خطبة الجمعة المقترحة : فضائل شهر شعبان
المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف عناصر مقترحة لخطبة الجمعة 29/5/2015م ، والتي حملت عنوان فضائل شهر شعبان .
وفيما يلي عرض لتلك المحاور :
قال الله تعالى : (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)) سورة آل عمران ، وقال الله تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)) سورة الحديد .
جاء في الحديث الشريف: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات ، فتعرضوا لنفحات ربكم واسألوا الله من فضله " رواه الطبراني في المعجم الكبير ، لقد فضل الله تعالى بعض الأزمنة على بعض, وجعل لها من المزايا ما يحث المؤمن على الحرص على استغلالها, وإن من هذه الأزمنة شهر شعبان، حيث لا يستطيع كائن من كان -كلما داعبه هلال شهر شعبان المبارك في كل عام -أن يمنع نفسه من تذكُّر شهر رمضان الكريم وصيامه وقيامه والأعمال الصالحة التي تتخلله، لا سيما وشهر شعبان هو التمهيد الزماني لشهر رمضان وما فيه من الطاعات، وهو رياضة عبادية للقلب والجوارح على الاجتهاد في الطاعة في رمضان
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) رواه النسائي.
ومن شدة محافظته صلى الله عليه وسلم على الصوم في شعبان أن أزواجه رضي الله عنهن، كن يقلن أنه يصوم شعبان كله، مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شهر غير رمضان، فهذه عائشة رضي الله عنها وعن أبيها تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان. رواه البخاري ومسلم.
ومن حِكم الإكثار من صيام شعبان: ما تضمنه حديث أسامة بن زيد ما بينه صلى الله عليه وسلم من سبب في قوله: "وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" . فهذه لفتة ينبغي على المسلم أن ينتبه لها وأن يعمر وقته بالاستغفار والتوبة والطاعة ..
ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القران، ليحصل التأهب لتلقي رمضان وتتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن، ولهذه المعاني وغيرها كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في هذا الشهر المبارك، ولذلك فإن المسلمون كانوا يجدّون في شعبان، ويتهيأون فيه لرمضان قال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وقال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضا: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان..
جاء في الحديث الشريف أن لليلة النصف من شعبان فضل عند الله سبحانه وتعالى ، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن " ، رواه الطبراني وابن حبان بسند صحيح. ففي الحديث الشريف توجيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يتفقد المسلم نفسه وأن يكثر من الدعاء الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئا أعلمه وأستغفرك مما لا أعلمه " ، كما على المسلم أن يحذر من الشحناء والبغضاء فهي في غاية من الخطورة، فكما جاء في صحيح مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه مرفوعا: " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: انظروا هذين حتى يصطلحا " ، وقد وصف الله المؤمنين عموما بأنهم يقولون: (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)) سورة الحشر، وقد قال بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور وسخاوة النفوس والنصيحة للأمة وبهذه الخصال بلغ من بلغ، وسيد القوم من يصفح ويعفو.
ومما يجب التنبه له عند الحديث عن شهر شعبان ما يتعلق بموضوع قضاء صيام الأيام التي تم الافطار فيها لعذر في شهر رمضان الماضي ، فقد يؤخر بعض الناس القضاء ويتكاسل حتى يدخل شهر شعبان ، ومن هنا فإنه يجب اغتنام ما تبقى من شهر شعبان لقضاء تلك الأيام ونسأل الله تعالى العون والتوفيق وأن يتقبل الطاعات ..
وبمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك فإننا نجد بعض الناس يجد ويجتهد في أن يقوم بأداء العمرة فيه، ويبذل قصارى وسعه وجهده في تحقيق ذلك ، وقد يكون قد أدى العمرة لمرات عديدة، بينما بعض الناس لم يحظ بهذه الفرصة ، فعليك يا أخي أن تؤثر أخاك على نفسك وأن تفسح المجال لمن يؤدي العمرة لأول مرة ، وبخاصة أن السلطات السعودية الشقيقة وبهدف تنظيم موسم العمرة في شهر رمضان المبارك فقد خصصت عددا معينا لكل دولة ، ومن كان يبحث عن فعل الخير والطاعة فإن أوجه الخير والعمل الصالح متعددة ومتنوعة ولا يتوقف الأمر عند أداء العمرة في رمضان ، فسد جوعة إنسان أو قضاء حاجته وتفريج كربته قد يؤجر عليه فاعله بما هو أعظم وأفضل عند الله تعالى، قال الله تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة الحج (77).
