"لا بلح الشام ولا عنب اليمن"!

تم نشره الثلاثاء 06 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 12:47 صباحاً
"لا بلح الشام ولا عنب اليمن"!
محمد أبو رمان

تستبعد مصادر المطبخ الحكومي أن يكون "الطخ الكبير" على مشروع قانون الانتخاب الجديد، من رؤساء الوزراء السابقين ورؤساء مجلس النواب (في اجتماع اللجنة القانونية أول من أمس)، بمثابة مؤشر أو رسالة بأنّ المشروع لا يحظى بغطاء من مراكز القرار المهمة والمؤثرة في الدولة!

ربما الأكثر غرابة فيما صدر عن "السياسيين الكبار"، تصريح رئيس مجلس الأعيان عبدالرؤوف الروابدة بأنّ هذا القانون يتيم؛ لا أب ولا أم له، لغياب ممثّل عن الحكومة للدفاع عن القانون أو شرحه وتسويقه أمامهم. ومصدر الغرابة أنّ الحكومة أو ممثلها وزير الشؤون السياسية د. خالد كلالدة لم، يُدع أصلاً للاجتماع، بل تم إلغاء دعوته قبل ساعات من الموعد المقرر، بدعوى أنّ الرؤساء يريدونها جلسة مغلقة يتحدثون فيها بأريحية بعيداً عن الإعلام، عن مشروع القانون، بالرغم من أنّ تفاصيل الجلسة كاملة تمّ تسريبها للإعلام، وهو الأمر الذي يشي بأنّ المطلوب كان وصول نقد القانون إلى الإعلام من دون أي دفاع أو توضيح حكومي.

لديّ ثلاث ملحوظات رئيسة على ضوء الملحوظات المثيرة التي قدّمها "السياسيون المخضرمون"، أو ما تسرب من كلامهم إلى الإعلام:

الملحوظة الأولى، أنّ قوانين الانتخاب مسألة جدلية، فيها نقاش وخلاف كبير. فلا توجد وصفة استثنائية، بقدر ما أنّ هناك تفاهمات داخلية. وفي الأردن، أهم ما في الأمر هو قدرة الحكومة على تمرير قانون الانتخاب عبر قناة دوائر القرار الحيوية.

صحيح ما قاله د. معروف البخيت بأنّ حكومته قدّمت مشروعاً متقدماً نسبياً (حتى على أفكار حكومة د. عون الخصاونة المحسوب على التيار الإصلاحي)، لكن السؤال الموجّه للبخيت هو: لماذا طارت الحكومة وطار معها المشروع، فعدنا بعد ذلك إلى "الصوت الواحد"؟!

والسؤال نفسه يوجّه بشأن ما حدث لمشروع لجنة الحوار الوطني، وقبلها أفكار الأجندة الوطنية والميثاق! فليس المهم تقديم وصفة مثالية أو توافقية للقانون المقترح (في الحالة الأردنية)، إنّما ما هو أهم من ذلك أن تمسك بمفتاح تمرير هذه الوصفة وإقناع مراكز القرار المعنية بالتخلّي عن "الفيتو" الذي بقي قائماً أكثر من عقدين ضد أي تغيير للصوت الواحد. وهو ما حدث مع هذا المشروع، الأمر الذي يعد بحدّ ذاته إنجازا كبيرا ومهما!

الملحوظة الثانية، أن السياسيين، وغيرهم من نواب وأعيان، طرحوا فكرة توسيع القائمة الوطنية. وهي فكرة جيدة ومهمة، لكنّها لا تتسق في منطق "الصفقة" الحالية مع باقي مواد قانون الانتخاب، ولا يمكن تمرير التطويرات هذه مجتمعة (أي قائمة نسبية، والعودة إلى المحافظة، وتوسيع القائمة الوطنية). إنما نتيجة الإصرار على القائمة الوطنية وتوسيعها سيدفع بأطراف أخرى إلى استدعاء "الصوت الواحد" لبقية المقاعد، أو أغلبها، بينما الإنجاز المهم هنا أنّنا عدنا بأغلب المقاعد إلى المحافظة ونائب المحافظة، لا نائب الدائرة؛ وشتان بين الوصفين!

الملحوظة الثالثة؛ أنّ هناك هاجساً مشروعاً من الإبقاء على نظام الدوائر الانتخابية بيد الحكومة. لكنّه بصراحة أكثر ضمانة من تركه بيد مجلس النواب ولحساباته الانتخابية! بالرغم من ذلك، فإن نوايا الحكومة واضحة فيما يخص هذه الدوائر وتقسيمها، وهي مقبولة تماماً في المرحلة الراهنة!

ما نرجوه هو أن يتحول النقد القائم لتطوير بعض المواد في القانون وتجويدها، وألا يشجع هذا "الطخ" أنصار الصوت الواحد والحقوق المكتسبة والدوائر الوهمية على استعادة المبادرة والانقضاض على الإنجاز الذي تحقق، جزئياً هنا، فنخرج بلا بلح الشام ولا عنب اليمن!

(الغد  2015-10-06)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات