الزعبي وشاهين يتتبعان "صورة اليهودي" في الكلاسيكين الروسي والانجليزي

تم نشره الإثنين 20 نيسان / أبريل 2015 01:22 مساءً
الزعبي وشاهين يتتبعان "صورة اليهودي" في الكلاسيكين الروسي والانجليزي
كتاب - تعبيرية

المدينة نيوز:-  تتبع متخصصان، شخصية اليهودي في الادبين الكلاسيكيين الروسي والانجليزي، وعاينا بعناية معالم تشكل هذه الصورة "القبيحة" للمرابي والجاسوس فاقد القيم النبيلة، التي تعد قاسما مشتركا للامم والشعوب، وكأن لسان الحال يقول، إن العالم يرى اليهودي بعين واحدة، يشاء التاريخ أن تحكم هذه النظرة اليهودي ذاته حيال الآخر ليتخذ صفة "الاغيار".

الكاتبة كفى الزعبي صاحبة روايات خمس، حفرت عميقا في الادب والتاريخ الروسيين فوجدت اليهودي بخيالات الازدراء لدى كتاب الكلاسيك الذين طبقت شهرتهم الآفاق، وهو ما كانه الحال مع المترجم المعروف حرب شاهين العارف بعوالم القص الانجليزي عبر القرون.

وإذ ترجع أسباب ترسخ الصورة القبيحة لليهودي في الادب الروسي، الى تاريخ العلاقة العدائية غالبا بين الروس واليهود، تستشهد الزعبي بفيض مما يزخر به الفلكلور الروسي من ازدراء وسخرية من اليهودي.

الزعبي قدمت دراستها لصورة اليهودي في الادب الكلاسيكي الروسي، في الندوة التي تنتظم اسبوعيا في رابطة الكتاب باللويبدة، وشارك فيها المترجم حرب شاهين بدراسة عن صورة اليهودي في ادب وليم شكسبير.

الزعبي، وهي تسند بحثها، لفتت الى ما دوّنه المؤرخ الروسي أليك بلاتونوف: " كان اليهود الخزر يمارسون التجارة، وكانوا يغزون المناطق والإمارات السلافية، وينهبونها، لكن جلّ أرباحهِم كانوا يجنونها من تجارة العبيد الذين يجلبونهم من الأراضي السلافية. كانوا يأسرون السلافيين من أجل بيعهم عبيدا، أما الفتيات والغلمان والأطفال فقد كانوا يأسرونهم لغايات الدعارة والحريم. لقد أخضع اليهود قبائل سلافية لسيطرتهم وأجبروها على دفع الجزية".

بلاتونوف يورد "حكايات ملحمية تختزل الصراع بين السلافيين الوثنيين وامراء اليهود الخزر، لعل أهم هذه الملاحم الشعبية هي "إيليا مورمتس" الذي صرع العملاق اليهودي الخزري"، حسب الزعبي.

أمّا المترجم شاهين فيكتفى بأدب وليم شكسبير الملحمي أنموذجا للكلاسيك الانجليزي الذي انبنى على كتفي صاحب مسرحية "تاجر البندقية" و "عطيل" و"هنري الرابع" التي يقول فيها الأمير موبخا فواستاف الشره: "أنت أحمق، كانوا موثقين، كل واحد منهم، وإلا فأنا يهودي ابن يهودي".

تغوص الزعبي في اللغة الروسية، فتدفع بمفردتين تعنيان اليهودي "الكلمة الأولى "جيد" ذات الأصل اللاتيني (judaeus ) لكنها في اللغة الروسية لا تعني اليهودي فقط، بل تحمل ظلالا تحقيرية شديدة، إذ تنطوي في مضمونهاعلى سمات شخصية اليهودي وصفاته: البخيل والجشع والمرابي. لهذا فإن كلمة "جيد" تعني اليهودي وتعني الشتيمة والإهانة بالقدر نفسه. أما المفردة الثانية فهي كلمة "يفريه" ، وتعني اليهودي أيضا إنما من دون ظلال تحقيرية واضحة".

وحسب الزعبي، فإنه حتى نهاية القرن الثامن عشر، بقيت كلمة "جيد" هي المتداولة، على المستوى الشعبي والثقافي وفي التعاملات والوثائق الرسمية، إلى أن ألغتها الامبراطورة يكاترينا الثانية بطلب من تاجر يهودي نافذ، لافتة الى أن هذه الكلمة بقيت حتى مطلع القرن العشرين متداولة شعبي وصحافيا وأدبيا.

وقالت "ان الغالبية العظمى من الاعمال الأدبية الكلاسيكية الروسية لم تخضع لرغبات اليهود ولا للمراسيم الحكومية بل ظلت تسمي اليهودي ب "جيد".

أمّا في الحرب الوطنية الكبرى التي خاضها الشعب الروسي ضد غزوة نابليون بونابرت مطلع القرن التاسع عشر، فقد عمل كثير من اليهود جواسيس في هذه الحرب، وفي غالبية الأحيان لصالح الغزاة الفرنسيين، حسب الزعبي.

ومن بين اهم الاعمال الادبية التي زخرت بظلال الشخصية اليهودية واسقاطاتها، تبرز المسرحيته الشعرية "الفارس البخيل" للشاعر الروسي الاشهر الكسندر بوشكين، اضافة الى الشاعر ميخائيل ليرمنتوف، الذي يظهر اليهودي في قصائده مرابيا جشعا وضيعا، والروائي ايفان تورغينوف، الذي خصص قصة طويلة، شرح وحلل فيها سمات هذه الشخصية وجشعها وحقارتها، منتقدا إياها نقدا لاذعا وقاسيا، حتى أنه لم يراوغ في العنوان فسماها اسما مختصرا ومكثفا : الجيد! ( اليهودي ).

الزعبي أضافت ان ملك الاستهزاء الروسي نيكولاي غوغل "كان من أشد المعادين لليهود، لدرجة أنه لم يصفهم في كتاباته إلا بكلمة جيد. لم يستعمل كلمة يهودي إطلاقا. من أهم أعماله التي يتناول فيها اليهود ملحمته التاريخية "تاراس بولبا".

أمّا الشهير انتون تشيخوف، فتلحظ الزعبي أنه "خالف المألوف بخروجه عن خط الكتاب الروس في تجسيد السمات اليهودية في شخصية رجل، ذاهبا في قصتة القصيرة "تينا" إلى تصوير البخل والجشع والخبث اليهودي عبر شخصية سوزانا اليهودية التي ترث عن أبيها معمل الفودكا مثلما ترث ديونه. يتوافد إليها الدائنون لكنها ترفض بدهاء رد الدين لهم عبر إغوائهم، ليس بجمالها ـ كما يقول أحد أبطال القصة ـ ولا بعقلها، بل بجشعها ونفعيتها".

وقالت ان الكاتب الروسي الشهير فيودور دستويفسكي، أُتُّهِم في القرن التاسع عشر من قبل اليهود الذين كانوا يملكون سيطرة كبيرة في الاقتصاد والاعلام ودور النشر، بكرهه لهم ومعاداته للسامية، مما دعاه للكتابة والرد عليهم في مقالة طويلة حول المسألة اليهودية، فضلا عن تعليقه في أكثر من مكان في يومياته، على السلطة التي بات يحظى بها هؤلاء اليهود. ودللّت الزعبي بمقالة طويلة بعنوان "المسألة اليهودية" يقول فيها دستويفسكي: "لم أر في حياتي شعبا يتذمر ويشكو ويتبرم من عذاباته ومن مصيره ومن احتقار الاخرين ونبذهم له، كالشعب اليهودي . لكن ، لنتمعن في الأمر: أليسوا هم الآن من يتحكم بالبورصات الأوربية؟ وبالتالي ، أليسوا بذلك هم من يحدد سياسات هذه الدول وطابعها الأخلاقي؟ الزعبي تختتم قائلة :" أظن أن مكسيم غوركي كان واهما حينما صوّر اليهودي بطلا ينقذ الروسي، ذلك أن اليهود الذين شاركوا في الثورة الاشتراكية كانوا هم ذاتهم من عمل على تدمير الاتحاد السوفييتي. هذا ما حاول الكاتب ( السوفييتي ) وهو روسي قومي، الكسندر سولجينيتسن : الحديث عن دور اليهود في الثورة الاشتراكية، ثم دورهم في تحطيم الاتحاد ـ الدولة التي ساهموا في بنائها كي يمحوا من ذاكرة شعبها كلمة "جيد".

من جهته، يسوق المترجم حرب شاهين، في "دراسة تحليلية لوجهة نظر شكسبير باليهود"، مسرحية "هاملت" التي تبرز فيها "شخصيات تقوم بتمثيل أدوار مفرطة العنف في روايات غامضـة تقليدية، وكان يقوم بتمثيلها أشخاص لا يهمهم إلا الربح المادي. أما ترماجنت فهو شخصية شريرة كانت معروفة في مسرحيات العصور الوسطى ، في حين أن هيرود هو الطاغية الشهير الحقود المجرم ، الذي هو ملك اليهود عند ميلاد المسيح" .

وعلى ما يرى شاهين، فان موقف شكسبير من اليهود يتضح في مسرحية "تاجر البندقية" الشهيرة ذات الحبكتين: الأولى: رومانسية، تتضمن العشاق والجواهر. الثانية: النذالة والخسة والدناءة والحقارة، التي يتسم بها اليهودي شايلوخ ،بما في ذلك من دوقيات ورطل من اللحم.

اعتبر شاهين انه "يمكن أن نضيف حبكة أخرى ، برزت بوضوح، وهى وجود شكسبير نفسه في الجانب المسيحي، مع أنه لم يكن متديناً، مدافعاً عن المسيحي إزاء اليهودي القذر ، الذي قسا قلبه ولم يشف غليله إلا رطل لحم من ذلك المسيحي، النبيل أنطونيو".

واوضح أن" يهودي شكسبير، يدعوه الناس بالغول ، ويقدمه لنا الشاعر شخصية، كاملة الشعور ، تتصرف بوعي كامل ، تحكمها نزعة شريرة، أشبه بطفل ينتحب إذا ما فقدت شيئاً ، وعندما يُؤذى يولول وينشج، وهو يحاول أن يقفز عنها ، وعندما يكون قوياً يعربد ويسخر من عدوه، فهو يجمع بين صبي صغير ويهودي نذل".

(بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات