ناديا العالول توقع في كوزمو روايتها الجديدة

المدينة نيوز - خاص - هشام عودة - وسط حضور كثيف وقعت الكاتبة ناديا هاشم العالول روايتها الجديدة "حجاب من نوع اخر" في مكتبة ريدرز بمجمع كوزمو التجاري، الرواية التي جاءت في 500 صفحة من القطع الكبير تدور احداثها على مدى 36 عاما في مناطق مختلفة من العالم، تبدا بمدينة نابلس في الضفة الغربية ثم بريطانيا والاردن والسعودية والصين والهند وفرنسا، وهي احداث مختلفة لبطلة الرواية "سائدة" التي تعيش مأساة أمّتها العربية بعد هزيمة حزيران 1967 ، مارة بالاحداث العربية المتواصلة من سياسية وعسكرية واجتماعية وثقافية.
وعن روايتها قالت الكاتبة ان البطلة تخرج بمحصلة نهائية تؤكد لها ان المشكلة تكمن في عدم "إعمال العقل" وأيضا بسبب التركيز على المظهر دون الجوهر وعلى الشكل دون المضمون، فتضيع الحقيقة بين سراديب المظاهر، حيث تؤكد لها خبراتها المستمرة بأن "حجاب العقل" هو السبب وراء المشاكل الناجمة عن غياب الحوار سواء الفردي او الاسري او الاجتماعي او العالمي، حجاب العقل الذي يمنع صاحبه عن التفكير النقدي الموضوعي.
واضافت ان حجاب العقل لا علاقة له بحجاب الرأس فكم من محجبات مستنيرات وكم من غير "المحجبات" ـ سافرات ـ لا علاقة لهن بالاستنارة والعكس صحيح، فحجاب الرأس الذي تضعه المرأة على رأسها لا يقودها للانغلاق او الانفتاح العقلي، وانما تعتمد الاستنارة على درجة النضوج العقلي نتيجة تشغيل العقل الدائم، ودرجة الاطلاع، وغزارة المعرفة والثقافة كلها تؤدي الى تراكمات تحقق قفزة نوعية نحو درجة عالية من الوعي وبالتالي الاستنارة، مؤكدة ان حجاب العقل لا يخص المرأة لوحدها، كذلك هنالك رجال "محجبون عقليا" سواء ممن يدعون الحداثة ـ التحديثيين ـ او من السلفيين، لان ما نشكو منه كأمّة هو عدم "إعمال العقل" والابتعاد عن التفكير الموضوعي والنقدي، فكأن العقل مغلفا بغطاء سميك لا تخترقه أنوار المعرفة، وغير قادر على مد جسور التواصل حتى مع النفس، فما بال الآخر؟
وعن هوية "الآخر" في الرواية قالت انه يعني الشعوب الاخرى والدول المتطورة والتي بدأت تبرز بشدة في الصراع الحضاري والثقافي، حيث خبرت سائدة هذا الصراع عبر تجاربها المتعددة، المتقلبة بين حجب "جوهرية" واخرى "مظهرية".
وهو بالنسبة لبطلة الرواية يعني الحبيب المجهول الذي رافقها طيفه في حلها وترحالها وفي كل مكان وزمان تتواجد فيه، بحيث لا تخلو الرواية من مواقف عاطفية لحالة حب مستعصية عاشتها "سائدة" بطلة الرواية، أقرب على حالة حب من جانب واحد، حيث مرت بأزمات عاطفية نتيجة هذا الحب المدفون بأعماقها، هذا الحب الخفي الذي نغص عليها حياتها حيث تعاملت مع عواطفها بحزم بغية اخماد حبها والذي طالما تدخل بطريقة غير مباشرة مانعا اياها من رؤية الآخرين من المحبين والمعجبين، لأنها كانت تجري مقارنة داخلية مستمرة بين كل شخص يود الارتباط بها، وبين الاخر، مما يفسد مزاجها ويؤثر على موقفها.
كما تتناول المؤلفة في روايتها جانبا آخر لحجاب العقل الموجود لدى الشعوب المتطورة، حيث يرتدونه اثناء تعاملهم مع الثقافات الاخرى، لانهم يعتقدون وفق وجهة نظرهم بانهم الافضل وغيرهم لا يستحق لان يؤخذ بعين الاعتبار، فتظهر الازدواجية واضحة في تعامل الدول المتطورة مع الدول النامية، حيث يتم تغليب المصلحة على الحق والعدالة، فتتقطع جسور التواصل وينعدم الحوار بين الثقافات نتيجة هذا الحجاب العقلي الذي يمنعهم من رؤية الاخر من الشعوب الاخرى.
واخيرا تؤكد الكاتبة ان حجاب "العقل" هو المسؤول عن سلسلة مستمرة لحالات سوء الفهم لكافة الاشياء المحيطة، وحجاب "العقل" عبارة عن اداة "رمزية" لا ترى بالعين المجردة ولكن يتم لمس هذا الحجاب من خلال سلوكيات واقوال وافعال الافراد والجماعات في الاسرة الواحدة والمجتمع الواحد والشعب الواحد، او من خارجه حيث يمنع حجاب العقل والحجب النفسية الشعوب الاخرى من رؤيتنا ورؤية الاخرين المختلفين عنهم في الجنس واللون واللغة والدين.
فتقع البطلة في صغرها وكبرها ضحية لهذا الحجاب غير المرئي الذي يرتبط بعقول من حولها مغلفا اياها مسببا العمى للبصر والبصيرة لاصحابها فتنعدم الرؤية ويغيب التخطيط وتتخلف البرامج ولا تتحقق الاهداف على مستوى الفرد او الجماعة.
حفل التوقيع الذي خلا من اية كلمات احتفالية بالرواية وصاحبتها، حضره جمهور واسع من مختلف شرائح المجتمع، فيما اشار متابعون ان الرواية التي صدرت بدعم من وزارة الثقافة ربما تحمل بين صفحاتها شيئا من السيرة الذاتية للكاتبة التي تتشابه مع بطلتها " سائدة" في كثير من محطات الحياة.