سياسة الموت في إيران تتواصل بعد الاتفاق النووي
أثار الاتفاق النووي مع النظام الإيراني صخبا كبيرا كما لاقى في الوقت نفسه امتداحا واسعا والأمر وصل إلى حد وصف فيه الاتفاق بانتصار من أجل السلام ومنعطف لإيران. ويدعي البعض أن الاتفاق أدى إلى تنمية العصرية داخل إيران مما سيؤدي إلى تطوير المجتمع المدني الإيراني. ولكن ورغم هذه المزاعم أن الحقائق الموجودة على أرض الواقع تشهد غير ذلك.
ويحتل النظام الإيراني في الوقت الحاضر المركز الأول في العالم من ناحية تنفيذ الإعدام (قياسا إلى عدد السكان). كما يتخذ النظام الإيراني «سياسة الموت» ليمضي قدما في تصعيد الإعدام وممارسة القمع بينما لزم المجتمع الدولي صمتا رهيبا.
وبعد توقيع الاتفاق «التأريخي» ببضعة أسابيع وبعد توقيع الاتفاق المؤقت بـ 8أسابيع زاد النظام الإيراني من نسبة تنفيذ الإعدامات بشكل غير مسبوق بحسب العفو الدولية، حيث بدأت في الوقت الحاضر الحكومة الجديدة المسماة بـ «المعتدلة» في إيران تحطم الرقم القياسي لتنفيذ الإعدامات خلال الـ12 عاما الماضية. كما يحول النظام الإيراني وبشكل منهجي دون الكشف عن هذه المعلومات مشيرة إلى نسبة ضئيلة للغاية من الرقم الحقيقي دوما. وبحسب العفو الدولية أن النسبة الحقيقية للإعدامات تقترب من 700حالة بينما أعلن النظام عنها بأنها تبلغ هذا العام (2015) 246حالة.
وتماثل الإعدامات في هذه الفترة من ناحيتي السرعة والأسلوب بالإعدامات الجماعية عام 1988 حيث تم الإعدام في عدد كبير من السجناء خلال بضعة أسابيع فقط ولقد قضى عدد من هؤلاء السجناء (الذين تم إعدامهم لاحقا) فترة اعتقالهم بشكل تام. كما كانت أغلبية هؤلاء السجناء من سجناء الرأى ولكن لم يتم إجراء محاكمة عادلة بحق أي واحد منهم. ورغم أن الهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان تصف هذه المجازر بمجزرة بحق الإنسانية ولكن لم يتم إجراء تحقيق دولي محايد بشأنها إلى يومنا هذا.
كما ورغم ظروف مؤسفة لحقوق الإنسان في إيران الا أن الأمل مازال منتعشا في حركة المقاومة داخل إيران. ولا تعتمد هذه المقاومة وهذا الأمل على اتفاقات سياسية وتعليق الآمال على الإصلاح والاعتدال والعصرية داخل النظام وإنما يعد ذلك الأمل أملا حقيقيا للتغيير تعرّض من أجله هذه المقاومة حياتها للخطر وصولا إلى الديمقراطية في إيران وتبديل ولاية الفقيه بالمساواة والعدالة.
ومن يرون أن الاتفاق النووي سيؤدي إلى تحسين حقوق الإنسان في إيران لم يتمكنوا من تقديم أي إيضاح حول آلية ذلك أبدا. ويؤكد هذا الزعم على أمر وهو أنهم لم يعرفوا الطبيعة الحقيقية لهذا النظام الذي يمارس القمع في حق مواطنيه بشكل ممنهج. كما يتجاهلون حقيقة نضال خاضه هؤلاء المعارضون ومطلبهم القاضي بإقامة الديمقراطية والحرية.
وليست سياسة الموت في إيران قضية وقعت على سبيل الصدفة. كما لا تعتبر حصيلة لخطأ ارتكبه حكام طهران رغم أن اتخاذ هذه السياسة يشوه سمعة إيران أمام العالم. ولكن حكام إيران يستخدمون أساليب القمع والاغتيال لمواصلة غصبهم للسلطة.
والحقيقة هي أن النظام يخاف من مواطنيه أكثر من أن يخاف من الضغوط الدولية. وللأسف تمخض الاتفاق النووي عن رفع الضغوط الدولية الضئيلة المفروضة على النظام الإيراني. وفي الوقت نفسه أدى الاتفاق إلى تكهنات تقضي بحدوث التغيير في إيران قبل الأوان.