أجاثا كريستي "ملكة السم"
المدينة نيوز - خلال مسيرة أدبية زاخرة بالنجاحات، قتلت أجاثا كريستي المئات من الشخصيات في رواياتها بأساليب مختلفة، بينها الرصاص والخناجر والسواطير، لكن السم بقي سلاحها المفضل.
وقد نقل عن هذه الروائية الشهيرة قولها في إحدى المناسبات: "لا يمكنني القضاء على شخصياتي جميعها بالسم لكنني أشعر بسعادة أكبر عندما أفعل ذلك"، وذلك وفق دار هاربر كولينز الناشرة لأعمالها. هذا الشغف مرده بلا شك إلى معارف أجاثا كريستي المعمقة في هذا المجال، على ما أشارت الكيميائية كاثرين هاركوب كاتبة رواية "إيه إيز فور آرسينيك: ذي بويزنز أوف أجاثا كريستي" الذي قدمته في المهرجان المخصص لهذه الروائية الشهيرة في مسقط رأسها مدينة توركي جنوب غرب إنكلترا خلال أيلول/ سبتمبر الحالي.
وقبل الانطلاق في مسيرتها الأدبية، عملت أجاثا كريستي ممرضة متطوعة خلال الحرب العالمية الأولى قبل أن تظهر سريعا اهتماما بأسس علم الصيدلة القديم والذي يشتمل على مواد بأسماء غريبة ومفاعيل قد تكون قاتلة بحال تناولها بجرعات كبيرة.
وأشارت كاثرين هاركوب إلى "السهولة المخيفة" للاستحصال في تلك المرحلة على مواد سمية خطرة مثل الإستركنين والمورفين والسيانيد إذ إنه "كان يكفي طلبها من الصيدلية من دون أي سؤال من أحدهم".
وكان الموت بالسم حاضرا منذ كتاب أجاثا كريستي الأول الصادر سنة 1920 بعنوان "ذي مستيريوس أفير أت ستايلز" (قضية ستايلز الغامضة). والضحية كانت السيدة إينغلثورب كما أن المادة السامة المستخدمة كانت الإستركنين التي كان يستعان بها على نحو كبير كمنشط للسيدات المسنات.
وأوضحت آلي مارشال كبيرة البستانيين في صرح توري آبي في توركي أن هذه المادة "كانت إحدى الوسائل المزعجة جدا للموت إذ إن الإستركنين تؤدي إلى شلل للعضلات".
وفي متنزه هذا الصرح العائد تاريخ إنشائه إلى ما يقارب تسعة قرون خلت وتم تحويله إلى متحف، زرعت مارشال مساحة صغيرة تضم بعضا من النباتات المشتقة منها السموم المفضلة لدى الكاتبة. بعضها ممنوع بتاتا حاليا في أوروبا مثل الشجرة الهندية التي تعطي مادة الإستركنين.
ولفتت مارشال إلى أن أجاثا كريستي "معروفة بملكة الجريمة لكن يجب تلقيبها بملكة السم" نظرا إلى أن نصف ضحايا رواياتها قضوا مسمومين.
كما أن أحد السموم المفضلة لدى الكاتبة وهو السيانيد يمكن استخراجه من اللوز المر. وهذا السم يتميز بمذاقه اللذيذ ومفعوله السريع إذ يكفي استخدام كمية قليلة منه بحسب آلي مارشال.
كذلك ثمة مادة الديجيتوكسن المشتقة من نبتة قفاز الثعلب (ديجيتاليس) والتي كانت تستخدم في معالجة مرضى القلب. وكان عدد كبير من شخصياتها يتناولون هذه المادة وبالتالي لم يكن هناك حاجة سوى لزيادة الجرعة من دون علمهم على حد تعبير مارشال.
وبالطبع نجد الزرنيخ الذي كان يستخدم للقضاء على الجرذان لكن أجاثا كريستي استعانت بهذه المادة للتخلص من بعض من شخصيات رواياتها.
وقالت آلي مارشال ممازحة "السم المفضل لدي هو الريسين المستخرج من أوراق الخروع. فالوفاة تحصل بعد أيام على تناوله ما يترك لكم وقتا للهرب إلى المقلب الآخر من الكوكب".
أجاثا كريستي التي نالت شهادتها في الصيدلة سنة 1917 بعد تدربها على يد أستاذ كان معتادا على الأخطاء في تحضير الجرعات وعلى التنزه مع قارورة من سم الكورار في جيبه للشعور بالقوة، كانت تظهر دقة كبيرة في توصيف الجرعات والمفاعيل الخاصة بهذه السموم. حتى أن البعض اتهموها بتقديم وصفات مثالية في رواياتها للراغبين في تعلم استخدام السم.
في المقابل، تجنبت كريستي توصيف المفاعيل الأكثر إثارة لنفور القراء مثل الغثيان والإسهال وغيرها من الآثار الجسدية. ففي كتبها، يموت الضحايا من دون أي دموية مفرطة حتى عندما تكسر جمجمتهم.
كما أن السم في قصص أجاثا كريستي غالبا ما يقدم على طبق شهي بعيد إثارة شهية القارئ عليه في مقاطع سابقة من الرواية.
وقالت آن مارتينيتي التي أحصت كل الوصفات القاتلة للروائية المعروفة بشغفها بالأطعمة اللذيذة إن ضحايا روايات أجاثا كريستي "يتم تسميمهم بواسطة قوالب حلوى أو سندويشات أو أكواب شاي. كما أن الشمبانيا قد تكون خطيرة جدا".