رحيل المفكر الأيرلندي البارز فريد هاليداي

المدينة نيوز - بعد صراع عنيف مع مرض السرطان رحل عن عالمنا المفكر والأكاديمي الأيرلندي فريد هاليداي، وذلك الاثنين الماضي بمدينة برشلونة الأسبانية، ويعد هاليداي أحد الرموز الثقافية والفكرية الهامة حيث أثرى المكتبة العالمية بأكثر من 20 كتاب ترجم عدد منها إلى اللغة العربية، هذا إلى جانب العديد من المحاضرات، ويعد هاليداي من أهم الباحثين الأوروبيين عن منطقة الخليج العربي.
وكما ذكر بصحيفة "الأخبار" عرف هاليداي كأحد الشخصيات المؤثرة بين الأوساط الأكاديمية، وكرس نفسه من أجل خدمة قضية العدالة في العالم، وتخصص في العلاقات الدولية والشرق الأوسط مركزاً على شبه الجزيرة العربية، كما اشتهر بغزارة أبحاثه وكتبه عن الإسلام والشرق الأوسط، وزار أغلب الدول العربية، هذا إلى جانب تحدثه لعدة لغات بطلاقة منها العربية والفارسية والألمانية والفرنسية والروسية والأسبانية، إضافة إلى إلمامه باللاتينية واليونانية والإيطالية والبرتغالية.
ولد المفكر الراحل بمدينة دبلن الايرلندية عام 1946، تلقى دراسته الجامعية في جامعة أكسفورد و"مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية"، كما نال شهادة الدكتوراه من "مدرسة لندن للاقتصاد" بعدما أعدّ أطروحة حول العلاقات الخارجية لليمن الجنوبي، كما عمل في مراكز بحوث أكاديمية، قبل تقاعده عام 2008 ليصبح باحثا في "معهد برشلونة للدراسات الدولية" في كاتالونيا بأسبانيا.
ظل هاليداي عضواً بمجلس تحرير مجلة "نيو ليفت ريفيو" البريطانية منذ 1969حتى 1983، حين كان لا يزال من أبرز المفكرين الماركسيين الأوروبيين قبل أن يتحوّل ليبرالياً إثر انهيار الاتحاد السوفيتي.
نشر هاليداي كتباً عدّة منها، "العرب دون سلاطين" وهو دراسة عن الأنظمة العربية والدعم الذي تتلقاه من إيران والغرب وحركات التحرر في هذه الدول. وقال وقتها إنّ العالم العربي هو المنطقة التي كان لها التعاطي الأطول في التاريخ مع الغرب، لكنّها لم تفهمه فهماً صحيحاً. ثم نشر كتاب "إيران: الديكتاتورية والتنمية" الذي توقع فيه ثورة قريبة، لكن نفى عنها الطابع الإسلامي.
وصدرت له عدة مؤلفات أخرى نذكر منها "الأمّة والدين في الشرق الأوسط"، "ساعتان هزتا العالم"، وبعد قطيعته مع الماركسية، ركز اهتمامه على المسلمين في بريطانيا ليصدر كتاب "عرب في المنفى: المهاجرون اليمنيون في مدن بريطانيا"، ثم "الإسلام والغرب: خرافة المواجهة"الذي انتقد فيه الأفكار المسبقة عن الإسلام والمسلمين وفكرة صراع الحضارات، أعقبه بكتاب "إعادة التفكير بالعلاقات الدولية"، "مئة وهم حول الشرق الأوسط" والذي يعد من أبرز اعماله لدى المتلقي العربي حيث خصّصه لدراسة عالم الشرق الأوسط من خلال البحث في مكوناته وإثنياته الثقافية المثيولوجية الموغلة في الخرافة والأساطير والألغاز.
وكما ذكر الياس حرفوش في صحيفة "الحياة" أنه بعد هجمات 11 سبتمبر برز فريد هاليداي كواحد من أشد الاكاديميين الغربيين دفاعاً عن الاسلام وما تعرض له من حملات، حيث كان يكرر في محاضراته ان الصورة الجامدة التي يقدمها اعداء الاسلام الذين يحملون افكاراً متطرفة ضد المسلمين هي صورة خاطئة لا تعكس حقيقة التنوع الكبير والغني في التاريخ الاسلامي. ومن هنا كان كتابه "ساعتان هزتا العالم" الصادر عام 2001 رداً على تلك الافكار والحملات وتحديداً على الضجة التي اثارها صمويل هنتنغتون. كان رأي هاليداي انه اذا كان من تهديد للغرب فانه لا يأتي من العالم الاسلامي، بل من القوى الاقتصادية الآسيوية الناهضة.