وطن لمن يربح أكثر !

تم نشره الخميس 06 أيّار / مايو 2010 05:50 مساءً
 وطن لمن يربح أكثر !
وليد السبول

  لا أعلم إذا كان يجب أن نتوقف عن الكتابة في موضوع الأردني والفلسطيني لكني أعتقد أنه لا بأس من مواصلة الكتابة ليس لمزيد من النبش ولكن حتى تتضح أمور قد تؤدي لتغيير قناعات لبعض الأشخاص. إنما أود لمن يقرأ هذا المقال أن يتناسى ولو مؤقتا موضوع الوطن البديل والتبريرات التي تصدر سواء من جهات رسمية أو إعلامية لموضوع سحب الجنسيات وتغيير ألوان البطاقات ففي هذا المقال سأتكلم من نواحي أخرى ربما لم يتطرق إليها أحد من قبلي أما تلك المواضيع فقد كتبت فيها أكثر من مرة وربما أكتب فيها لاحقا مرات أخرى. من المهم في هذا المقال أن نضعها جانبا وكما قلت ولو مؤقتا.
وسط هذا الكم من المعارضة لموضوع الوحدة الإردنية الفلسطينية وأقول هذا الكم وفي رأيي هم المجموعة الأقل وسيكونون أقل كلما مضى الوقت لأنه لا يصح إلا الصحيح ومحاولة خلق هذه التفرقة هي خطأ وفهم خاطيء للأمور. سأطرح الموضوع اليوم من زاوية أخرى في سؤال لمن يعارض الوحدة ما هو البديل؟ هل ما تطالبون به هو إقامة دولة جديدة على الحدود الغربية للأردن؟ ماذا سيستفيد الأردن من هذا الوضع وهل سيتضرر منه؟ ومن ماذا يخاف المطالبون بالإنفصال والتفرقة ما بين الأردني والفلسطيني؟
بداية أعتقد أننا جميعا نتفق على قضية التحرير، أليس كذلك؟ هل هناك أحد يختلف حول هذا الموضوع؟ ألا نريد كلنا أن تتحرر الأرض من المغتصب الصهيوني؟ ألا يهمنا جميعا تحرير القدس والخليل وبيت لحم من المحتل الإسرائيلي؟ فإذا اتفقنا على التحرير، أفلا يهمنا جميعا أن نتمكن جميعا من زيارة الأقصى والخليل وبيت لحم كلّ ما أردنا ذلك؟ هل سنكون سعداء أكثر إذا اضطررنا لإستخدام جوازات السفر وربما الحصول على تأشيرة على مبدأ التعامل بالمثل كلما أردنا زيارة الأقصى؟
فإذا وضعنا الناحية الدينية جانبا فلنتناولها من الناحية السياحية. أفلا يهمنا أن نتمكن كأردنيين أن نتمكن في كل وقت نشاء أن نتجول ما بين أريحا وطبريا ونابلس والخليل كما كنا نفعل في الماضي؟ كنا نذهب في رحلات مدرسية لزيارة قصر هشام في أريحا ونتجول في مزارع الخليل ثم نعود إلى عمان في نفس اليوم، أليس هذا شيئا جميلا أيضا؟
ولنرتقي قليلا في النقاش ولنطرح الموضوع من ناحية اقتصادية كبرى. هل سيكون الأردن أقوى وأفضل اقتصاديا إن كانت المملكة الأردنية الهاشمية ( وبغض النظر كثيرا في دقة المسمى ) تشمل كل الأرض شرق النهر وغربه؟ هل من مصلحة الأردن بوجود مدخل ولو بسيط على البحر الأبيض المتوسط سواء لإقامة ميناء أو لتحلية الماء أو حتى للسفر والإستجمام؟ هل وجود دولة أردنية بهذا الحجم سيعزز الإقتصاد الأردني أم سينعكس عليه سلبا؟ هل امتزاج رؤوس الأموال والخبرات والأيدي العاملة والموارد الطبيعية فيه مصلحة لهذه الدولة أم يسيء إليها؟ لا أعتقد أننا نختلف على أن الأردن أصبح أفضل بالهجرات المختلفة إليه فما بين خبرات في التجارة والصناعة أتت من سوريا وخبرات في مجال الزراعة والبناء أتت من فلسطين وخبرات أخرى مختلفة أتت مع الشيشان والشركس، تطور الأردن في مجالات التعليم والصحة وفي كل المجالات الأخرى. لا أقول أننا لم نكن في الأردن سابقا بل كنا وكان هنا شعب وحضارة إلا أننا كنا نفتقر إلى الخبرات في مجال البناء وحتى في الزراعة خاصة في التسويق الزراعي حتى أتى إلينا المهاجرون الفلسطينيون واشتغلوا في مجالات البناء والتسويق الزراعي ثم الصناعة والبنوك فكبر الأردن ونما وتعلم طلابه حتى أصبحنا يشار إلينا ويحسب لنا حساب في كل المجالات فدعونا نعترف ولا ننكر أن ذلك ما كان ليتم لولا الهجرات المختلفة إليه والتي أضافت إليه أكثر مما أخذت.
