المشهد التشكيلي في الاردن : هموم وتطلعات الى آفاق رحبة

تم نشره الخميس 16 نيسان / أبريل 2015 02:11 مساءً
المشهد التشكيلي في الاردن : هموم وتطلعات الى آفاق رحبة

المدينة نيوز :- بات مشهد الفن التشكيلي في الاردن يؤدي دورا حيويا في الحياة الثقافية المحلية، لكن كثيرا من المبدعين في هذا الحقل الابداعي وتفرعاته من عناصر الفن الحديث، يتطلعون الى المزيد من دعم واهتمام المؤسسات الثقافية والتعليمية والتربوية والاقتصادية في القطاعين العام والخاص.

وقال رئيس رابطة التشكليين الاردنيين غازي انعيم لوكالة الانباء الاردنية ان الثقافة عموما تظهر وكانها خامسة السلطات فهي تنظم المجتمع، اجتماعياً وسياسياً وفكرياً، وهي كالهواء اللازم لتنفس الناس وهي صدى الأحزاب والكتل والمؤسسات، فضلا عن أنها جوهر شخصية الفرد كعامل حيوي ومبدع.

واضاف ان المثقف الحقيقي يمتلك ادوات الحوار والسؤال والتصويب والتعديل والاقتراح، بل هو حارس حريات المجتمع، وراسم خطوط المستقبل والأفق التربوي والتعليمي، لافتا الى ان صورة الفن التشكيلي لم تعد كما كانت عليه خلال السنوات العشر الأخيرة، ورغم وجود عدد كبير من الفنانين التشكيليين وجلهم تخرج في كليات واكاديميات فنية مرموقة، إلا انه لا شيء تبدّل فوق خارطة الفن التشكيلي الاردني خلال عقد من الزمن.

ورأى ثمة إضاءة هنا، وثانية هناك، وثمة محاولات للتماهي مع المرايا في كل الاتجاهات، إلا أن ذلك لا يشكل ظاهرة يمكن القياس عليها في ميزان ساحة الفن التشكيلي وآفاقه الرحبة، مشيرا الى أن الفنون التشكيلية لم تعد في ذروتها، فليس مهماً في حياة الأمم ان يصل إلى الذروة معظم أبنائها، تكفي نخبة من الالماعات الابداعية .

وبين انعيم ان العمل الثقافي الذي تقوم به المؤسسات مكمل لما تقوم به وزارة الثقافة التي هي بحاجة الى اصلاح علاقاتها مع هذه المؤسسات المعنية أساسا بالثقافة والابداع حتى تستطيع القيام بأداء رسالتها في مواجهة المشاكل والتحديات الحقيقية وهذا يتم بمزيد من الدعم والتشجيع للمبدعين واشاعة وبث ثقافة التنوير .

ويلفت الى غياب الدور الفاعل المامول لوزارة الثقافة وكذلك امانة عمان الكبرى بالمشهد الثقافي المحلي وضآلة ما يقدمه كلاهما من دعم للمؤسسات الثقافية الامر الذي سيدفع الى انحسار الابداع الاردني ويؤشر لهجرة المثقف او بداية لتصحر ثقافي.

ويطالب الفنان التشكيلي الشاعر محمد العامري بوجود استراتيجية واضحة لتسويق العمل التشكيلي والتعريف به، مؤكدا ان على المؤسسات الثقافية القيام بمهامها كما يجب ، مؤكدا ضرورة رفع سوية المشاركات التشكيلية في خارج الاردن بصورة أكثر بهاءً .

وينوه العامري مدير مديرية الفنون في وزارة الثقافة سابقا الى ضرورة وجود مناخات جديدة في ال (جاليريهات) الخاصة من خلال المشاركات والتجديد بالاسماء ، مؤكدا انها لا تعمل وفق خطة مدروسة ، كما طالب بحل مشكلة الجمارك التي تضع التشكيلي الاردني امام عقبات في تنقل السلعة الثقافية.

ويؤكد العامري حاجة الساحة التشكيلية الاردنية لوجود منشورات متخصصة وكذلك تنظيم فعاليات عربية وعالمية في مجال الفن التشكيلي .

ويقول المهندس المعماري الفنان التشكيلي محمد الدغليس إن واقع الفن التشكيلي الاردني يؤكد لنا ان الرواد من مؤسسي الحركه التشكيليه الاردنيه لا نكاد نشعر بتواجدهم على الساحه الا ما ندر، وهذا ما يؤسف له وقد تكون لهم اسبابهم الخاصة، او بعض الاحباط الناتج عن ممارسات من بعض الزملاء التي لا تعجبهم، او نتيجة لقلة الاهتمام والرعاية التي يستحقونها من الجهات الرسميه والوطنيه والمدنيه والاعلامية، واحيانا اوضاعهم الصحيه المتردية.

ويقول الدغليس ان التشكليين الذين لازالوا يعملون بجهد بيّن وواضح، رغبة منهم في اكمال مسيرتهم لمراحل متقدمه من النضج وأحيانا اثباتا الوجود للفنان الاردني على الصعيد العربي والعالمي، ورغم ذلك فإن ما يؤسف أن هذه الفئه التي يقع على عاتقها الانتماء للحراك الثقافي التشكيلي فانني اشعر أن الاقلية منهم تحضر كأفراد في حياد عن العلاقه المهنيه التي يجب ان تصهرهم في بوتقه واحدة، على نحو يخدم الفن التشكيلي الاردني ويساهم في تطويره، عوضا عن حالة التشظي وتفكيك المشهد التشكيلي.

