لا تغضب ولك الجنه

وانا في رحلتي للعمل في هونج كونج اتصفح الصحف الاردنية يوميا وكنت متابعا بحسرة والم ما حصل في جامعة البلقاء التطبيقية واني اذ اقدم العزاء الى اهل المغدور اسامه العبادي وان يلهم الله اهله وذوية الصبر والسلوان،  ونسأل العافيه لاهل القاتل على ما الم بابنهم ايضا، وقد قادتني تلك الاحداث وغيرها في الاردن والتي اصبحت ملحوظه كثيرا، نتيجة ارتفاع وتيرة غضب الناس السريع ومن اي شيء، والبعد عن الحكمة والتعقل.
فقد حدد صلى الله عليه وسلم الغاية من بعثه بقوله: \" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق \" و لا شك ان مكارم الأخلاق و محاسن الآداب من أسباب رحمة الله بالعباد وقول الرسول الكريم إن من أحبكم إلى و أقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا \" وقد جمع حسن الخلق في كلمة ترك الغضب حيث إن الغضب يجمع الشر كله و التحفظ منه جماع كل خير و يتبين ذلك فى وصية الرسول صلى الله عليه و سلم فى الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه قال للنبي صلى الله عليه و سلم : أوصني . قال لا تغضب ، فردد مرارا قال : لا تغضب
و الغضب معناه استجابة لانفعال ينتج عنه الميل إلى الاعتداء ، فحقيقته غليان دم القلب لطلب الانتقام و الغضب من طباع البشر لذلك جاءت وصية الرسول صلى الله عليه و سلم ليست بالنهى عن الغضب فقط و لكن بأن يملك الإنسان نفسه عند الغضب فلا ينفذ ما يقتضيه ذلك الغضب و يدفعه بالتخلق بالحلم و الرفق . لذلك كان قول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم \" ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب .
فإذا تعرض الإنسان للغضب فعليه أن يجاهد نفسه و لا يعمل بمقتضى الغضب ، فإذا لم يمتثل الإنسان ما يأمره به غضبه و جاهد نفسه على ذلك اندفع عنه شر الغضب و ربما سكن غضبه و ذهب عاجلا

لذلك نجد الناس فى قوة الغضب على درجات ثلاث : إفراط ، و تفريط ، و اعتدال
و الإفراط يخرج العقل و الدين عن سياستهما فلا يبقى للإنسان نظر و لا فكر و لا اختيار
و التفريط أيضا مذموم لأنه يجعل الإنسان لا حمية له و لا غيرة فلا يغضب على نفسه عند ميلها إلى الشهوات الخسيسة ففقد الغضب مذموم فينبغي أن يكون معتدلا و رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام كان لا يغضب لنفسه و لكن يغضب إذا انتهكت حرمات الله و لذلك وصف خلقه بالعظيم و لم يوصف بالكرم مع أن الغالب وصف الخلق بالكرم ذلك لأن الخلق الكريم يراد به السماحة و لم يكن خلقه مقصورا على ذلك بل كان رحيما بالمؤمنين رفيقا بهم شديدا على الكفار غليظا عليهم مهيبا فى صدور الأعداء، فخلقه عليه الصلاة و السلام يشمل الإنعام و الانتقام فصبره على الأذى إنما هو فيما كان من حق نفسه و أما إذا كان لله فإنه يمتثل فيه أمر الله من الشدة

ويوصف للغضب تداوي وعلاج ويتمثل في اللجوء إلى الله عز و جل ، و الدعاء بصدق و يقين و الإخلاص فى ذلك و كان من دعائه عليه الصلاة و السلام : \" أسألك كلمة الحق فى الغضب و الرضا \"، كذلك استحضار المعاني الإيمانية التى تعين على تقبل المقدور و الرضا بالقدر \" و اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك و ما أخطئك لم يكن ليصيبك \" فإذا توجه إلى الإنسان أحد بمكروه فيعلم أن ذلك بقدر الله فيستحضر أن ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن فيعلم أنه لو غضب إنما يتسخط على قدر الله، كذلك الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم قال : \" و إما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم .

الغضب بداية لدخول الشيطان فيجب السيطرة عليه بتغيير حال الإنسان لذلك قال النبي صلى الله عليه و سلم : \" إذا غضب أحدكم و هو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب و إلا فليضطجع \" و قد قيل أن المعنى فى هذا أن القائم متهيئ للانتقام و الجالس دونه و المضطجع أبعد عنه فأمره بالتباعد عنه حاله الانتقام، كذلك على الذي انتابه الغضب ان يلجأ الى الوضوء فإنه يطفئ حرارة الغضب التى تكون ناتجة عن ذنوب فتخرج ذنوبه بالوضوء فيسكن و يهدأ، وبالتالي فان تركك للغضب قد قربت اليك محبة الله تعالى اليه في قوله تعالى \" و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب المحسنين \"

كذلك الصبر عند الغضب و هو حبس النفس عن الجزع و حبس اللسان عن التشكي و حبس الجوارح عن فعل ما يغضب الله و استحضار جزاء الصبر \" و لمن صبر و غفر إن ذلك لمن عزم الأمور و مخالطة الصالحين و تجنب أهل الشر و الفساد لأن جليس السوء ينقل سوء خلقه إلى مخالطه و جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة و السلام فقال : يا رسول الله علمني علما يقربني من الجنة و يبعدني من النار قال : لا تغضب و لك الجنة.

نعم ان الغضب بحد ذاته يؤدي الى فعل شنيع، ومضاعفات هذا العمل هي ردود الافعال من الطرف الاخر او من الطرف الغاضب نفسه، فان ما اقترفه الشخص من خطأ او سهو فهو يمثل فقط عشرون بالمائه من اجمالي ما حدث اما الثمانون بالمائه فهي ردود افعال ، فان اتصفت بكبح جماح الغضب، فانه تسلم من ردود الافعال له، وكم يتمنى الانسان ان يتمالك نفسه عند الغضب، الا انه بعد ان تقع الاحداث ويحصل الدمار، يلعنون الشيطان بانه سبب ذلك، علما بان الشيطان قد دلهم عليه وهو ما قام به عشرون بالمائه من العمل اما الثمانون بالمائه فهي من صنع الانسان.، اصبر على ما اصابك واستعن بالله ، وهي وصية لقمان لابنه، ووصيتنا للقراء، انظر الى الاحداث من حولك من قتل وانتحار وهجمات سواء فردية او عشائرية انها من صنع الشيطان شرارتها وامتدادها من صنع الانسان. نسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية والصبر والفوز بالجنة.