الحرية الإعلامية والمسؤولية الوطنية
![الحرية الإعلامية والمسؤولية الوطنية الحرية الإعلامية والمسؤولية الوطنية](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/39366.jpg)
عند حديثنا عن الإعلام بكل مكوناته وفروعه وامتداداته سواءً كان مقروءً أم مرئياً أو مسموعا.. وعن حريته وأهدافه المرجوة .. وعن بعضاً من الإشكالات أو التجاوزات التي قد تسئ إلى سلطة الرأي من بعض الوسائل التي تدعي العمل المهني .. والتي تقحم نفسها في أمور خارجة عن نطاق الانتماء والولاء .. لا لشي إنما من أجل عوائد ربحية وكسب غير مشروع يسئ إلى وحدتنا وتماسكنا وتعاضدنا في بلوغ أهدافنا الوطنية في بناء الأردن الأنموذج والأمثل في الممارسات الديمقراطية التي تحمل في ثناياها صورة ناصعة لتطور وسائلنا الإعلامية بما يرقى إلى درجات متقدمة في العمل الصحفي الراقي المعبر عن واقعنا المتقدم مواكبه لروح العصر .. إذ يتمثل ذلك في وجود عقليات فكرية وإعلامية نباهي بها العالم ونفخر بوجودها .. فهي التي حملت شرف الرسالة بكل عزم وهمة ومسؤولية .. ولكننا نخشى عليها من المتلونين بأسمائهم فعند الحديث عن ذلك لا بد من إيجاد صيغ وضوابط تنظم العمل الإعلامي .. لذلك نجد أن البعض قد يتخوف من ذلك معتبراً إياه تقييداً لحرية التعبير وخلافاً لمنهج الرأي الصريح .. وكبتاً للحريات الصحفية .. متناسيا بذلك أن البعض قد يستغل ذلك لتمرير مآرب شخصية وفق أجندة مشبوهة تسئ لسمعتنا ومكانتنا بين الشعوب والأمم وخاصة .. عند بعض ما يسمى بالإعلام التفاعلي .. الذي اختار البعض من خلاله خطاً مغايرا لقضايا بلده ووطنه .. فعمل على فتح المجال لفئة متسلقة هدفها فقط تقزيم مهنة الصحافة وإبعادها عن أهدافها وتجريدها من خطها الحقيقي الذي يجب أن يقوم على خدمة قضايا الوطن والمواطن .. لذلك دعوني أتسأل : فما هو المانع الذي يمنعنا من إيجاد مشروع قانون وطني يعد من قبل المسؤولين الإعلاميين الرسميين للحد من أي تجاوزات .. ذلك يحتاج إلى وقفة بمنتهى الصراحة والموضوعية والشفافية نتناول فيها هذا الموضوع من جميع جوانبه الدستورية .. ومن خلال ضوابط مهنية تنظم العمل الإعلامي
فمن المعلوم لدى المجتمع الإعلامي الأردني أن الدستور قد ضمن حرصاً خاصاً على المقومات الأساسية للمجتمع الأردني .. فجمع بين المقومات الثلاث ( العدل والحرية والمساواة ) التي تقوم على دعم المجتمع الأردني والتي لا يقوم بغيرها أي مجتمع يسعى إلى الرفعة والتقدم .
فكفل الدستور حرية الرأي فكل إنسان يحق له التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما.. شريطة عدم الإساءة أو التجني أو الرياء .. وذلك يتضمن حرية الصحافة والطباعة والنشر .. فالإعلام هو الصورة الحقيقية لحال الأمم وهو لسانها الناطق .. فهو وكما وصفه أحمد شوقي : لسان البلاد ونبض العباد
إن نبض الشعوب ومرآتها الحقيقية هي الوسائل الإعلامية المختلفة كما وأنها الضمانة الأساسية لممارسة الحريات وحقوق المواطنة الحقّة، فمن خلالها نتطلع إلى حياة ديمقراطية مسؤولة متضمنة الآراء والحوارات العامة لمختف القضايا التي تهم الوطن والمواطن والمشتملة على مختلف جوانب الحياة الإنسانية من خلال الوسائل الإعلامية المختلفة التي تكفل للجميع حرية التعبير بكل همة ومسؤولية .
وفي ذلك تقع المسؤولية على الإعلام المرئي بالدرجة الأساس كونه يستقطب الجانب الأكبر من عدد المشاهدين والمتابعين والمهتمين ويأتي ذلك من خلال الندوات والحوارات واللقاءات التي تقدم فيها الآراء المختلفة والاقتراحات والنصائح التي تنصب في مجملها على الخدمة وتقديم المشورة فيما يتعلق بأمن المواطن الفكري والوطني وتلامس جوانب الحياة المعيشة له ولأسرته .. بما يتيح له حق الاطلاع وحرية المعلومات وتداولها والمشاركة في اتخاذ القرار.. وذلك لا يدع مجالاً للشك بأن المواطن هو جوهر النظام الديمقراطي فامتلاكه لذلك إنما يدل على إن مصلحة الوطن والمواطن هي المصلحة العليا كفلها له الدستور بموجب بنوده المختلفة ..
وبذلك تكون للحرية وجهاً آخر يتمثل بالمسؤولية الوطنية ويتطلب ذلك شفافية ومسؤولية وسائل الإعلام في نقل صورة واقعية ومشرقة وصادقة دون التعرض للتشهير أو التجني أو التضليل أو الخداع.. فهي مسؤولة أمام الجميع في ضرورة مواصلتها للرسالة الإعلامية المسؤولة فيما يستوجب النقد.. مبتعدة عن عنصر التشويق والإثارة بل عليها في ذلك أن تستهدف المصلحة العامة ومصلحة الوطن التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار.
على ذلك يجب أن نذكر وسائلنا الإعلامية بحتمية أن تكون على قدر مسؤوليتها الدستورية التي ضمنتها لها نصوص الدستور فحمت المقومات الأساسية للمجتمع الأردني والقيم الأصلية الفذة التي يتحلى بها..
إن أهم دور ملقى على عاتق المؤسسات الإعلامية المختلفة والمتعلقة بالمسؤوليات الدستورية هو حماية النسيج الاجتماعي للمجتمع الأردني والحفاظ على وحدته الوطنية وترابطها وتماسكها بما يعزز الساحة الداخلية لدرء أي خطر قد يفتعله بعض من لهم أجندة تمس وحدة وتماسك هذا المجتمع المتآلف المتحاب .. فنحن نعي تماماً إننا كشعب واع راق نمتلك مقومات فكرية رائدة نضرب المثل في وحدتنا الوطنية من خلال تلاحمنا وتعاضدننا وتصدينا لأي أفكار مريضة تحاول المساس بأمننا ومقدراتنا .. وهي حقيقة أكدها ويؤكدها تلاحم مواطنينا لمجابه كل التحديات التي تواجه العالم من أزمات اقتصادية وتناقضات فكرية وإيديولوجية .. فوعي مواطنينا قد وضع مسألة وحدتنا الوطنية فوق كل الاعتبارات .. عبر عنها في التلاحم والانسجام لدي مختلف فئات المجتمع الأردني .. قلما وجد في المجتمعات ا الأخرى.
لقد امتاز النسيج الاجتماعي الأردني في هذا البلد الطيب بأهلة عبر ماضيه المشرف بروح أسرية واحدة تربط بين جميع مكوناته .. ولم يذد عن هذه الحقيقة ذات الأصالة العربية.. ما خلفته القرون المتعاقبة في معظم الدول الأخرى من أوضاع مبتدعة ومراسم شكلية باعدت بين جميع مكوناتها بل بقي أصيلا ملتفاً حول قيادته ومليكه .
لذلك فالدور المناط بالمؤسسات الإعلامية المختلفة هو بناء منظومة إعلامية تعمل على الحفاظ على مقدرات الأمة فالإعلام بكل مفاصله المؤسساتية مهماً نحو بلوغ الحياة المعاصرة .. ذلك يستوجب النظر بروح المسؤولية الوطنية وانفتاحها نحو آفاق جديدة تنطلق من هدف الحرية الإعلامية كأساس للعمل الإعلامي والتحرر من الأفكار الضيقة التي قد تضع الإعلام في البوتقة الضيقة ..فذلك احد المهام الكبيرة التي يجب أن ينبري لها الإعلاميون والصحفيون نحواً للتعامل مع الحدث مع إيجاد فسحة جيدة من الاستقلالية التي تخدم الوطن .. واتخاذ الطريقة المتوازنة مع الخبر أو التحليل ليرقى إلى مستوى الطموح بعيداً عن وجود بعض الآراء التي يمكن لها أن تتغلغل في جسم الواقع الإعلامي الأردني لتضعه في حيز ضيق. منطلقة من مبدأ دعم الإعلام كأساس لترويج الأفكار ..
