العموش يرصد في "التلعة" تحولات القرية الاردنية

المدينة نيوز- خاص - هشام عودة - قال الزميل الروائي حسين العموش ان "التلعة" هو اسم افتراضي للقرية التي تدور فيها احداث روايته الصادرة حديثا، وان القارئ قد يجد ما يتشابه مع هذه القرية في مواقع اخرى من جغرافيا الوطن، مستدركا بانه استعار عين الماء وشجرة البلوط من قرية العالوك، فيما استعار شكل البيوت والسناسل وطبيعة الارض من قرية "حمنانة" القريبة من مدينة المفرق، في وقت اختار لقرية التلعة موقعا افتراضيا قريبا من مدينة جرش بسبب ما تملكه هذه المدينة من عمق تاريخي ملموس، وهو يرى في الرواية اضافة نوعية للمكتبة الاردنية والعربية التي لم تتناول من قبل مثل هذه التحولات في مجتمع القرية الاردنية.
وقال العموش ان احداث الرواية تدور في عقدي الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي، وهي محاولة لرصد التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها القرية الاردنية في تلك المرحلة الزمنية التي تميزت بحراك ًمختلف، لعل ابرزه معارك الدفاع عن فلسطين، ودور الاردنيين في هذا الصراع، بما يعنيه من موقف قومي اصيل جسدته العديد من الشخصيات، في مقدمتها شخصية جبر الذي استشهد وهو يقاتل في فلسطين دفاعا عن عروبتها، وكذلك شخصية الدكتور عبدالله الذي درس في القاهرة وتطوع مقاتلا في معركة السويس عام 1956، ومحاولة اقناعه، بعد عودته، لاحد اقاربه في القرية باطلاق اسم "عبدالناصر" على ابنه المولود حديثا، في وقت شهدت فيه الشوارع العربية مدا قوميا ملحوظا في تلك المرحلة من حياة الامة.
العموش في روايته الجديدة يذهب للتعامل مع العشيرة كاطار مهم في بناء النسيج الاجتماعي وتماسكه لاهل القرية، لكنه في الوقت نفسه ذهب الى ادانة دور السلطة الاجتماعية، متمثلة بكبير القرية الشيخ مجلي الذي راى في طروحات الدكتور عبدالله وغيره من دعاة التحديث والتغيير ما يعرض مصالحه للخطر، فاستنفر قوته الكامنة ضد هذه الافكار، الامر الذي ادى الى هزيمتها، لكنها على المستوى الفكري والدرامي لم تنسحب من المعركة، فالصراع ما يزال قائما كما يقول المؤلف، وهذا ما يمكن توضيحه بشكل جلي في الجزء الثاني من الرواية في حال صدوره، ورفض الكاتب الانصياع لمقولة ان الخير يجب ان ينتصر في النهاية، معترفا بان المعركة مع الشر ما تزال مستمرة وهي مفتوحة على افاق متعددة.
واكد ان المرأة اخذت دورا ًمهما بين صفحات الرواية، رغم ان احداثها تدور في محيط عشائري متشدد، لافتا ًالى دور عائشة، حبيبة الشهيد جبر التي "ماتت حبا" عليه بعد استشهاده، وكذلك ادانة الرواية لما يمكن تسميته بجرائم الدفاع عن الشرف، حين اقدم اب على قتل ابنته دفاعا عن شرف العائلة، ليكتشف بعد موتها ان ابنته بريئة، وهي دعوة من الكاتب لاعادة النظر في التقاليد والعادات التي تقوم باصدار احكام سريعة دون الاستناد الى ادلة مقنعة.
واعترف العموش بسطوة اجواء الحزن على روايته مبررا ذلك بتوالي الهزائم والانكسارات التي عاشتها الامة في تلك المرحلة منذ عام 1948، وهي حالة انعكست على الذات وعلاقته بالاخر، لكن الراية البيضاء غابت عن الاجواء بانتظار جيل جديد يعيد الامور الي نصابها وينجح في تحرير فلسطين والانتصار لعروبتها، وهو أمل حاول الكاتب بثه من خلال سطور روايته .
ومن المفارقات التي جاءت في الرواية كما يقول كاتبها انه اكتشف بعد الانتهاء من كتابتها ان عددا من اسماء شخوصها قدمت سلوكا يعكس ما تعنيه اسماؤها تماما، فعلى سبيل المثال ان عائشة ماتت مبكراً، وان عارف لم يكن معنيا بما يدور حوله، وهكذا، وهي حالة لم تكن مقصودة عند رسم تلك الشخوص وتحديد حركة اتجاهها في مسار الرواية، وتمنى ان ينتبه كتاب الدراما لهذا العمل فهو يمتلك مؤهلات كاملة لتقديم صورة درامية واضحة عن حياة القرية الاردنية قبل اكثر من ستين عاما ً.
الرواية التي جاءت في 164 صفحة من القطع المتوسط، وتمددت حركة ايطالها على خمسة عشر فصلا ً، هي العمل الابداعي الاول للزميل حسين العموش، الذي اصدر من قبل كتابا عن علم النفس السياسي والاعلامي بالاشتراك مع الدكتور محمود الخوالدة، ويدرس الان في عدد من الجامعات الاردنية، وهو عضو في مجلس نقابة الصحفيين وعضو في رابطة الكتاب، وروايته التي حظيت بدعم وزارة الثقافة صدرت قبل ايام عن مطابع الدستور .