مبادرة "حجرة، ورقة، بلد" توثق لذاكرة عمان بالكتابة والرسم
المدينة نيوز :- "لأن عمان أمّنا جميعا، ولأن وسطها يعبق بالأصالة والتاريخ، ولأن غيرتنا عليها كبيرة"، اطلق شباب يافعون مبادرة "حجرة، ورقة، بلد"، بهدف توثيق الذاكرة المحكية للعمانيين في وسط عمان (البلد)، حيث مئات القصص والحكايا تسكن في داخلهم، كشهود عيان على مراحل تطور المدينة.
ومن خلال المبادرة يعيد شبان متطوعون الحياة الى قاع المدينة، من خلال أنشطة لتجميل شوارعها وجدرانها وأزقتها، فبدأوا بتجميل المطاعم والمقاهي، وتنظيف الساحات والارصفة والشوارع لجذب الزائرين الى المدينة.
المشرفة على المبادرة شيرين الدباس بينت أن (حجرة، ورقة، بلد)، توثق للذاكرة والثقافة المحكية لمنطقة وسط البلد وأحياء عمان القديمة، وتحكي قصص من ساهموا في بناء وإحياء وسط العاصمة الحيوي، وتقدم قاع المدينة وقلبها الحيوي كوجهة ثقافية سياحية بعيدا عن المفهوم التقليدي.
وتشير الى أن المتطوعين في هذه المبادرة خضعوا لدورات في التصوير الفوتوغرافي، والكتابة الإبداعية، والفنون، وصناعة الأفلام، والمواطنة الفاعلة؛ بإشراف مجموعة من المتخصصين في تلك المجالات لإنتاج محتوى مرئي ومسموع ومكتوب يختزل تجربتهم التفاعلية وسط عمان.
وتقول الدباس، إن الشباب في هذا العمر (15 – 18)، لديهم طاقة وحيوية وذكاء كبير، يمكنهم من تحقيق الأفكار وتحويلها إلى واقع،موضحة أن معظم هذه الطاقات لم تكن مستغلة أو موجهة بشكل مناسب وإيجابي، "ففي هذه المبادرة نعمل على أن يبني الشباب أنفسهم، ويكتسبوا خبرات جديدة، ويعززوا ثقتهم بأنفسهم، ويؤمنوا بقدراتهم الخلاقة، وقدرتهم على التأثير بالآخرين".
وعن بداية الفكرة، تشير الدباس الى ان الهدف كان أن يأتي الشباب الى المكان لقضاء وقت ممتع ومفيد مع الأطفال القادمين من الأندية والمخيمات الصيفية لمشاركة الأطفال الفرح واللعب كونهم يعجون بالطاقة والحيوية، مشيرة الى أن العمل مع تلك المخيمات كان تسويقيا لجذبهم الى المكان والقيام بأعمال التلوين على الفخار أو الجدران والمشاركة في تجميل وتنظيف وسط المدينة.
وأضافت، ان (حجرة، ورقة، بلد) تعنى بتوثيق الذاكرة المحكية لأهل وسط عمان (البلد)، مشيرة إلى وجود مئات القصص القديمة والحديثة من هذه القصص، مثل الموظف الذي يعمل منذ 40 عاما في نفس المكان، فهو شاهد عيان على مراحل تطور المدينة، وعايش العديد من القصص والحكايات، وعندما نكتب هذه القصص ويعرفها الناس ستبقى في الذاكرة الشعبية والوطنية.
ونفذت المبادرة، بحسب الدباس، العديد من الأنشطة، حيث رسمت خارطة تفاعلية لوسط البلد عنوانها (عمان بعيون أهلها)، احتوت على أسماء مختلف معالم المنطقة من محلات قديمة وباعة متجولين، ارتبط وجودهم بمكان محدد، ومنها يستطيع الزوار كتابة انطباعاتهم الشخصية عن أي مَعْلمٍ عليها وما يعنيه المكان بشكل شخصي، اضافة الى امكانية كتابة المواقف التي مرت على الشخص في المكان، أو الاشخاص الذين عايشهم، بهدف توثيق ذكريات أهل البلد وأصحابهم.
وبينت أن متطوعي المبادرة من الشباب صوروا انطباعاتهم حول التفاصيل الصغيرة التي مروا بها مثل العلاقة بين التجار القدامى والتنافس النقي بينهم، اذ ترى أكثر من متجر يبيع الصنف نفسه، ولديهم ايمان بأن الارزاق من عند الله، وترى أيضا محلات عصير البرتقال إلى جانب بعضها مقابل المسجد الحسيني الكبير، وكذلك الامر بالنسبة لتجار الاقمشة وغيرهم.
وتقول المتطوعة راية صوالحة انها ستشارك في كل نشاط يضفي جماليات على المدينة التي تحبها، وستشارك في تجميل درج شارع الامير محمد لإضفاء جماليات عليه، فمثل هذه المبادرات تشجع المواطنين على النزول الى قاع المدينة والاستمتاع بكل تفاصيلها، لافتة الى مبادرة تعليق المظلات على الدرج بعد تنظيفه والعناية به، والتي تجاوب معها الكثير من المواطنين، وكانت ردة فعلهم رائعة.
المبادرات تتواصل، إذ سيتم اقامة فعالية اخرى في وسط عمان بعنوان (فخار يلون بعضه)، بهدف تلوين الفخار وزراعته وتعليقه على الدرج، بحيث يشعر كل مشارك أن له بصمة على ذلك المكان، بحسب صوالحة، مشيرة الى أن المواطنين مدعوون للمشاركة في هذا النشاط الاسبوع المقبل، الى جانب فعالية أخرى بعنوان (لموا عجالكم)، التي لها علاقة بإعادة تدوير عجلات السيارات المستعملة لصناعة كراسي سيتم تلوينها وتوزيعها في شوارع وسط المدينة، بحيث تعطي عنصرا جماليا يضيف لعمان جمالا بلون مختلف.
وتؤكد المتطوعة دانيال امسيح أن العمل التطوعي يمنحها سعادة كبيرة خاصة اذا كان من اجل الوطن، معتبرة ان العطلة الصيفية لهذا العام مختلفة بعد ان كانت في الاعوام السابقة بدون هدف محدد، فيما يؤكد المتطوع عبد الرحمن حمدان ان هذا العام يعتبر مختلفا لأننا تشاركنا فيه لنقدم مبادرة ساعدتنا في صقل مهارتنا في الرسم والتعامل مع الاخرين، والكتابة والتصوير، انها عمان تستحق منا الكثير.