على مدار تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي منذ اكثر من ثمانية قرون ، وبل وتسعى وعبر زيارة نائب الرئيس الى المنطقة لممارسة المزيد من الضغط على الاردن وفلسطين للقبول بالصيغ الاسرائيلية القائمة على الغاء حق العودة للمهجرين من بلادهم والقبول بدويلة فلسطينية تلغي حق تقرير المصير والرضوخ لقرار الاعتراف بالدولة اليهودية الخالصة ، فيما يواجه الاردن ضغوطات توطين اللاجئين ومنحهم الحقوق السياسية كمواطنين اردنيين لوقف المطالبة بحق العودة وهذا ما تم الكشف عنه في لقاء السيد بايدن مع " وسطاء " المشاريع الامريكية في المنطقة في ظل استياء رسمي لم يتم التعبير عنه بعد من اجل حق الضيافة التي يتمتع بها الضيف الثقيل !
ولم تكن كما اعتقدنا وهللنا ان زيارة بايدن للمنطقة ستحمل معها موقفا امريكيا داعما للمفاوضات غير المباشرة او ادانة لبناء الوحدات الاستيطانية الجديدة ، بل كانت من اجل تطمين اسرائيل بوقوف الولايات المتحدة الامريكية الى جانبها في مواجهة الاستياء والرفض الدولي لممارساتها التعسفية في المناطق المحتلة وخاصة ما يتعلق منها بالاستيطان ومصادرة الاراضي وتهويد الاقصى . وتطمينات اخرى تتعلق بمواجهة الخطر الايراني المزعوم .
وفي جانب اخر ، كشفت الزيارة عينها عن اهتمام امريكي بالشِان الداخلي الاردني ومحاولة توجيهه بما يحقق مصالح ليس الولايات المتحدة الامريكية بل اسرائيل بعينها والمتمركز حول ضروة اعداد قانون انتخاب جديد يمهد الطريق نحو حق توطين الفلسطينيين ومنحهم حقوقهم السياسية ويحول دون مطالبتهم بحق العودة ، وكان الاردن ولا زال رافضا لتك الصيغة المقترحه بالرغم من تقليص الولايات المتحدة الامريكية لدعمها للاردن ، اذ لم يذكر السيد بايدن وهو المطلع على الشأن الاردني والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها ادنى اهتمام في هذا الشأن ، بل اعتبر وخلال لقائه بالوسطاء والمروجين للسياسة الامريكية في المنطقة ان الدعم الامريكي مشروط بتلك الموافقة الاردنية التي لا زالت موضع الرفض الرسمي والشعبي الاردني حتى لو دفع ثمنه غاليا .
لم نكن لنتفاءل ابدا كحال الموقف الرسمي الذي استقبل نائب الرئيس ببرود بسبب تصريحاته ومواقفه غير المرضية التي كشفها في تل ابيب ، بل ولم نرحب بتلك الزيارة التي كنا نفهم مغزاها الداعم لاسرائيل وسياساتها التوسعية ، لكن ما استجد هنا هو العمل على تمهيد الطريق نحو مفاوضات غير مباشرة تستجيب للمطالب الاسرائيلية المتعلقة بقبول مشاريع التوسعة والاستيطان والتهويد والقدس والغاء حق العودة وتوطين اللاجئين على حساب الاردن .
لقد مني المراهنون على السياسة الامريكية الجديده " التاريخية اصلا " باحراج ما بعده احراج وصفعة مؤلمة نكاد ان نتعاطف معهم بسبب ما كشفته الادارة الامريكية عن نوايا وسياسات منحازة بشكل اعمى للتطرف والهمجية الاسرائيلية التي تنتهجها مع العرب المتسامحين حد الضرب على الخد ، وخاصة اولئك الذين اعتبروا ان دعم العرب لمفاوضات غير مباشرة كانت ضربة معلم !! وبات الأمر يتطلب اكبر من لقاء لوزراء الخارجية العرب ليس لدعم مفاوضات غير مباشره مع اسرائيل بل للتاكيد ان السيل قد بلغ الزبى وان ما منحه العرب لاسرائيل من معاهدات وعلاقات دبلوماسية كانت غلوا حادا في الاعتقاد بامكانية ان تبادلهم اسرائيل ادنى تقدير .