لياقات غائبة عن كلام الرئيس

تم نشره الخميس 27 آب / أغسطس 2015 01:21 صباحاً
لياقات غائبة عن كلام الرئيس
ماهر ابو طير

بكل صراحة يتحدث الرئيس بشار الأسد في مقابلته مع قناة المنار،الثلاثاء، عن المعسكر المذهبي الواحد، تحت «شيفرة سرية» هي مكافحة الارهاب، وهي صراحة تعني الكثير. يقول الرئيس الاسد ..» إن التنسيق مع العراق لم يتأثر سلباً،هناك وعي كبير في العراق لوحدة المعركة لأن العدو واحد والنتائج واحدة، أي بمعنى ماسيحصل في العراق سينعكس على سورية والوضع في سورية سينعكس على العراق. فعندما نوحد المعركة كما يحصل الآن بيننا و بين حزب الله في لبنان - الساحة واحدة - وعندما نوحد البندقية سوف نصل الى النتائج الأفضل بزمن أقصر و بثمن أقل». كلام الرئيس لم يتحدث في العمق عن الارهاب، ولا عن المشاكل في هذه الدول، لكنه تحدث عن معركة واحدة وعدو واحد في هذا القوس الذي يبدأ بالعراق ويمر بسورية ويصل لبنان، بل ان الرئيس يرسم المقدمات والنتائج، باعتبارها «ساحة واحدة «. يقول الرئيس ان عليهم توحيد البندقية، من اجل الوصول الى نتائج افضل وبوقت اقصر، والكلام مرة اخرى ان كان يبدو في ظاهره على صلة بمحاربة الارهاب، الا انه كلام يتقصد مغزى المذهبية، ووجود الحلف المعروف، في وجه احلاف اخرى. مشكلة هذا الكلام انه ملون، فهو يصدر عن رئيس دولة، من المفترض ان ينزع صفة المذهبية عن معركته، مع خصومه، فالمذهبية المبطنة، تولد مذهبية في الجهة الاخرى، بشكل واضح، واذا كان هذا هو حال المنطقة للاسف، ولو على مستوى الشعوب التي تم استدراجها لهكذا تقسيمات وجدانية، الا ان تورط رئيس دولة بهذا المغزى علنا، يعني الطلاق الكلي، مع بقية مكونات المنطقة، شعبيا وسياسيا. في باطن كلام الرئيس مغزى آخر اكثر سوءا، فهو يعني ايضا ان الخصم المشهر، اي الارهاب، هو سني، ولذلك يتصدى له الشيعة فقط سياسيا وامنيا وعسكريا، باعتبار ان اشارات التحالف تتحدث عن بغداد ودمشق وحزب الله، في وجه تنظيمات يراد تكريسها وظيفيا باعتبارها عنوانا للسنة. في ظلال الكلام اشارة للعالم، ان المؤهلين لمحاربة الارهاب بطبعته السنية، وطبعاته السياسية، هي هذه الاطراف الثلاثة، وبدونها، سوف يتمدد هذا الارهاب الى كل دول العالم، وان العواصم السنية الكبيرة هي راعية الارهاب الاولى. لايتحدث الرئيس ولايريد ان يعترف هنا، ان الارهاب في جذره لايرتبط بدين او مذهب، بل ان ممارسات هذه الاطراف الثلاثة هي التي ولدّت المذهبية في الطرف الاخر، وهي التي اصدرت نسخا متطرفة من السنة، من القاعدة وداعش وغيرها، بالاضافة الى المظلوميات التي نراها في مناطق كثيرة، والتي تم توليدها على يد اطراف قوية في العراق وسورية ولبنان. النتيجة التي نراها، ليست الا من صناعة هذا المعسكر الثلاثي، ولو جزئيا، دون ان ننكر هنا، وجود اطراف تدخل على خط الصراع وتغذيه بالمال والرجال لغايات سياسية اقليمية ودولية، لكن هذه الاطراف الثلاث هي التي جهزت البيئة لهكذا كوارث. لغة الرئيس في هذا الجزء، ليست لغة رئيس دولة، يريد استعادة شعبه ، ويريد تصحيح الرؤية الضبابية لدى مكونات المنطقة، هي لغة تقر وتعترف علينا اليوم ان هناك معكسرا عربيا تابعا لايران، يواجه معسكرا عربيا سنيا مجرما متطرفا ارهابيا، والكلام خطير جدا، في توظيفاته المحلية والدولية، فوق تكريسه للانقسام على اساس مذهبي، ثم على اساس ان هناك مكونين في المنطقة، شيعي غير ارهابي، وسني ارهابي. قد نقبل التورط في التقسيمات وتكريسها من جانب جماعات سياسية ودينية ومذهبية واعلامية تتاجر بهكذا قضايا، لكنك لاتقبل اي تورط في هذه التقسيمات من جانب رئيس دولة، عبر مقابلة اعلامية، يقول موقع بثها ايضا، مايقوله ذات مضمون المقابلة. كنا نريد من الرئيس ان يأتينا بطبعة معتدلة من الكلام، تخالف حتى الواقع الميداني في المنطقة ولو من باب اللياقات، والضحك على ذقون المشاهدين، واعادة التموضع من حيث الصورة الانطباعية، ولو على حساب ملايين القتلى والمشردين والجرحى.

(الدستور 2015-08-27)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات