جُذور ما نحن فيه !!

تم نشره الأربعاء 29 تمّوز / يوليو 2015 12:47 صباحاً
جُذور ما نحن فيه !!
خيري منصور

ما نشكو منه جميعا في واقع عربي تجاوز خيال العرّافات وما تصوره بعض الفلاسفة من ديستوبيا او مدينة راذلة مقابل المدينة الفاضلة ليس وليد اللحظة، كما انه ليس نبتا شيطانيا او طحالب تطفو على مستنقع، فقد جرى التخطيط له منذ عقود حين بدأ تجريف الثقافة والحاق فلولها بالاعلام والاعلان، وحين تحول الكائن الى سلعة في سعار استهلاكي لا تلوح له نهاية . أذكر ان مثقفا فرنسيا هو ريجيه دوبرييه زار عواصم عربية وسجّل ملاحظاته كمثقف يساري، ومنها ان المكتبات تحولت الى محلات متخصصة في الاكسسوارات ولعب الاطفال واقتصرت رفوفها على كتب الطبخ والترشيق وبعض الخزعبلات التي تُنسب افتراء الى الدين .

وكذلك الصيدليات، فقد شاهد واجهاتها وهي تتحول الى دكاكين لعرض الكماليات لكن ما لم يشاهده دوبرييه لأنه مجرد زائر عابر هو ما طرأ علينا من أنماط تفكير وسلوك، تعود الى ما قبل حمورابي وابن خلدون وسائر الابناء ! ولم يكن الرقيب العربي مشغولا برصد هذه المتغيرات والاستراتيجية التي رسمت بعناية فائقة لجعل كل المفاعيل في حياتنا سلبية، لأنه مشغول بشيء آخر تماما هو استئصال كل ما له صلة بتنمية الوعي وتعميق المعرفة، لأن المطلوب هو مجتمعات مُعقّمة، وداجنة يحكمها فقه القطعنة ويحظر فيها على الافراد ان يفكروا ولو لحظة بحق الاختلاف . لقد باضت الافاعي في الكتب والأواني وجيوب المعاطف قبل عقود، وانتظرت حاضنة نموذجية كي تفقس وتتسلل من الثياب والخزائن وصدوع الجدران، وهذا ما عبّر عنه ذات يوم الراحل نزار قباني حين قال، ان الاعداء تسربوا من ثقوب الاسوار والثياب والجدران . ما نراه ونسمعه على مدار اللحظة ليس نتاج اليوم او البارحة، انه نتاج ثقافة مُلفّقة، تحاول تقديم أطروحات مضادة للهوية والهاجس القومي وبالتالي تفرز هذه التفاهة التي ادت الى الاختناق بسبب ندرة الاكسجين ووفرة الاكاسيد . ولا بد من الاعتراف لمن خطط لمثل هذا الواقع بأنه نجح بالفعل ولم تجد السكين التي استخدمها اية مصدات سواء في لحمنا او في أرضنا او في عقولنا . ما ننفقه على الثرثرة بالهواتف يكفي وحده لتأمين الملايين صحيا ونفسيا، ومقولة برنارد شو الشهيرة عن غزارة الانتاج وسوء التوزيع لا تتعلق بصلعته ولحيته فقط، بل هي التعبير الأدق عن امثالنا !! 

(الدستور 2015-07-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات