هل يحافظ البشير وحزبه وحلفائه على وحدة السودان ؟
![هل يحافظ البشير وحزبه وحلفائه على وحدة السودان ؟ هل يحافظ البشير وحزبه وحلفائه على وحدة السودان ؟](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/40356.jpg)
اغلقت صناديق الإنتخابات السودانية أمام الناخبين السدانيين بعد بضعة أيام على بدء عملية ألإقتراع وكانت ألإنتخابات السودانية ناجحة وبإعتراف المراقبين الدوليين بما فيهم الأمريكان ومراقبي ألإتحاد ألأوروبي والأفارقة وغيرهم ، وفتحت الصناديق أمام لجان فرز ألأصوات ودلت لجان الفرز الى تقدم عمر حسن البشير على منافسه بفارق كبير حتى ان ألإدارة ألأمريكية اشارت على لسان الرئيس الأمريكي أوباما ان البشير وحزبه سيحصدون النجاح في ألإنتخابات تؤهلهم لتشكيل الحكومة السودانية المقبلة وبالرغم مما شاب ألإنتخابات الرئاسية والبرلمانية من مخالفات في بعض الدوائر السودانية غير المؤثرة على سير ألإنتخابات السودانية والتي والتي قررت الهيئة العامة للإنتخابات تأجيل العملية ألإنتخابية فيها الى ستين يوما . الساحة السودانية هذه ألأيام تشهد حراكا شعبيا كبيرا من خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي شهدتها الساحة السودانية، وتعتبر هذه الانتخابات الاولى من نوعها حيث لم تجر مثل هذه الانتخابات منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عمر حسن البشير عام 1989م، وقد مرالنظام السياسي في السودان بعدد من الانقلابات العسكرية منذ استقلاله عن الانجليز عام 1956م عندما تولى اسماعيل الازهري الرئاسة كأول رئيس بعد الاستقلال وفي عام 1958م ثم تولى الفريق ابراهيم عبود رئاسة المجلس العسكري الاعلى، ليأتي عام 1969 ويتولى المشير جعفر نميري رئاسة مجلس قيادة الثورة ثم الرئاسة حتى عام 1985م حين أمسك الفريق عبدالرحمن سوار الذهب بالسلطة ورئاسة المجلس العسكري الانتقالي حتى عام1986م عندما انتقلت السلطة بشكل سلمي الى حكومة مدنية يتزعمها الصادق المهدي والتي أطاح بها البشير عام 1989م ولازال حتى الان ممسكا بالسلطة رغم المخاضات العسيرة التي يتمخضها السودان في الوقت الراهن، وبذلك فإن الحياة السياسية في السودان مرت بعدد من الحكومات العسكرية.
وتستقطب جمهورية السودان خلال السنوات الأخيرة مزيدا من الترقب والاهتمام الدولي نظرا للأهداف السياسية والاقتصادية التي ترمي إليها بعض القوى الفاعلة في الساحة السودانية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية، وبطبيعة الحال فإن السودان اكبر بلد عربي وافريقي من حيث المساحة التي تبلغ المليونين ونصف المليون كيلو متر مربع ويبلغ عدد سكانه 39 مليون نسمة تتعدد فيه الاثنيات العرقيه حيث يحتضن السودان عددا من القوميات أهمها العرب والنوبيون الذين يشكلون الغالبية بين سكان هذا البلد ويتركز وجودهم في الشمال ووسط وشرق السودان، ويدين غالبية ابناء الشعب السوداني الدين الاسلامي حوالي 70%، وهناك نسبة أخرى تدين بالمسيحية تقدر ب17% وغالبيتهم من سكان الجنوب الذي تسيطر عليه الحركة الشعبية لتحرير السودان، كما يوجد ايضا نسبة 23% من السكان وثنيون، وفي الغرب يوجد أقليم دارفور المضطرب سياسيا وأمنيا منذ فترة طويله وتتنازع فيه النفوذ حركة العدل والمساواة كأكبر الحركات المسلحة مقابل مليشيات الجونجويد المؤيدة للحكومة، وقد ظهرت مشكلة دارفور على الواجهة بقوه في العقد الاخير، كما يوجد عدد من الحركات المسلحة .
السودان ومنذ إستقلاله عن بريطانيا عام 1956م بعد ان خاض شعبه لضالا شرسا من اجل تحقيق الإستقلال الوطني شهد صراعات في كثير من مناطقه المختلفة وخاصة في جنوبه الذي لم يتوقف فيه الصراع الدائر بين الحكومة والحركة الشعبية منذ عام 1983م والذي تمثل في حرب اهلية بين الشمال والجنوب، وفي عهد الرئيس البشير عام 2005م أسفر اتفاق السلام الشامل بين الجانبين على منح حكم ذاتي للجنوب مع استفتاء على حق تقرير المصير لأهالي الجنوب سيتم عام 2011م كما أسفرت تلك الاتفاقيات على المشاركة في السلطة والثروة بين الحكومة والحركة الشعبية حيث تولي زعيم الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق منصب النائب الأول للرئيس السوداني والذي أعقبه سلفا كير في نفس المنصب بعد مقتل قرنق اثر تحطم طائرته، ومن خلال هذا التنافس الداخلي والتدخل الخارجي المطرد يتعرض أمن السودان ووحدته وسيادته الى خطر شديد قد يطيح بأكبر دولة عربية مساحة لتتحول الى دويلات متنافسه فيما إن وجدت تلك الاطراف فرصتها السانحه لتحقيق مصالحها الذاتيه والتي تتوافق مع مصالح الاطراف الخارجية ايضا، ويحسب للنظام السوداني تلك الجهود التي أجلت استفحال الخطر في الجنوب السوداني والتي انتهت بتحقيق الاتفاق المذكور مع الحركة الشعبية ، وتمكنت الحكومة السودانية من إمتصاص الصراع الخطر في دارفور من خلال الحوار الذي نجح في تهدئة الاوضاع نسبيا، كما لعبت المفاوضات التي احتضنتها دولة قطر لتحقيق المصالحة السودانية واثمرت جهودها الكبيرة التي مارستها والمباحثات الطويله التي أجرتها بين النظام ومختلف الحركات في السودان إلى تحقيق توافقات سياسية في هذا البلد العربي الكبير وكان للحوار الذي جرى في قطر الفضل في حل كثير من النقاط العالقة بين مختلف الفصائل والاطراف السودانيه، لذا فقد حافظت تلك الاتفاقات على هدوء الاوضاع دون انفجار في وقت كانت تتجه فيه الامور نحو أزمات عاصفة ربما أدت الى تفكيك الوحدة الوطنية في السودان عموما، ولكن التجاذبات الجيوسياسية في الداخل السوداني والتأثيرات الخارجية المستمرة ما كانت لتترك الأمور على نحوها الاعتيادي وهو ما يعاني منه السودان وما يتربص به لاحقا، فما إن تنتهِ مشكله إلا وتظهر أخرى! ولا يخفى ان كثيرا من الثروات الطبيعية الموجودة على طول رقعة السودان لم تكتشف بعد، ومن هنا تبرز المصالح السياسية والاقتصادية التي يسيل لها لعاب الدول الكبرى للوصول الى أرض السودان .
وتبرز المشكلات السياسية في السودان اليوم بقوة وبدأت تتضح مع هذه الانتخابات التي ظهر من خلالها شيء من الاستفهام بعد الانسحاب المفاجئ لبعض الاحزاب ومقاطعتها للانتخابات وأبرزها انسحاب ممثل الحركة الشعبية ياسر عرمان وهو المنافس الابرز للرئيس البشير في الوقت الذي ظهر فيه زعيم الحركة الشعبية سلفا كير ليعلن استمرار المشاركة في الانتخابات ولا نعلم هنا ماذا يدور تحت الطاولة ولكن الاحداث القريبة القادمة قد تعلن مفاجآت جديدة نرجو أن تكون سارة للسودان ، وخاصة ان الحركة الشعبية وعدد من الحركات السودانية اعلنت صباح اليم الأربعاء انها تعترف بنتائج ألإنتخابا ونزاهتها .
أملنا ان يحافظ السودانييون جميعا وبكافة فصائلهم السياسية وعلى امتداد الأراضي السودانية على وحدة التراب وأن يوحدو جهودهم كافة من اجل ألإتجاه بالإستفتاء المرتقب العام المقبل بالجنوب الى عدم ألإنفصال عن الشمال وليبقى السودان وطنا واحدا موحدا لجميع أبناء السودان وأن يعم العدل والمساواة بين ابنائه جميعا ومن دون أيّ تمييز بين مناطقه المختلفة ، وتحقيق هذا ألأمر مسؤولية النظام السوداني المتوقع إستمراره بالحكم بعد ان أكدت نتائج ألإنتخابات ألأخيرة تقدم البشير وحزبه فهل ينجح البشير وحزبه وشركائهم في الحكومة السودانية المقبلة من تحقيق وحدة السودان ارضا وشعبا وإفشال المخططات ألأجنبية الهادفة الى تقسيم السودان الى دويلات متناحرة فيسهل عليهم استغلال ثرواته الطبيعية المكتشفة وغير المكتشفة ؟