ما أحوجنا في اربد الى المتنفسات الطبيعية
![ما أحوجنا في اربد الى المتنفسات الطبيعية ما أحوجنا في اربد الى المتنفسات الطبيعية](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/38132.jpg)
ظاهرة تجمع الأطفال في شوارع اربد والمساحات الفارغة المتاحة من اجل ممارسة اللعب بأنواعه وبخاصة لعبة كرة القدم ليست غريبة على مجتمعنا الأردني عامة وعلينا في اربد الكبرى خصوصا.
وتكثر هذه التجمعات لابل تتكاثر باستمرار في الساحات ومواقف السيارات وفي الشوارع الداخلية وفي أراضي المواطنين والمؤسسات العامة والخاصة قبل إعمارها أو اشغالها بما خصصت له، وفي مواقع مختلفة داخل الأحياء السكنية القديمة منها والحديثة حيث نرى وبكثافة ظاهرة تجمع الأطفال وشباب الحي وقد حولوا تلك المواقع إلى ملاعب لكرة القدم وإلى أماكن للهو وساحات للتنفيس والتهوية والترفيه. وكثيرا ما يتعرض هؤلاء الأطفال الى التأنيب او الملاحظات التي لايحبون سماعها من الاخرين ولأسباب عديدة منها اللعب وسط الشوارع التي يكثر مرور السيارات بها ما يجبر السواقين الى التوقف التام في كثير من الأحيان لإفساح المجال لإبتعاد الأطفال الذين يحتلون الشارع ويعرقلون حركة المرور الطبيعية في هذا الشارع أو ذاك أو في هذا الحي السكني الحديث أو ذاك.
فالأمر سيان في اشغال اطفالنا لمعظم شوارع مدينة اربد التي تحتاج شوارعها الى اصلاح وترميم من اجل ردم المئات من الحفر التي اصبحت سمة تميز اربد عن غيرها من الكثير من المدن ألأردنية الأخرى التي تحرص بلدياتها على مراقبة شوارعها واصلاحها أولا بأول.
ولكن معظم مدننا لاتخلو من تجمعات الأطفال وممارسة اللعب في شوارعها وأزقتها، والغريب أن الأطفال في اربد اصبح لديهم حالة من الشعور ببعض المسؤولية أمام السيارات والمواطنين الذين يعبرون الشارع الذي يستخدمونه كملعب فتجدهم يتوقفون عن اللعب لبضع لحظات تسهيلا لمرور المواطنين حينا ولمرور السيارات على إختلاف انواعها احيانا أخرى، وكثيرا ما يحرمون من اللهو واللعب في ألأماكن التي تعودوا على اللعب فيها لأسباب عديدة منها الإعمار او اشغال الساحات من قبل اصحابها أو لشعورهم ان سكان الحي أو المنازل السكنية المتاخمة اصبحوا يتضايقون من لعبهم في الشوارع فتجدهم يواصلون البحث عن أرض جديدة لم تستغل بعد عندما يقرر صاحب الأرض التي كانوا يستخدمونها للعب والمرح.
ولذلك كما نعلم مخاطر وآثار كثيرة اجتماعية وثقافية وصحية وأمنية وعلى المظهر العام وقد تتسبب في حوادث مؤلمة، ونسمع الكثير من الشكاوى والتبرم من سكان الأحياء والمناطق السكنية لأن المخططين لأحياء المدينة لم يخصصوا مواقع مناسبة لتكون متنفسا في الأحياء السكنية واماكن لتجمع ألأطفال ورئة صحية يتنفس منها السكان هواء نقيا، أو أن المخطط قد راعى ذلك إلا أن يدا طولى امتدت لتستولي على الموقع محولة إياه لأغراض خاصة حارمة سكان الحي من ذلك المتنفس، وما أكثر القصص التي تروى عن ذلك والتي يتم الحديث عنها.
إن الحركة العمرانية المتنامية والمتسارعة والمتعددة في أغراضها وأهدافها وارتفاع عدد السكان الذي يرجع بدوره إلى الهجرة الداخلية المتزايدة والزيادة في عدد الوافدين المتنامي يؤدي الى الازدحام الشديد الذي تشهده شوارع مدينة اربد وتأثيرات ذلك على البيئة وعلى الصحة وعلى النظافة، وكل ذلك يفرض على جهات الاختصاص زيادة مساحة الرقعة الخضراء وتخصيص حدائق ومتنفسات في كل حي سكني تحتوي على ممرات صالحة للمشاة وملاعب تستوعب جميع المراحل العمرية، فالمتنفسات الطبيعية والحدائق الخلابة والمنشآت الترفيهية باتت من أساسيات الأحياء الحديثة التي وبدونها يصبح الحي السكني جسدا بدون روح وهو ما تدعوا إليه التقارير الصحية والبيئية.
لقد ادى الزحف العمراني المستمر في امتداداته إلى عمق المتنزهات الطبيعية والاماكن الجميلة التي كانت مرتعا للأطفال ومتنفسا لالأهالي قبل اربعة عقود خلت، وتم تحويلها الى غابات اسمنتية سكنية ومحال تجارية دون مراعاة احتياجات المدينة الى متنفسات طبيعية وحدائق تفي بالحاجة لعدد اللسكان الهائل قياسا بعدد السكان في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي الى خلل في التخطيط انعكس على سلوكيات الابناء.
ان الاستمرار في ذات السياسة أثار ويثير حفيظة وحنق وإستياء المواطن من هذا النهج وأصبح ينعى ويتذكر تلك المواقع التي افتقدها بألم وحسرة وهو ما يستدعي التوقف عن حرمان المجتمع من تلك المواقع الجميلة التي حبتها الطبيعة لبلادنا والإبقاء وتطوير ما سلم منها وجعلها كما هي متنفسات طبيعية وأماكن ارتياد للناس ووسائل بهجة وترفيه للأسر الإربدية التي اصبحت مجبرة في أيام العطل والراحة الى البحث عن متنفسات لها في الريف القريب والبعيد من مناطق اقامتها .
ففي معظم مدن العالم يتم تخصيص مناطق تتمتع بمميزات طبيعية وغالبا ما تكون محاذية للمناطق الجميلة والتي تكثر فيها الساحات الخضراء أو ينابيع المياه والأنهار ان توفرت لديها.
بلدية اربد الكبرى مطالبة الأن اكثر من اي وقت مضى بتوفير المتنفسات الطبيعية للأهالي من خلال المخططات العمرانية والتجارية الجديدة ليتمكن ألأطفال على ألأقل ممارسة هواياتهم الريضية والحياتية اليومية دون ان يعرضوا انفسهم للخطر ودون ان يضايقوا المارة والسكان والسيارات جراء استخدامهم للشوارع كملاعب ونحن على ثقة ان جميعبدالرحيم غنام
(عبد الرحيم غنام)