مهاتير في عمان: درس مجاني للنخبة!

تم نشره السبت 29 آب / أغسطس 2015 02:40 صباحاً
مهاتير في عمان: درس مجاني للنخبة!
حسن احمد الشوبكي

حسنا فعلت مؤسسة عبدالحميد شومان بدعوة رئيس الوزراء الماليزي السابق د. مهاتير محمد، للحديث عن آليات ومسارات نهضة الأمم، وكيفية رسم ملامح النجاح الاقتصادي للدول وتجاوز الإخفاق.
وأتمنى أن يحضر أكبر عدد من المسؤولين في بلادي هذا اللقاء مساء الخميس المقبل؛ فالمأزق لدينا عميق وغائر في كثير من أعضاء النخبة التي يتم بينها تدوير الكراسي. ولربما تستمع هذه النخبة التي تهنا معها إلى صوت الذي باع الموز صغيرا، وأمسى حاكما لماليزيا وعنوانا لنهضتها في الفترة 2003-1981. وقد يروي كيف كان شعبه يعيش في الغابات ويعمل في زراعة المطاط بشكلها التقليدي، كما صيد الأسماك، ويئن تحت ثقافة وتعليم هما في أدنى المستويات، مع دخل للفرد يقل عن ألف دولار في السنة. وحتما سيورد على مسامع الحضور أن الصراعات العرقية والدينية كانت على أشدها في بلد يضم أكثر من 18 ديانة، وفيه خليط عرقي عجيب من الملاي والهنود والصينيين.
سيكشف مهاتير كيف ترتقي النخبة بالمجتمع، وتنقله من مستنقع التعصب والتنافر والقبليات والطائفية، إلى فضاء التعاون والثقة والإنجاز عبر بوابة التعليم الجيد. فهكذا فعل الطبيب الجراح الذي وضع يده على الجرح في بلاده عندما وصل إلى كرسي التربية والتعليم في ماليزيا قبل أربعين عاما. ومن الضروري أن يخبر مهاتير الشخصيات الحاضرة، وكثير منها ممن درسوا في جامعات الغرب، أن إنقاذ المجتمعات من الأمراض العنصرية والطائفية والعرقية يقع على رأس أولويات النخبة، لا أن تكون النخبة هي العرابة لكل تقسيم أو انشطار كما في الحالة العربية. ولعله لن ينسى في هذا السياق ذاكرته ومشاعره النبيلة عندما كان يعالج الفقراء مجانا في عيادته، وما لهذا الاقتراب منهم من دور في النجاح اللاحق للدولة كلها.
لدى مهاتير مفاصل في تبجيل المعلمين على نحو واضح، عندما كان وزيرا للتعليم، إذ عمل على تأهيلهم كمقدمة لإنقاذ الشعب الماليزي، وأرسل عشرات الآلاف من أبناء شعبه إلى أفضل الجامعات الأجنبية، كما أسس لجامعات متميزة في بلاده عندما أصبح رئيسا للوزراء، منها أكبر وأهم جامعة إسلامية في العالم. ورسم، بعد أن نجح في التعليم، خريطة للمستقبل حدد فيها الأولويات والوسائل والأهداف، امتدت لعشر سنوات، ثم عشرين سنة، وصولا إلى خطة 2020. وأعد قبل ذلك بنية تحتية استثنائية، تشمل الإنسان والمكان، وفق مبادئ المحاسبة والثواب والعقاب، وضمن خط قيادي وإداري صارم ونزيه وشفاف.
وقد يلقي الضوء على خيار نقل الدولة من الزراعة البدائية إلى الصناعة الثقيلة والتكنولوجية، في موازاة تأسيس تجاري عبقري في آسيا لأبراج وخدمات وبورصة بتعاملات تفوق تريليوني دولار. وفي الأثناء، سيذكّر رجل ماليزيا القوي الحضور بكيفية زيادة دخل الفرد إلى أكثر من 16 ألف دولار سنويا عند تسليمه الحكم لمن بعده.
ثمة دروس أخرى في تقييد الفساد والتحرر من التبعية للخارج وتحقيق الاستقلال الاقتصادي. وهي دروس مجانية لمسيرة لا نظير لها في العالم، قد تتسبب ببعض الحرج لمسؤول جاء إلى المنصب من دون انتخاب، وغادره وقد ملأ الدنيا خلفه خرابا.

(الغد 2015-08-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات