"حاول مرة أخرى" عرض مسرحي كويتي يؤثث لصياغة الفضاء المسرحي

تم نشره الخميس 21st أيّار / مايو 2015 12:42 صباحاً
"حاول مرة أخرى" عرض مسرحي كويتي يؤثث لصياغة الفضاء المسرحي

المدينة نيوز :- أعاد مخرج العرض المسرحي الكويتي "حاول مرة اخرى" للمخرج الدكتور مبارك خالد المزعل، وتأليف صالح كرامة العامري، تأثيث المكان المسرحي "الخشبة" لينسل من خلالها إلى رؤيا مسرحية تعيد صياغة الفضاء المسرحي إلى أبعاد زمكانية من ذاكرة شخصيات العرض المثقلة بمكنونات اللاوعي المأزومة وسبرها.

من المتعارف عليه أن السينوغرافيا تهتم بتأثيث خشبة المسرح (الميتا مسرح) وتنظيمها وتأطير الفضاء الدرامي وتصويره ووضع مناظره المشهدية وبناء الديكور، وهي فن بمعنى أن السينوغرافي لابد أن يكون له ذوق جمالي وفني في تأثيث الخشبة المسرحية، وأن ينطلق من روح إبداعية في فهم النص الدرامي وتفسيره وخلقه من جديد، وصياغة الرؤية الإخراجية للنص الدرامي المعروض أمام المتفرجين، إذ أن المسرح ليس نقلاً للواقع كما هو ولكنه لحظة ابداع ممتزجة بقراءة فكرية.

وفي رؤيته الدرامية للعرض الذي كان مزجا من صراع ثنائية الاضداد وتصالحها، البراءة والذنب الثواب والعقاب التعفن والتطهر، وقدم مساء الثلاثاء، على المسرح الرئيس في المركز الثقافي الملكي ضمن مهرجان ليالي المسرح الحر في دورته العاشرة، نحا مخرج العمل المزعل في توظيفه لإعادة تأثيث خشبة المسرح من خلال إنشاء مستويين إضافيين بسلالم متحركة في عمق الخشبة فصل بينهما والخشبة ستارة شفافة سوداء لخلق فضاء افتراضي لذاكرة الشخصيات لاسيما السجينة، لتشكل محمولات درامية تتسق مع الرؤية الشمولية للفضاء المسرحي واحداث العرض.

العرض المسرحي "حاول مرة أخرى" الذي إتكأ على السينوغرافيا واقترب من المدرسة التعبيرية، تدور احداثه في زنزانة ترفض فيها شخصية السجينة (مايا) المحرك الرئيس للعرض والتي أدتها احلام حسن، أن تخرج منها رغم الحاح ومحاولات شخصية المحامي التي أداها الفنان اوس الشطي، واساليبه بـ "لي عنق القانون" حسب تعبيره، اقتناعا منها بانها تستحق ذلك كونها قتلت زوجها الذي كان يخونها مع صديقتها "باتينا" وادتها ارزة حنا.

العرض الذي غلبت عليه المونولوجات والديالوجات السردية المطولة، يستهل مشاهده بتسليط إنارة علوية بيضاء عن سرير يتموضع بشكل قطري يميل باتجاه يسار الخشبة ورأسه في عمقها فيما تجلس على ارضيتها الى جواره شخصية مايا التي غلبها الحزن والانكسار في الوقت الذي تنزل فيه شخصية المحامي ببدلته الانيقة ودفتره وحقيبته السوداء من طابق علوي اليها ويجلس على كرسي خشبي تموضع في الجانب الايمن من منتصف الخشبة ليبدأ حوار بينهما حول امكانية اخراجها من السجن.

ورغم بعض اللوحات التي لم يكن عنصر الاضاءة والتعتيم فيها موفقا إلا انه جاء موزعا بتغيراته ومتسقا مع سياق مشاهد العرض واحداثه مضفيا بعدا جماليا مكملا لفضائه حيث حملت الاضاءة مدلولاتها وابعادها لاسيما الاخضر في لوحة التطهر من العفن، وأتت الاضاءة المتغيرة والمتحركة كتوظيف مطلق لأسلوب عرض الصور الدرامية الصادمة تارة والشاذة تارة والرومانسية تارة والحزينة تارة اخرى، لاسيما تقاطعها عند السرير الذي جمع مايا وصديقتها من تشكيل خطي اضاءة لدلالة على تقاطع قدريهما وتبادل الادوار.

وفق المخرج بتوظيف حركة السرير باتجاه عكس عقارب الساعة في احدى اللوحات متزامنا مع ظهور ظلال طفلة صغيرة تلهو مع بالوناتها في الفضاء الخلف، حين تستذكر فيها مايا طفولتها التي تعرضت فيها للاساءة وهو ماترك في عمقها ندوبا تفتقت في خيانة زوجها مع صديقتها.

مشهدية ظهور الطفلة والام في الفضاء الخلفي كاسترجاع لذاكرة مايا، في ختام العرض، تجلت فيها الصورة الجمالية للسينوغرافيا بمختلف ابعادها ما اوجد توازنا مسرحيا مميزا، حيث تدخلا من خلفية خشبة المسرح الاصلية عابرتان خلف الستارة السوداء التي ينبعث من عمقها ضوءا مثل كوة لا متناهية للامكان لازمها في تواز مغادرة مايا للزنزانة منتحلة شخصية صديقتها وبشعرها الاشقر المستعار والتي حلت مكانها تصارع هواجسها ورعبها، وهبوط القضبان المؤشرة على الزنزانة في المستوى العلوي، الى اسفل وانكشاف المستوى الثالث بظهور السلالم المؤدية اليه دلالة عن الانعتاق من السجن كلها في تزامن واحدة تعد من اجمل لوحات العرض.

وفق المزعل ضمن رؤيته الاخراجية بتحقيق المواءمة الحركية للممثلين من خلال ضبطها كي تتوافق مع الموقف الدرامي للنص المنطوق بالفصحى إلا ان التعبير الجسدي لدى فريق التمثيل، جاء الى حد ما متثاقلا ومخارج الحروف لدى الفنانة احلام لم تكون واضحة، فيما عبرت الموسيقى بمختلف تلاوينها لاسيما الجاز، عن الموقف الدرامي والعاطفي للحدث واتسقت مع سياق نصه المنطوق، مثلما جاء الشكل الخارجي للممثلين من حيث الملابس متوافقا مع المشاهد التمثيلية والمواقف الدرامية وعبرت عنها بوضوح.

وفق المخرج بتوظيف الاكسسوارات كغطاء السرير بوصفه غطاءً للرأس في لوحة استذكار والدة مايا واشباح في لوحة اخرى، ومعطف الفرو للدلالة على الثراء، والدلو النحاسي الفضي اللون بوصفه مكان التطهر وحقيبة المحامي كلجام حصان جامح (المحامي) .

(بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات