كأنه الغياب" يكشف الخسارة الشخصية في حياة امينة العدوان
المدينة نيوز – خاص ـ هشام عود - كأنه الغياب، الاصدار الشعري الجديد للشاعرة أمينة العدوان، الصادر مؤخرا عن دار أزمنة للنشر والتوزيع في عمان، هو مجموعة شعرية ضمت بين صفحاتها اكثر من ستين قصيدة من قصائد الشاعرة التي تميزت بكثافة صورها ولغتها البسيطة التي تتحدث عن هموم الناس واشياءهم وقضاياهم، كما تفهمها الشاعرة التي حافظت على موقفها من هذه القضايا الكبيرة.
قصائد الديوان الجديد الذي كتبت معظمها في اجواء نفسية اجتماعية خاصة عاشتها الشاعرة جراء مرض والدتها واضطرارها لقضاء جزء كبير من وقتها الى جانب سريرها، حملت تسع عشر قصيدة من قصائد الديوان عنوان "امي"، وهي قصائد تحدثت عن دور الام في حياة ابنتها الوحيدة، وعبرت عن العلاقة الانسانية التي ربطت بين الام والابنة، في حالة من العشق الصوفي الذي جسدته تلك القصائد .
وفي لحظة استثنائية من الحياة، حياة الشاعرة والقصيدة معا، غابت الام ليلد في اللحظة ذاتها ديوان الشاعرة، وهي لحظة توحي بجدلية العلاقة بين الموت والحياة، وفي النظرة الى استمرار هذه الكينونة ضمن فلسفة خاصة ذهبت الشاعرة للاعلان عنها من خلال قصائد ديوانها الجديد، بما تمثله الكلمة من صفة للخلود الانساني.
الشاعرة اختارت لمجموعتها الشعرية عنوانا لا يريد الاعتراف بالحقيقة كما هي، وان حاول الاقتراب من حواشي صورة الموت القاسية، فجاءت التسمية "كأنه الغياب" وهي لحظة رفضت فيها امينة العدوان الاعتراف بقطع خطوط علاقتها تماما مع عالم والدتها الذي لم يعد موجودا في يوميات الابنة الشاعرة، كما رفضت الاعتراف بالغياب كحقيقة قسرية مناقضة للحياة .
اصدارات الشاعرة امينة العدوان، التي جاءت في معظمها شعرا، تجاوزت الثلاثين اصدارا حتى الان، وهي شاعرة غزيرة الانتاج، ظلت حريصة في بناء قصيدتها على التعامل باليومي المعاش بعيدا عن الجري وراء مصطلحات الغموض او تعقيدات اللغة، الامر الذي منح قصائدها سمة "شعبية" لم تغادر محيط حياة ابطالها من البسطاء العاديين .
واضافة الى ما جادت به قريحة الشاعرة من صور علاقتها مع امها، فقد ضم الديوان الجديد عددا كبيرا من القصائد التي تحدثت عن قضايا عربية ما تزال مشتعلة في فلسطين والعراق ولبنان، وكان لافتنا تكرار عناوين القصائد في المجموعة، وكأن الشاعرة تريد القول ان المسيرة لن تتوقف وان الحياة ذاهبة للاحتفال بانتصار الجمال لتظل المسيرة مزدانة بالكلمة الصادقة التي تحمل معناها من خلال قدرتها الدائمة على تسمية الاشياء بمسمياتها.
في دواوين الشاعرة امينة العدوان السابقة كان الوجع يقدم نفسه بين سطور قصائدها باطاره العام، وظلت تتحرك في اطار تلك الدائرة الوطنية والقومية والانسانية، منحازة باستمرار الى ما يشيع الامل في النفوس رغم اعترافها دائما بسطوة حواف الالم على تشكيل الصورة النهائية التي ترسمها قصائدها، الا انها في ديوانها الجديد "كأنه الغياب" ذهبت هذه المرة الى تقديم الوجع الشخصي للشاعرة كما تحسه وتعيشه، وهي حالة حرصت على ابقائها مهمشة في دواوينها السابقة، ويعود ذلك الى الاحساس الداخلي للشاعرة بحجم الحسارة الشخصية التي تركها رحيل والدتها بما يحمله من ملامح قاسية على حياتها الشخصية .
