الإسلام حل أم عقبة أمنية
"مشكلتنا ليست مع الله, مشكلتنا مع الذين يعتبروا أنفسهم بعد الله"
لاشك ان مراقبة ومتابعة الخلايا الارهابية ومطاردة المتطرفين ضرورة امنية ملحة ، ولكن السؤال الى متى نعتمد على تلك الحلول ذات الامد القصير؟
فالمضطلع من خارج العالم الاسلامي يرى بان الفهم الاسلامي المعاصر في منطقة الشرق الاوسط بشكل خاص يهدد امن وسلامة المنطقة (وفقا للاحصائيات فحوالي 60% من الالمان واكثر من 50% من البريطانيين يرون بان الاسلام يدعو الى العنف واراقة الدماء وقس على ذلك في اليابان والصين)
اليس هذا الفهم الخاطيء للإسلام هو المسؤول الاول في ايجاد داعش والجماعات المتطرفة والتي تنسب نفسها إلى الإسلام فتقوم مثلاً بالعمليات الانتحارية وعمليات القتل والابادة الجماعية ومحاولة اثارة البلبلة والفتن وزعزعة الامن والاستقرار الداخلي للدول بشكل عام ودول منطقة الشرق الاوسط بشكل خاص اضافة الى تدمير الاثار "ويسعون في الارض فسادا" ؟ فما على الجاحد للتأكد سوى أن يرى تفجير بيوت الله والصحابة وعمليات الابادة الجماعية, تواقون لفكرة عبادة الاصنام كي يحققوا امانيهم وغرورهم بان يكونوا انبياء ليكفروا ويقثلوا كما بظنوا بوحي الهي.
وكم ممن يحملون هذا الفكر المنحرف عن الاسلام متواجدين بيننا وحتى في المساجد الاردنية للأسف، فاذكر ان احد ائمة المساجد في أحد ضواحي غرب عمان قضى خطبة كاملة يدعو بها المصلين لهدم مسجد اذا احتوى على قبر مسلم او هدم قبر اذا كان القبر باغيا. فلا تتعجب حين ترى يافع العمر يهدم بيت او مركز تجاري لانه يتبع هذا الفكر بقناعة حقيقية.
الا يتعلم أطفالنا وفلذات اكبادنا في المدارس والمساجد ان الجهاد (قتال الكفار) فرض كفاية؟ واجب على الجميع حتى تقوم به فئة على الوجه المطلوب, (دون توضيح بأن الجهاد يكون في حالات الحرب وتحت ظل قيادة منظمة رسمية تتبع للدولة لا بتشكيل جماعات مسلحة منفردة , يقتلون ويدمرون ويفجرون)
وبالتأكيد تعلمنا ان الحكم في ظل خلفاء المسلمين كان يوازي العدل الشبه المطلق وان دول الخلافة الاسلامية تمثل العصر الذهبي. فلم يخبرونا بان الخلافة الراشدية انتهت بمقتل سيدنا عثمان وغدا حكما ديكتاتوريا وفاشيا في بعض الاحيان يقوم على غزو الاخريين واستعمارهم. حتى في ظل الخلافة الراشدية قامت خلافات بين الصحابة وليس هناك في القران الكريم ما يحدد او حتى ينادي بالخلافة (وهذا قمة الحكمة بان يحدد الامر بمقتضى الظروف بناءا على المبدأ العام وهو الشورى). حجة التعتيم على تاريخنا هو ان لايفتن الناس في دينهم, فلاتتعجب بتقديس بعض الشباب الخلافة وبذبح الناس من اجلها فقد كذب عليهم بافلاطونيتها.
فلا بد من المراجعة واعادة النطر بجرأة وجدية في مضمون المناهج الاسلامية المقررة في المدارس والجامعات وكذلك في الخطاب الديني في المساجد وفي التجمعات بمختلف اطيافها. وفي اعادة تأهيل خطباء المساجد ومدرسي التربية الدينية بشكل منتظم ومراقبة ادائهم باحتراف ومهنية، فيجب ايجاد آلية رقابية وتفعيل هيئة متخصصة للمراقبة ومتابعة الشكاوي بخصوص ما تم ذكره وان يتم تثقيف المواطنين وخصوصا طلبة المدارس والجامعات بواجبهم بإبلاغ الجهة الرسمية (جهة الرقابة) فالخط الاحمر هو من يدعو الى قتل اوعنف او هدم يجب ان يحال الي السلطات القضائية.
والتحدي الاكبر هم دعاة الجماعات المتطرفة وماينالوه من دعم مادي. يجب التصدي لهم باعلاء قدر العلماء المسلميين حفظهم الله وذلك بمختلف القنوات الاعلامية.
وكذلك فتح قنوات التعبير الديني للشباب كالجهاد في سبيل الله من خلال تشجيعهم بالالتحاق بصفوف القوات المسلحة الاردنية الباسلة والأجهزة الأمينة المختلفة وتوضيح مصطلح الجهاد بأنه مصطلح يعني البناء لا الهدم فهو مثلا من خلال طلب العلم أو العمل للوطن والتطوعي خالصاً لوجه الله تعالى من خلال مساعدة الفقراء والايتام وكبار السن واللاجئيين وبناء منازل لهم بدلا من هدم اوطان.
لعل استشهاد البطل معاذ الكساسبة ايقظ بعض الذين تم خداعهم فكريا من قبل الجماعات المتطرفة الاسلامية وكشف زيف تلك الجماعات لهم واعادهم الى المسار الصحيح المتمثل برسالة الاسلام السمحاء، فنعم للاسلام الذي جاء به الحبيب المصطفى اسلام الحق والبناء والسلام والانسانية والعمل الصالح والعلم الشريك والحلقة الرئيسية في البرنامج الامني الشامل.