حاملو الشموع...سلاماً

تم نشره الأربعاء 24 آذار / مارس 2010 11:08 صباحاً
حاملو الشموع...سلاماً
يحيى القيسي

قبل أربع سنوات تقريباً غامرت بترك وظيفتي في وزارة الثقافة في  ظلّ ذلك الحماس الذي كان سائداً حينذاك بإنشاء محطة تلفزيونية أردنية ذات بعد عربي ودولي، لا تستند إلى تجربة التلفزيون الأردني كمثال لها، ولا تقارن مستقبلها بها، بل تمضي باتجاه آخر تحت اسم " إي تي في " مستفيدة من الخبرات الإعلامية الأردنية التي تمّ استقطابها من الخارج، أو حتى من التلفزيون الأردني نفسه، ومن احدث التقنيات المجلوبة خصيصاً لها، لعلها أخيراً تحقق للبلد سمعة عربية ودولية في مجال الإعلام التلفزيوني بشكل احترافي..!
كنا نعمل كفريق واحد في شتى الأقسام والإدارات نسابق الليل بالنهار من أجل إعداد البرامج والأخبار والتخطيط والتدريب وانجاز قاعدة بيانات، وبدأت بالفعل تلك الخبرات تتساوق معا في انسجام من أجل بلورة عدد من البرامج السياسية والاستقصائية والوثائقية والترفيهية والرياضية الموجهة إلى كل أفراد العائلة إضافة إلى الأخبار على مدار الساعة أيضاً، ولكن ثمة ما كان يدبر بليل للإطاحة بهذه التجربة ووضع العثرات في طريقها، ولست هنا في معرض شرح ما جرى، ولا الإشارة إلى جهة ما مسؤولة عن ذلك، فقد اختلطت الأوراق مراراً، وسمعنا تصريحات متضاربة من هنا وهناك، وإلى اليوم نعيش في حيرة مما يجري، والمهم أن ضحايا التوقف الأول للمحطة قبل نحو سنتين في المرة الأولى، وهذه المرة الثانية هم الإعلاميون العاملون على المستوى الشخصي والمهني، أما الضحية الكبرى بنظري فهي فقدان المصداقية لإنشاء محطة تلفزيونية متميزة في الأردن وقادرة على التنافس عربياً..!
في المرة الأولى حملنا الشموع واعتصمنا بعد أن مرت علينا أشهر قاسيات وقعنا فيها أسرى الآمال الخادعة، فمنا من ترك عمله، ومنا من بقي يأمل بتغير المشهد وإغلاق ملف التردد إلى الأبد، وآخرون انسلوا بهدوء محبطين، وتركوا العمل التلفزيوني نهائياً، وهناك مذيعات نسيهن المشاهدون من طيلة الانتظار، وبرامج أصبحت من الماضي، ولا تصلح للبث، ثم نهضنا مثل طائر العنقاء من جديد محاولين طي صفحة التعثر، وتسللت أنا أيضاً باحثا عن رزقي في مكان آخر ووظيفة أخرى لا علاقة لها بالأولى، وها هي الأخبار تأتينا تباعاً، إذ يتكرر السيناريو نفسه، اعتصامات في برد الشتاء وحرّ الشمس، والقضية واحدة ولا من مجيب..!
رأيت صوراً تناقلتها المواقع الالكترونية لمن تبقى من أولئك الرفاق القدامى، وهم على قارعة الطريق يضيئون شموعهم، وقرأت تلك التقارير الصحفية التي كتبت عنهم على استحياء، فشعرت بفيض المرارة وذلك الإحباط الذي استشرى في الجسد الإعلامي من جديد، ولا صوت يجيب أيضاً..!
ليست المسألة متعلقة فقط بتأمين الرواتب وإعادة المفصولين إلى عملهم فهذا حق بديهي ينبغي البتّ فيه سريعاً إذا لا ينبغي العبث بأرزاق هؤلاء النخبة من الإعلاميين والفنيين وعائلاتهم، لكن المسالة برأيي أكبر من ذلك وتتطلب ترميماً حقيقياً لتلك الصورة التي تشوهت لدى هؤلاء الإعلاميين ومن مضى منهم من قبل والمتعلقة بجدية إنشاء تلفزيون أردني مختلف، أو تصديق حصول مثل هذه المشاريع مستقبلاً، فمن يمكنه أن يركن إلى حكاية مثل الاي تي في في المستقبل ليترك عمله أيا كان ويأتي حاملا ذلك الحماس للعمل كما فعلت أنا ذات يوم ...!
هل الكتابة في هذا الموضوع ترف ودون جدوى...؟
وهل هؤلاء الإعلاميون قدموا من بلاد الواق واق أم هم من نسيج هذا البلد يرغبون حقاً في المساهمة بقدراتهم وخبراتهم التي جمعوها ليل نهار في بلاد مختلفة ومحطات تلفزيونية معروفة، فلما جاءوا وجدوا أنفسهم على قارعة الطريق في مهب الريح، ووجدوا كل الآمال الكبيرة وقد تحولت إلى سراب...!
yahqaissi@gmail.com

 




مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات