"تذويب الزوائد" في الوزارة ... الوفر والنتائج
ضمن المسارات التصحيحية التي عملت عليها وزارة التربية والتعليم خلال الفترة السابقة وحأولت من خلالها التخلص من الاختلالات الوظيفية فيها هو : إعلانها عن مشروع "تذويب الزوائد الإدارية" ، والعمل على نقل ما يقارب (5000) إداري من مركز الوزارة ومديرياتها إلى الميدان ليعملوا كمعلمين ، وهذا الأمر قد لاقى استحسانا كبيرا ، على افتراض أن هذا المشروع سيعمل على تخفيف عدد الشواغر الوظيفية المطلوبة داخل الوزارة وسيقلل من حجم "البطالة المقنعة" في بعض دوائرها ، إلا أن هذا القرار – كغيره من القرارات الإدارية التي ناقشناها في سلسلتنا هذه – يحتاج مراجعة متأنية للوقوف على النتائج .
فمن المعلوم للجميع أن مهنة التعليم لا تتعلق فقط بالتخصص الأكاديمي بقدر تعلقها بجملة من المهارات المعرفية والمسلكية والخبرة الميدانية ، فعند تطبيق هذا القرار لم يتم مراعاة ذلك ، فبعض هؤلاء "المذوبين" لم يدخل غرفة الصف سابقا من بداية تعيينه ، ومئات آخرين كانوا إداريين لأكثر من عشرة سنوات ولم يدخلوا الحياة المدرسية أو الغرفة الصفية ولم يلموا بمتطلباتها الحديثة ، ومع ذلك نقلوا إلى مهن تعليمية مباشرة ودون التعرض لأدنى تدريب أو حتى تهيئة فنية ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر لو جمعنا هذه الأعداد مع نتائج قرار إلغاء بعض مسارات التعليم الثانوي – الذي طرحنا حيثياته في الحلقة السابقة وتنأولنا مناقشة بعض الحلول المطروحة من قبل الوزارة لمعلمي المسارات الملغاة بتحويلهم إلى إداريين مرة أخرى – نجد أن الوزارة تعود بنا مرة أخرى للمربع الأول ، وكأن شيئا لم يكن ، بل على العكس تماما ، فالنتائج المرجوة لقرار "التذويب" قد فقدت أثرها بعودة 1700 من المعلمين بلا مهام ، وتحويلهم إلى وظائف إدارية ، فكانت المصيبة أكبر .
ناهيك أن تطبيق الوزارة لمشروع "تذويب الزوائد" في مرحلته الأولى كان دون أسس مكتوبة ودقيقة ، ونفذ بطرق متفأوتة بين المديريات ، فبعضها لم تنفذ القرار بشكل كامل أو حتى فعلي ، وبعضها الآخر كان النقل صورياً ، فغدا المشروع عنوانا بلا مضمون حقيقي ، مع ملاحظة أن عملية نقل العديد من "المذوبين" كان إلى جملة من الأعمال غير مؤهلين لها أصلا ، وليس بناء على شواغر حقيقية أوحاجات فعلية .
إضافة إلى ذلك ؛ ما صدر من قرار لوزارة التربية والتعليم – والذي كانت صبغته تخفيض النفقات الحكومية – بالاعتذار عن ترشيح موظفيها لشواغر الملحقيين الثقافيين "وعددها 7 وظائف" فحولتها الحكومة لوزارة التعليم العالي ، وبذلك حُرم موظفو الوزارة من الترشح لهذه الشواغر ليتنافس عليها زملاءهم في "التعليم العالي" ومن درجات وظيفية أقل ، ومثل هذه الشواغر ينتظرها ويتمناها أبناء وزارتنا كحق واستحقاق لهم دون غيرهم ، مما ألقى بظلال سلبية على اهتمام الوزارة بحقوق ابنائها ، علما أن الوزارة تراجعت حاليا عن هذا القرار وستسمح للترشح لشاغر واحد الآن كملحق ثقافي في "البحرين" ، كل هذا في عودة – مرة أخرى – عن قرار سابق اتخذ بالطريقة الإدارية ذاتها .
وما زالت الأسئلة التي تدور في الذهن : إذا تم بالفعل "تذويب" (5000) موظف من العمل الإداري إلى ميدان التعليم – كما صرحت الوزارة سابقا – فلماذا ما زال لدينا شواغر تعليمية حتى الآن ؟؟ ولماذا ما زالت الوزارة تطلب تعيينات جديدة من قبل ديوان الخدمة المدنية ؟؟ ولماذا ما زال هناك الالالف ممن يعملون على حساب التعليم الإضافي سواء بشواغر دائمة أو مؤقتة ؟؟ .