من يتحمل مسؤولية إنهيار مؤسسات القطاع العام
نستهل هذه المقالة بما أكده رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور وذلك عندما أشار في تصريحات صحفية بل عندما أعترف برحيل الكثير من الإستثمارات من الأردن؟ ومن الغريب أن النسور أعترف بذلك دون أن يقدم مبررات مقنعة لأسباب توجه هذه الإستثمارات لمناطق أو دول عربية أخرى بل لم يطرح أي حل من الحلول من شأنه أن يضع حدا لهذا النزيف الخطير في الإقتصاد الوطني القضية برمتها ذات خطوط متشابكة ومعقدة غاية التعقيد بل عبارة عن خريطة مليئة بالرموز ومن أبرز هذه الرموز الفساد بكافة أشكاله الذي مكن بعض أصحاب النفوس المريضة من نهب مقدرات الوطن تحت مظلة الحماية الرسمية والغريب أن مثل هذه الحالات تكررت فيما تلوذ الحكومات في الصمت وماكان صمت الحكومات ينبع من فراغ حيث أن الفساد في الأردن هو فساد مؤسسي وليس مجرد حالات فردية والأعجب من ذلك كله أن من يقدمون على إرتكاب هذه الجرائم بحق الوطن هم من المتنفذين كان للأردن تجربة مرة في خصخصة القطاع العام حيث كان من المفترض أن تجلب الخصخصة معها كافة الحلول لمشكلات المؤسسات في القطاع العام المتعثرة وبدلا من ذلك شكلت الخصخصة وبالا على إقتصاد الدولة حيث أن المؤسسات التي كانت تحقق أرباحا كبيرة أصبحت في ظل الخصخصة مؤسسات منهارة تبحث عن من يمد يد المساعدة لها ولكن فات آوان ذلك فقد دفع المواطن ثمن ذلك كله وثمن إستهتار الحكومات المتعاقبة وعدم منح هذه القضية الإهتمام المطلوب. وعلى مرأى ومسمع هذا الحكومات كان القطاع العام عُرضة للنهب بل تمادت الحكومات لتزيد من تعقيد هذه المعضلة عندما رصدت مبالغ فلكية للوحدات المستقلة ومنحت لنفسها مسوغا غير قانوي بصرف رواتب خيالية لمن يعملون في مثل هذه المؤسسات وذلك في ظل غيبة الرقابة الحقيقية على المال العالم وتتضح معالم المشكلة الإقتصادية عندما نمعن النظر والتأمل في الإجراءات البيوقراطية المتبعة في التعامل مع الإستثمار والمستثمرين الذين قدموا من مناطق مختلفة من العالم لضخ أموالهم وإستثماراتهم في الأردن وماكان هؤلاء المستثمرين يقدمون على مثل هذه الخطوة إلا بعد أن سمعوا أو علموا الكثير عن التسهيلات التي تقدمها الدولة للمستثمرين . ولكن عندما قدموا لأردن أصطدموا بحقائق جديدة وكان كل ماسمعوه عبارة عن شعارات وحبرا على ورق أو مصائد وشباك للإيقاع بهم حيث يواجهون الروتين القاتل وتعدد مرجعيات مؤسسات الدولة وقبل أن يباشر المستثمر القادم الى هذا البلد في البدء بمشروعه يعاني الأمرين من بطئ الإجراءات الحكومية إن لم نقل أنه أصطدم ببعض أصحاب النفوس المريضة الذين كانوا يطلبون الرشاوي لإنجاز المعاملات وكان البعض منهم يدفع الرشاوي من أجل إنجاز مشروعه فيما البعض الآخر كان سرعان مايغادر الأردن متوجها الى دول أخرى يجد فيها كل التسهيلات الممكنة وكان محصلة ذلك شيوع ثقافة الفساد وكان لمثل ذلك الأمر نتائج وخيمة على منظومة القيم الإجتماعية حيث أن المسؤول الذي يحصل على الرشوة من السهل عليه أن يقترف جرائم أكثر بشاعة من هذه الجريمة خلاصة الأمر أن الكثير وقع في هذه المصيدة بينما أتضح أن محاربة الفساد ماهو إلا شعارات تتشدق بها الحكومات المتعاقبة بل الأخطر من ذلك أن الكثير من الدول المانحة قد أمتنعت عن تقديم المساعدات للأردن بسبب إستشراء الفساد وأتبعت أشكالا وصورا مختلفة إذا كان لابد من تقديم المساعدات ومن هذه الصور وضع الإشتراطات المسبقة وربط المساعدات بتنفيذ المشاريع وسط وجود رقابة من هذه الدول المانحة... أين نحن ذاهبون ...وماهي النتائج الأكثر خطورة..بل فأن القادم أسوأ