ويرى الدغليس ان الاجيال الجديدة من الفنانين التشكيليين خاصة فئات من بين خريجي الجامعات الاردنية والهواة والموهوبين لديها رغبة عارمة لتقديم اعمال فنية نوعية بغية تشكيل قاعدة عريضة لحركة تشكيليه نشطة وواعدة تمتلك ادواتها الجمالية وسمات تعبيرها الخاصة، لكن للاسف ينقصها من يأخذ بيدها ويوجهها وينتقد اعمالها على نحو بناء ومفيد لتشجيع تلك المؤسسات والافراد على إقتناء اعمال تلك الطاقات المميزة وتسويقها فضلا عن تنوير المجتمع وتعريف قطاعاته بتلك الاشتغالات الساعية الى الارتقاء بالفن التشكيلي الاردني وسائر تفرعاته.

واوضح انه ازاء هذا كله يكون الحصاد التشكيلي المحلي معارض عديدة موزعة على نحو كثيف وطاغ في صالات العرض، لكنها لا تصل لبلوره شخصية او هوية للوحة تشكيلية اردنية جديرة بتمثيل الوطن في الملتقيات العربيه والدولية بالمستوى المشرف والمأمول.

ويبين الدغليس اننا أمام تحديات حقيقية لا بد من ايلائها الاهتمام والانضباط وتوفير البيئه الملائمه لهذا الحقل الثقافي الذي يعكس الوجه المشرق للتطور المتسارع للاردن في سائر الميادين مطالبا وزارة الثقافة بأن تضطلع بدورها في ايلاء هذا القطاع الابداعي المزيد من الاهتمام والتمويل اللائقين.

ومن جانبه يقول الكاتب التشكيلي خالد سامح المجالي لقد انطلقت الحركة التشكيلية الأردنية بداية خمسينيات القرن المنصرم، وقتها لم يكن للثقافة التشكيلية أي أثر ليس في الأردن فقط وانما في الكثير من الدول العربية ودول العالم الثالث، لذا بقيت المحاولات الأولى لتأسيس حراك تشكيلي فردية وقائمة على مبادرات شخصية من عدد محدود من الأردنيين الموهوبين الذين أتيحت لهم فرصة الدراسة في مصر ولبنان وغيرها من المجتمعات المنفتحة والاطلاع على الثقافة الغربية المهتمة بصورة كبيرة في الجانب البصري من الابداع الانساني.

ويقول المجالي لقد بقيت تلك الصورة تراوح مكانها حتى بداية الثمانينات حيث أسست عددا من المعاهد والمؤسسات التعليمية التي أخذت على عاتقها الارتقاء بالذائقة الجمالية للمجتمع وتشجيع المواهب في مجال الفنون البصرية المختلفة، ومن أهمها كلية الفنون الجميلة في جامعة اليرموك ودائرة الفنون في وزارة الثقافة والجمعية الملكية للفنون الجميلة ورابطة التشكيليين الأردنيين.

ويضيف المجالي الا أن الانعطافة الكبيرة والنقلة النوعية المهمة في مسيرة الفن التشكيلي الأردني كانت مع بداية تسعينيات القرن الماضي حيث شهد الأردن مزيدا من الانفتاح وحرية الرأي والتعبير مما سمح بتأسيس عدد من الملتقيات الثقافية والابداعية الخاصة اضافةً الى عدد من صالات العرض التي ساهم بنجاحها وانتشارها اقامة العديد من الفنانين العراقيين في الأردن حتى بلغ عدد تلك الصالات في عمّان أكثر من عشرين صالة لايقتصر دورها على عرض النتاج التشكيلي للفنانين الأردنيين والعرب والأجانب بل عقد دورات حرفية في تعليم الفن التشكيلي بكافة حقوله كالرسم والنحت والخزف وغيرها.

ويؤكد المجالي رغم نشاط وثراء وتنوع الحراك التشكيلي في الأردن، الا أن الفنان التشكيلي الأردني يواجه الكثير من التحديات ولديه مطالب ملحة أهمها ضرورة أن يتجاوز الاهتمام في قطاع الفن التشكيلي حدود العاصمة وأن يمتد لباقي محافظات المملكة التي تفتقر لوجود صالات العرض وللمؤسسات المعنية بالفن التشكيلي، كما أن الفنون التشكيلية على كافة حقولها لا تجد اهتماما كافيا من الجهات الرسمية وعلى رأسها وزارة الثقافة التي قلصت من دعمها لرابطة التشكيليين الأردنيين ولم تستجب لمطالب الفنانين بضرورة عقد ملتقيات فنية عربية وعالمية أسوة بمايحصل في العديد من الدول العربية لاسيما الخليجية منها، وغير ذلك من المطالب التي من شأنها الترويج للمنجز الابداعي للتشكيلي الأردني وتحفيز مبدعيه وبالتالي تسويقه عربيا وعالميا.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات