الاعتقال الإداري .. اجتياز للحدود !

تم نشره الأحد 16 آب / أغسطس 2015 06:26 مساءً
الاعتقال الإداري .. اجتياز للحدود !
د. عادل محمد عايش الأسطل

خلال لحظة واحدة، تستطيع إسرائيل إنهاء كل الضجّة الغاضبة، التي جاءت على خلفية استمرارها في احتجاز الأسير "محمد علان" بعد أن أقدمت على إعادة اعتقاله إدارياً، منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام المنصرم، وذلك للاشتباه بضلوعه في أنشطة جهادية وعضويته في حركة الجهاد الإسلامي، وقامت بتجديد اعتقاله للمرة الثانية على التوالي، لمدة ستة أشهر أخرى، بعد رفض المحكمة الإسرائيلية، قبول طلب استئناف حبسه، ما اضطره إلى الإعلان عن إضرابه المفتوح عن الطعام، منذ منتصف يونيو/حزيران الماضي، وذلك احتجاجاً على احتجازه بشكلٍ تعسّفي وغير مبرر.

وصول "علان" إلى مرحلة خطرة جداً، نتيجة الإضراب، يجيء في الحقيقة على عكس الرغبة الإسرائيلية، سيما وهي لا تزال تتوق إلى شيء من الاستقرار والهدوء على مدى حياتها، وهذه الأيام بالذّات، بسبب تطلّعها نحو تهدئة الصدور الدولية الساخنة باتجاهها، ولطمعها في تحقيق استقرارٍ عام بالنسبة لعامة المعتقلين الفلسطينيين في سجونها، خاصة وهي تشاهد عن كثب، تململ الحركة الوطنية الأسيرة، بشأن قيامها باتخاذ خطوات تصعيدية نصرةً لـ"علان".

وبرغم علمها تماماً بأنها ستتمكن من التخلص من أنفاسها المكتومة داخل جوفها، إذا ما قامت بالإفراج عنه، لكنها لا تبدو مستعدة إلى حد الآن، حتى على الرغم من رؤيتها له، وقد تجاوز الحد المتوقع طبياً وقارب خطوط الموت، وذلك بسبب أنها تفضّل حل العقدة بيديها المرتعشتين، والتي لا تعتبر مقبولة ولا عادلة.

إحدى خططها تكمن في تحديد مدة اعتقاله حتى عامين، لتتماشي مع حفظ ماء وجهها وإمساك هيبتها، وباعتبار عنادها في هذا الاتجاه، رادعاً مهمّاً لمعتقلين فلسطينيين آخرين محتملين، إضافةٍ إلى سعيها لتخفيض كمية الغضب الذي يغمر تنظيمات (إسرائيلية – يهودية) متشددة، وخاصةً تلك التابعة لـ(منظمة ضحايا الإرهاب)، والتي كانت أعلنت أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتانياهو" بأنها تعارض إطلاق سراح مضربين عن الطعام.

إضافة على عذابات السجون الإسرائيلية المعلومة، والتي تحفُل بألوان شتّى من العذاب الجسدي والمعنوي، وأشكال العزل والحرمان، والإهمال الطبي، فإن الاعتقال الإداري يُعدّ من أسوأ الاعتقالات التي تشنها إسرائيل حيال المناضلين الفلسطينيين، حيث تتحذ به الحق في اعتقالهم، دون أوامر قضائية، ودون توجيه لائحة اتهام معينة، ودون إبداء الأسباب أو تدخّلات قانونية، وإنما يكون بناءً على خلفيات انتقامية، أو نتيجة تكهنات استخبارية وحسب.

الأمر الذي يزيد الطين بلّة، هو أن إسرائيل تسير بعكس الجاذبية، من حيث مبالغتها في عملية الاعتقال الإداري، بحيث لا تكاد تفرّق بين المليء والفارغ، ولا بين النافع والضار، وتبالغ بشدّة أكبر بشأن تجاوزها لحدودها أيضاً، في شأن إجراءاتها اليومية القاتلة ضد المعتقلين الإداريين، وفي ضوء أنها غير ملتزمة بالقانون الدولي والذي يبيح - وبعد تسطير قيوداً صارمة- اعتقال أشخاص للضرورة القصوى فقط، ودون تعريض حياتهم للخطر، وينتهي بزوال الدواعي الموجبة له، على سبيل المثال، وفي حالة "علان" فإن لا أحد يمكنه القول، بأنه سيشكل خطراً فورياً على تل أبيب في حال تم الإفراج عنه.

وما يزيد البِلّة سوءاً، ويزيد الأوضاع توتراً أكثر، هو أن إسرائيل، لن يكون بمقدورها امتصاص أية تداعيات تسفر عن استمرار اعتقاله بسهولة، خاصة وأن حركة الجهاد الإسلامي أعلنت وبكل وضوح، من أنها ستصبح في حِلّ من التهدئة القائمة معها، في حال مُسّت حياته بسوء.

تُقاس أيّة إجراءات يتم اتخاذها فيما إذا كانت ناجحة أم لا، بعد تقييم نتائجها فيما إذا كانت حققت الأهداف المرجوة منها أم لا، وبرغم خسارتها من بلوغ أغراضها في حالات كثيرة مشابهة، فإن إسرائيل تبدو وكأنها تتوق إلى جلب المتاعب بغير داعٍ، من خلال لجوئها إلى اعتقال فلسطينيين تحت عنوان الاعتقال الإداري، والذي لا يخضع في ثقافتها الأمنيّة لفترات محددة، فقد يبدأ من ثمانية عشر يوماً، إلى عدة شهور، ويمتد إلى عدّة سنوات.

معاناه المعتقلون الإداريون من الفلسطينيين، هي أكثر بأضعافٍ متعددة، نسبة للإسرائيليين الذين يتم اعتقالهم - في حالات نادرة - على نحوٍ مماثل، وخاصة ممن هم من متطرفي المستوطنين، أو ممن يتبعون تنظيمات يهودية إرهابية، حيث يتم احتجازهم في مراكز خاصة ولفترات قصيرة جداً، وأمّا بالنسبة لقيام الأجهزة الأمنيّة الإسرائيلية باعتقال المتطرف اليهودي "مئير أتينغر" وربما آخرين قِلّة، وتطبيق الاعتقال الإداري بحقهم، فإنه لم يكن موجهاً لهم بسبب ارتكابهم جرائم ضد الفلسطينيين، وإنما لثبوت نشاطاتهم ضد الدولة ونظام الحكم فيها برمّته.

وكما فشلت إسرائيل في تطبيق قانون الكنيست الذي تم تمريره في الآخر من يوليو/تموز الماضي بشأن التغذية القسريّة للسجناء المضربين عن الطعام، بعد رفض منظمات الأطباء تنفيذ هذا القانون، باعتباره مخالفاً لأخلاقيات المهن الطبيّة، فإنها ستفشل مرة أخرى، بشأن نوال أغراضها من وراء هذا الاعتقال.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات