خطبة الجمعة المقترحة : ذكرى الإستقلال دعوة للعمل والعطاء وصدق الإنتماء
نشرت وزارة الاوقاف عناصر مقترحة لخطبة الجمعة 22/5/2015 م ، والتي حملت عنوان " ذكرى الإستقلال دعوة للعمل والعطاء وصدق الإنتماء " .
وفيما يلي عرض لتلك المحاور :
يعيش أبناء الوطن هذه الأيام ذكريات حدث كبير يفرض نفسه على الجميع ، هذا الحدث الذي إستطاع الأردن أن يتجاوز كل المعوقات ويخرج منها ظافراً ، وقادراً على تحقيق ما يصبو إليه في المجالات السياسية والإقتصادية والتنموية .
وفي رحاب الإستقلال إستطاع الأردن أن يبني مؤسسات الدولة وينهض بها لتحقيق رسالتها أمناً ورخاءً وسلاماً. فسلام على أولئك الذين صنعوا أمجاد الإستقلال بدمائهم وجهودهم وتضحياتهم، ويقتضي الواجب أن نمضي في هذا الطريق للحفاظ على مكاسب الإستقلال ومرتكزاته .
الوطن هو مهوى الفؤاد وذكريات الإنسان ودار الأباء والأجداد ... وحب الوطن في قلب الإنسان قضية فطرية إنسانية إجتماعية لا يختلف حولها إثنان، وقد جاء الإيمان والإسلام لصقل هذا الحب وتجذيره وربطه بالأجر والثواب بإعتباره طاعه يتقرب بها إلى الله تعالى .
حب الوطن والإنتماء والولاء له يتجذر ويتعمق مع الإيمان ويزداد متانة ويرتقي من حب للتراب والطين إلى حب وطاعة لرب العالمين ، والإنسان بحبه لوطنه إنما يتأسى بسيد البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال عند خروجه من مكة مهاجراً ( والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله وأنت أحب البلاد إلي ولولا أن المشركين أخرجوني لم أخرج منك أبداً ) .
إن الولاء والإنتماء للوطن فريضة شرعية وضرورة بشرية ، ذلك أن الضرورات الخمس التي لا تستقيم الحياة الإنسانية إلا بها والتي تعمل الشريعة الإسلامية على تحقيقها ( الدين، النفس ، العقل ، العرض ، المال ) لن تتبلور حقيقة في حياة الناس بعيداً عن روح الولاء والإنتماء والمواطنة الصالحة .
الولاء والإنتماء أساس المواطنة وبدونهما تصبح علاقة الإنسان بوطنه مجرد علاقة نفعية من طرف واحد ....
ومن معاني الإنتماء والمواطنة إضطلاع كل مواطن بمسؤولياته كافة ، وتحمله للأعباء في سبيل مجتمعه فهذا واجب مقدس في الإسلام ، إذ إن مسؤولية تحقيق الأمن والإستقرار والإزدهار والتقدم مسؤولية جماعية لا فردية .
إن الإنتماء للوطن لا يتوقف عند حدود المشاعر والعواطف فقط وإنما يتجاوز ذلك إلى تقديم أحد أهم الإستحقاقات وهو العمل والبناء وبذل كل ما هو ممكن من أجل نماء ورفعة الوطن وتميزه بين سائر البلدان .
إن الأمم الناهضة لا تعرف في تاريخها أعز وأعظم من يوم إستقلالها الذي نالت فيه حقها وكرامتها وهو نعمة من نعم الله عليها ، ومن الواجب عليها أن تذكر وتشكر نعمة المنعم جل جلاله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) سورة المائدة الآيه ( 11 ) ، وشكر النعمة هنا يتحقق في قوله تعالى : (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) سورة الحج – الآيه ( 41 ) ، فهذه الآية الكريمة بينت شروط ومرتكزات ومقومات التمكين :
أقاموا الصلاة : وهو المحور الأول من هذه المرتكزات الذي يعبر به عن ( نظام العبادات ) .
وآتوا الزكاة : وهو المحور الثاني الذي يعبر به عن المرتكزين الأساسيين في بناء المجتمع ( الإقتصادي والاجتماعي ).
وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر : وهو المحور الذي يعبر عن بناء مجتمع الخير المستقر ومحاربة الفساد مما ينتج عنه قوة ومنعة الوطن .
إن الواجب يحتم علينا جميعاً أن نشكر الله على نعمة الإستقلال والأمن والأمان الذي نعيشه : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ } 3 { الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ) سورة قريش، وأن نحافظ على ثوابت أمتنا ، ومقومات شخصيتها الإسلامية العربية . وأن نستمر في طريق التعمير والبناء والإصلاح ، مصداقاً لقوله تعالى : (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ) سورة الأعراف ( 56 ) .
لا يحقق بلد إستقلاله إلا بوجود رجال يحبونه ، يسعون لخدمته ورفعة شأنه ، فيؤثرون مصلحته على مصالحهم ، ويطلبون إغناءه ولو إفتقروا ، وقوته ولو ضعُفوا ، وصحته ولو مرِضوا ، وراحته ولو سهروا وأَرِقوا ، يحملون الوطن ، ويحملهم . يشعرون جميعاً أنهم في خدمته ، لتحقيق عزته ومنعته .
إننا في بلدنا العزيز ( الأردن ) علينا أن نعي قيمة الإستقلال ، وأن نفهم معانيه ، وأن نسعى لتحقيق مرتكزاته ، وأن يكون ولاؤنا وإنتماؤنا نابعاً من إيماننا بالله تعالى وإلتزامنا بديننا الحنيف .
لقد حبا الله تعالى بلدنا الأردن الغالي ، مقوماً أساسياً ومرتكزاً مهماً ، يزيدنا ولاءً وإنتماءً ألا وهو قيادته الهاشمية الفذة ذلك أنها قيادة كريمة أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالإنتماء إليها والإلتفاف حولها ، فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : ( قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ( أما بعد ، أيها الناس ، إنما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل فأجيبه ، وإني تارك فيكم الثقلين ، أولهما كتاب الله ، وفيه الهدى والنور ، فتمسكوا بكتاب الله عز وجل وخذوا به ، وحث فيه ورغب منه ، ثم قال : وأهل بيتي أذّكَركم الله عز وجل في أهل بيتي ثلاث مرات ) رواه مسلم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً ، أحدهما أعظم من الأخر ، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ) رواه الترمذي .
التفريط بحق الوطن والإهمال بأداء واجباته يجلب العواقب السيئة على المستويين الفردي والجماعي ويجر الوطن إلى الوقوع في الخلل وإنتشار الفساد .
يقع على عاتق كل أسرة العبء الأكبر في غرس قيم الولاء والإنتماء والمواطنة الصالحة لدى أفرادها ، إذ أنها تعتبر الخلية الإجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الفرد ومنها يبدأ إتصاله مع العالم المحيط به .
أخي الخطيب : تقرر أن يكون موضوع خطبة الجمعة تاريخ 22/5/2015 عن ذكرى الاستقلال ، يرجى الالتزام والاستعانة بالمحاور المقترحة ..