الروائي المصري سعيد الكفراوي: القراءة أضرَّت بي!
وأضاف: "أنا واحد من الكتاب الذين أضرَّت بهم القراءة كثيراً لأنني أحب القراءة أكثر من الكتابة، ولا أستطيع أن أكتب مهما كانت قيمة الكتابة وبيدي كتاب جيد"، وتابع: "الفترة الماضية قرأت حتى شبعت، ترجمات وكتباً لأدباء عالميين وعرب ومصريين، فمثلاً قرأت رواية المغربي عبدالفتاح كليطو (أنبئوني برؤيا)، وهي كطبيعة الرجل ومسعاه لإحداث خصوصية تنتنمي لكليطو وحده، وتبدو أقرب إلى ألف ليلة وليلة، حكايات تتواتر، يرويها سارد بين الحقيقة والوهم، وبين شهراد زاد وغيرها، وفي النهاية لا تجد نفسك إلا وقد سقطت في فتنة عبدالفتاح كليطو".
الكتاب الثاني الذي يتحدث عنه الكفراوي "خواطر الصباح" للمفكر والفيسلسوف المغربي عبدالله العروي: "إنه سلسلة خواطر عن المغرب، يناقش فيها سيرة المغرب السياسية والاجتماعية والإنسانية والثقافية، ويعترف فيها الرجل أنه ليس نادماً على شيء، لأن كل الذين كتبوا كانوا جزءاً من حلمه الكبير في كتابة مغايرة وشكل مختلف"، وأضاف "هناك أيضاً رواية (بعيداً عن الضوضاء قريباً من السكات) للناقد والروائي المغربي الكبير محمد برادة، وفيها يناقش، عبر ثلاث شخصيات التحولات التي جرت للمغرب في الفترة الأخيرة، بالذات بعد رحيل محمد الخامس عليه رحمة الله".
الكفراوي قال: "هناك كتاب شديد الأهمية للشاعر البحريني قاسم حداد عنوانه (أيها الفحم يا سيدي) وهو مقالات صغيرة عن فان جوخ باعتباره الأكثر جدارة في العالم بلقب فنان، حيث يعتبره صاحب الشخصية الكبيرة والذي استطاع أن يُعبِّر باللون عن أحوال زمنه وناسه، جهد في أكثر من 400 صفحة كتبها قاسم حداد باحتشاد الشاعر والمثقف الكبير والعاشق لفان جوخ، فكان كتاباً بهياً أمتعني وأسعدني وأنا بصدد الكتابة عنه".
وأضاف: "قرأت أيضاً رواية حمدي الجزار (الحريم) وهي عن عدد من النسوة صادفهن الكاتب في حياته، الأم والرفيقة والحبيبة والجامعية، واستطاع أن يتذكر من خلال خياله أيامه مع هؤلاء النسوة ويكتب عملاً فاتناً، يعد إضافة للرواية المصرية، وأيضاً أدهشتني الكاتبة نهلة كرم بروايتها (على فراش فرويد) حيث استطاعت أن تخترق المحرم وتواجه العيب بشجاعة، فكتبت نفسها كأديبة ترى ما لايراه الآخرون، فكانت الكتابة عن الجنس، والسؤال عن الدين، واقتحام الواقع بشجاعة وفتنة ولغة قريبة من الشعر".
وقال: "أعدت اكتشاف الكندية الحاصلة على نوبل أليس مونرو، ومن حسن حظي وجدت مجلداً لها ترجمه الرجل الطيب الدكتور أحمد الشيمي بعنوان (العاشق المسافر) وهو اسم قصة من المجلد. فتنتني أليس ككاتبة قوطية تمتلك في راحة يدها وفي مخيلتها الأزمنة والأماكن والسحر والخرافة، وأدبها أولاً وأخيراً صرخة إنسان للبحث عن المصير، وتستطيع أن تضعها باطمئنان في الصف الطويل من الكتاب أصحاب الخيال العظيم، ماركيز وبورخيس وفوكنر وشتاينبك، وقد أخذت مني قراءة واستعادة قراءة فترة طويلة".
وأضاف: "هناك العظيم ماريو بينديتي وروايته (بقايا قهوة)، وهي رواية تحكي قصة صبي يعيش في بلده يراقب ما يجري بعين الصبي حتى يكتمل نموه فيكتشف حقيقته المرعبة، ثم جاءت بعد شهرة وكلام ونقد التركية أليف شافاق التي تطاول صديقنا أورهان باموق، وقد قرأت لها (قواعد العشق الأربعون) و(فتاة من إسطنبول) فاكتشفت مزاجاً جديداً يمزج الصوفي بالمعاصر، ويستفيد من التراث ليقدم رؤية عصرية مغايرة".
الكفراوي أنهى قائلاً: "الكتب الجيدة كنوز تنفتح على الدهشة وتغني الوجدان، لا توجد كتابة جيدة خارج قراءة جيدة، القراءة تضعك في لحظة الكتابة وتأتي لك بالنموذج والمدير الجيد. أنت لا تستطيع أن تقدم كتابة جيدة بدون أن تعرف بالصخب والعنف، أو سخرية مائة عام من العزلة، أو أي كتاب لبورخيس، أو عبقرية دستويفسكي في خلق مناخات التشويق وعلم النفس والجنون".