خطبة الجمعة المقترحة : الشورى أساس في بناء المجتمع

المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف عناصر مقترحة لخطبة الجمعة بتاريخ 4/9/2015 ، والتي حملت عنوان : الشورى أساس في بناء المجتمع

وفيما يلي عرض لتلك المحاور :

مبدأ الشورى أساس في بناء الدولة والمجتمع حث عليه القرآن الكريم وجعله سمة من سمات المجتمع المسلم، قال الله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) بل وسميت سورة من سور القرآن الكريم باسم (سورة الشورى).

وقد التزم هذا المبدأ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) ففي معركة أحد استشار اصحابه هل يقاتل مشركي قريش الذين جاؤوا لغزو المدينة المنورة داخل المدينة ام خارجها، وكان اجتهاده صلى الله عليه وسلم ان يتحصن المسلمون داخل المدينة ويقاتلوا المشركين الذين يهاجمونهم، إلا أن غالبية المسلمين اصرّوا على أن يخرجوا خارج المدينة حتى لا يسمحوا للمشركين بدخولها، ومع أنه صلى الله عليه وسلم أخبرهم أنه رأى في المنام رؤية -ورؤية الانبياء حق - أن يتحصن داخل المدينة، ومع ذلك نزل على رأيهم ايمانا بمبدأ الشورى واحتراماً لرأي الرعيّه لما يؤدي ذلك من أثر كبير في ثقة المواطن بنفسه وبقيادته، ومع أن النتيجة كانت خسارة المعركة، فقد نزل القرآن الكريم مؤيداً لهذا الموقف مؤكداً على الشورى والأخذ برأي الناس، فجاءت الآيات معقبة على خسارة المسلمين في معركة أحد وحتى لا يظن أحد أن الشورى ومشاركة الناس خطأ ، حيث قال الله تعالى: (وشاورهم في الأمر) سورة آل عمران.

وقد كان دائماً صلى الله عليه وسلم يجمع المسلمين في المسجد ويستشيرهم في كل أمور دينهم ودنياهم، حيث سار عليه الصلاة والسلام على هذا النهج في كل الامور والأحداث، فقد استشار أصحابه في مقاتلة المشركين يوم بدر، وقال: (أشيروا عليّ أيها الناس) ولم يقاتل المشركين حتى أبدى المسلمون موافقتهم على ذلك، ونزل على رأي الحباب بن المنذر في موقع المعركة، كما نزل على رأي سلمان الفارسي في حفر الخندق حول المدينة، وعلى رأي سعد بن عباده وسعد بن معاذ في عدم مساومة مشركي قبيلة غطفان بإعطائهم ثلث ثمار المدينة مقابل تخليهم على التحالف مع المشركين يوم الخندق، واستشار السيدة أم سلمة أم المؤمنين يوم الحديبية وعمل برأيها لما اشارت عليه أن يتحلل من احرامه يوم الحديبية فيتبع المسلمون فعله.

ولذلك قال العلماء كان الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر الناس مشورة لأصحابه .

كما سطّر القرآن الكريم موقف بلقيس ملكة سبأ عندما جاء كتاب سليمان عليه الصلاة والسلام فجمعت قومها ومستشاريها وسألتهم ماذا تفعل إزاء هذا الكتاب. قال الله تعالى: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32)) . سورة النمل.

إن هذه الشورى والمناصحة تعزز الأمن والأمان وتجعل ابناء المجتمع يشعرون بقيمتهم واهميتهم ودورهم وأن قيادتهم تعرف قَدْرَهم الأمر الذي يؤدي إلى الوصول لرأي ناضج ويعمل على تجنب الخلل وتجعل الجميع يتحمل مسؤوليته ويؤدي واجبه نحو وطنه.

إننا في الاردن وفي ظل الاوضاع المتفجرة التي تحيط بنا من كل جانب بحاجة الى تعميق هذا النهج الشوري لنحافظ على أمننا وأماننا الذي تحقق بجهود قيادته الهاشمية الحكيمة وحرص الشعب على بلده ووطنه.

وقد مارس الاردن هذا النهج الشوري منذ تأسيس المملكة ، وها هي الحكومة تطرح اليوم مسودة مشروع قانون انتخابي يعد خطوة مهمة في خطوات تعزيز هذا النهج الشوري الذي يعمق الحوار الوطني ويعزز الاصلاح ويرتقي بالعمل البرلماني، ويؤدي الى إفراز اصحاب الكفاءة والخبرة ليمارس المجلس دوره الرقابي التشريعي على اكمل صورة ووجه، بما ينسجم مع رؤى قائد الوطن ويلبي طموح المواطن الاردني ويسهم في ترسيخ الإنتماء وتعزيز الأمن والأمان والحياة الكريمة لأبناء وطننا.

وهذا يؤكد ثقة الدولة الاردنية بالمواطن وحرصه على بلده، وعلى نضوج رأيه وحكمته، في الوقت الذي نجد فيه الكثير من الاقطار تلجأ الى الحديد والنار في التعامل مع مواطنيها فتقتل وتعتقل وتضطهد ، فعلينا التحدث بنعمة الله ليدوم هذا الامن ويتعزز، قال الله تعالى: (رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق اهله من الثمرات).