قراءة تحليلية : ما وراء السطور في خطاب الملك في الأمم المتحدة
ألقى جلالة الملك عبد الله الثاني، يوم الاثنين، خطابا في الجلسة العامة لاجتماعات الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد. وكان أول قائد عربي وإقليمي يلقي الخطاب. لما له من مكانة مرموقة ومميزة وخاصة بين زعماء الدول قاطبة . ولأنه يتميز برؤى جادة ومميزة وثاقبة . واستطاع بحنكته السياسية وحكمته الفذة أن يجعل الأردن مضرب مثلا في القيادة والدولة والشعب والحكم.
وتمحور خطاب الملك في هذه الفترة القاتمة والحرجة والصعبة التي نعيشها على العديد من النقاط التي تؤرق العالم اجمع . ويعجز عن حلها . وانبثق نور كلمات الملك لتزيل الغمام عن عيونهم ورؤاهم لإيجاد آليات لحل الأزمات في الشرق الأوسط والعالم . وتداولت معظم وسائل الإعلام خطاب الملك لما له من أهمية مميزة.
أول هذه النقاط التي تحدث عنها الإرهاب . ووصفه بالإرهاب الشامل وانه مشكلة عالمية. وفي جميع الأديان والمعتقدات والأماكن . وقال " هي حرب تجمع كل المعتدلين، من جميع الأديان والمعتقدات، ضد كل المتطرفين من جميع الأديان والمعتقدات."وان الإرهاب يشكل تحديا للجميع . وهنالك العديد من الأمثلة على ذلك. وتحدث عن أسباب وجوده وطرق علاجه حيث قال" دعونا نعود إلى الأصول، إلى الجوهر والروح المشتركة بين الأديان وبين معتقداتنا. لأننا، وللأسف، نفقد أحيانا الصورة الشاملة: فالجوامع بيننا أعظم بكثير من الفوارق." وعلينا جميعا كشف زيفهم وخداعهم وتضليلهم للحقيقة.
وحث الملك على تجنب خطاب الكراهية "دعونا نغير لهجة خطابنا." واستبداله بخطاب المحبة والتسامح والتعايش. وزرعه في عقول شبابنا بدلا من الخوف والغضب والعنف. من خلال الحوار الفكري البناء. وتعزيز وتجسيد القيم والمبادئ والأخلاق الطيبة لديهم في المدارس والجامعات . واستغلال طاقاتهم فيما هو ايجابي وبناء لخدمة المجتمع.
النظرة الإنسانية في خطاب الملك كانت في مقدمة خطابه حيث قال ." وأنا هنا أيضا، كأب يسعى لأن يعيش أبناؤه وبناته، وأبناؤكم وبناتكم، والبشر جميعا، في عالم يسوده السلام والرحمة والمحبة." يحث على التواصل الاجتماعي . والتركيز على قيمة وكفاءة الإنسان. والعيش بطمأنينة وأمان ومحبة.
القدس كان لها نصيب في خطاب الملك وذكر الوصاية الهاشمية عليها ودعا إلى احترام أماكن العبادة جميعها وضرورة وضع حد لانتهاكات واعتداءات قوات الاحتلال على المسجد الأقصى وحرق ممتلكاته والتعرض للقائمين بالعمل عليه . واستفزاز المواطنين بالتدخل العسكري المستمر في أماكن العبادة .
اللاجئين في الشرق الأوسط أزمة إنسانية كبيرة وتحتاج إلى مساعدات وقيام الدول بدورها وواجبها الحقيقي والإنساني والأخلاقي اتجاههم لما يعانوه من تشرد وموت وغرق وجوع وعطش. وان الأردن تحمل الجزء الأكبر من معانة اللاجئين. حيث أصبح تعدادهم يتجاوز 20% من سكان الأردن .
الاستغلال الأمثل للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وقال "علينا أيضا أن نزرع في وسائل إعلامنا، والأهم من ذلك، في عقول شبابنا، الاعتدال ونقاؤه." واستغلالها في تنمية العلاقات بين الناس والمجتمعات . والحوار الديمقراطي. ومكافحة الإشاعة والتضليل والتطرف. وإبراز دور وواجب الحكومات وتقوية التواصل بينها وبين أفراد المجتمع لخدمة المواطنين.
وحث جلالة الملك على العمل الجماعي والتواصل والتحاور للمساعدة في حل المشاكل التي تؤرق البشرية وتحرمهم من الحياة الكريمة . والتطور والتقدم. وتحقيق التسامح والتعايش.
استطاع الملك وبإيجاز وبحكمة فذة ورؤيا ثاقبة وتوقيت مناسب إيصال جميع الرسائل والأفكار إلى جميع المستمعين في كل مكان . وترك انطباع وصورة مشرقة ورائعة عن الإسلام والقيادة الأردنية والأردن في المحافل الدولية .