وبالتالي فإن وجود الكتاب والإعلاميين الوطنيين الذين تمتاز كتاباتهم بمهنية ومصداقية بعيدا عن أية تأثيرات خارجية ولأية جهة كانت ..لابد من احتضانهم واستثمارهم بصفتهم طاقات إعلامية خلاقة .. تحتاج إلى الرعاية والدعم .. وذلك بتوفير الوسائل المناسبة لتفعيل عملهم بمختلف الطرق وهو بالتأكيد عامل حيوي ومهم باتجاه تسليط الضوء على الأفكار التي تحفظ للوطن تماسكه وقوته .. ولكن تبقى المهمة الأساسية للإعلام هو نقل الواقع بطريقة مهنية ومسؤولية كبيرة .. بعيدا عن إثارة القضايا التي تدفع بالإعلام في أن يكون جهة غير فاعلة في المجتمع .. إذ يجب إن يتركز دوره الكبير وبمسؤولية الكبيرة في بناء المجتمع على الأسس الصحيحة دون الوقوع في إيه منزلقات أو تأثيرات قد تسهم في خلخلة مجتمعنا -لا قدر الله- وهذه هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق الكتاب والصحفيين والإعلاميين ليتسموا بصفة تعطيهم القوة والحصانة من خلال تعاملهم بحيادية وشفافية واستقلالية خدمة لوطننا الأردن .. مع اتخاذ القرارات المتوازنة وعدم الانجرار واللهاث وراء من يحاول تعكير صفو منجزاتنا الرائدة الذي تحقق للجسم الإعلامي الأردني .
ومن هنا لا بد من أن يكون دور اتحاد الكتاب والصحفيين الأردنيين ومنظمات وهيئات المجتمع المدني التي تدعم توجهات هذا القطاع الحيوي .. وذلك من خلال العمل على تفعيل الأفكار الإيجابية وتبادل الخبرات والعمل بكل جرأة و تفاني وقوة على دعم كتابنا وإعلاميينا .. والاهتمام بالجيل الصاعد منهم .. ليكون دورهم رياديا حقيقيا ومستقبلهم زاهراً بالعطاء المتنامي .. فضلاً عن التعامل بجدية مع كل الأفكار التي من شأنها الإسهام في تدريبهم وتطويرهم لاستحداث منظومة متطورة راقية مستقاة من أخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام كي يتحمل الجميع مسؤولياتهم الكاملة وأن يكون لها الدور الطليعي والحقيقي والريادي في دعم التوجهات الديمقراطية والحريات الصحفية بما يضمن تفاعلا مهنيا مع المؤسسات الإعلامية العربية والدولية لإيجاد منطلقات متطورة تخدم الصحفي والإعلامي مهنياً لتكون المهنية في العمل والمسؤولية في الأداء واجبا يحتم على كل من له علاقة في هذه المهنة أن يبدع وفق رؤى تكشف مختزلاته الفكرية ليكون مناصرا لحرية الكلمة والتعبير الذي يخدم وطنه وأمته وليكون فاعلا من خلال المسؤولية الجماعية والمشتركة في التوجيه والتوعية فيما ينسجم وتطلعات المجتمع خدمة للأردن .. وبذلك نحقق إعلاما حرا نزيها متوازناً يعزز مكانة المواطن الحقيقية في مجتمع الوحدة والحرية والحياة الفضلى .
وفقنا الله جميعا في خدمة قضايا وطننا وامتنا .. وأدام علينا الأمن والأمان .. في ظل قيادة فذة تضمن للجميع التساوي في الحقوق والواجبات .. وللحديث بقية .....
Fsltyh@yahoo.com