ونناقش الموضوع الآن من وجهة نظر أخرى. أليس الفلسطينيون موجودين في الأردن منذ البداية وحتى قبل ظهورنا ككيان سياسي معترف به؟ من ماذا نخاف من الفلسطينين. هل إذا توحدنا في دولة واحدة ستضرر الأردنيون؟ هل يعني وجود أغلبية منهم في البرلمان أو فلنفترض النصف مثلا سيؤدي لفقدان الأردنيين لوظائف معينة. هل الآن فعلا هم أقلية في البرلمان وفي الوظائف. لو أجرينا حسبة بسيطة لعدد المعلمين في الأردن هل غالبيتهم من غرب النهر أم من شرقه؟ من يقوم إذا على تعليمنا؟. هل إذا خرجت البنوك الفلسطينية سيتحسن اقتصادنا أكثر؟ هل نخاف مثلا أن يقوموا بشراء الأراضي من الأردنيين؟ إذا كان كذلك من سيبيعهم؟ أليس الأردنيون هم من سيبيعونهم؟ وهل لو طردنا الفلسطينيين سيعني عدم تمكنهم من امتلاك الأراضي في الأردن؟ القانون الأردني يسمح حتى للهندي بالتملك فهل سنصدر قوانين خاصة تمنع الفلسطيني من التملك وكلنا نعلم كم من الأراضي في الأردن مباعة لجمعيات صهيونية وتنتظر الوقت لتنقض وتطالب بأراضيها. هل إذا سحبنا الجنسيات وطردنا الفلسطينيين وأعدناهم لدولتهم هل سنعيد معهم شركاتهم ومؤسساتهم أم هل سنؤممها غصبا أم نرجوهم قبول الإقامة المجانية على أن يبقوا على مؤسساتهم؟
القضية بين أيديكم فزنوها جيدا. قارنوا من حيث المكسب والخسارة. ماذا سيؤثر سلبا وجود الأردن بلدا موحدا وماذا سيؤثر إيجابا تصغير الأرض الأردنية وطرد الفلسطينيين منها.
هل إذا طردنا الفلسطينيين وأعدناهم إلى دويلتهم المصطنعة، هل ستنتهي مشاكلنا؟ هل ستتوقف كل العشائر عن التناحر وحرق السيارات والإضرار بالممتلكات الخاصة والعامة كلما اختلف طالبان في المدارس والجامعات، أو نسيب مع نسيبه أو جار مع جاره وأقول العشائر لأن كل الخلافات تنتهي بطابع عشائري حين تعلن عشائر كذا الحرب على عشائر فلان وتتفق الجموع والجاهات على تجاوز القانون وتهميش الدستور. هل الفلسطينيون كانوا أبدا أطرافا في مشاكلنا وبلاوينا ومصائبنا.
وجهة النظر الأخيرة التي أريد التحدث فيها ضرب من الخيال لكنني سأتحدث فيها فمن يدري، كثير مما كان خيالا في الماضي القريب أصبح واقعا ملموسا غير مستغرب ولا مستهجن. لا أتملق لجلالة الملك ولا للأسرة الهاشمية لكنني أتساءل ما هو الأفضل يا ترى أن يحكم الهاشميون أرض فلسطين أم يحكمها آخرون دون الغوص في أسماء من زاودوا واستغلوا ونهبوا ما يدعى جوازا بالدولة الفلسطينية. هل من مصلحتنا أن يحكم الهاشميون الأرض الفلسطينية والأرض الأردنية أم أن يكون هناك حكمان مختلفان؟ هذا ليس الخيال الذي ذكرته قبل قليل إنما الخيال هو ماذا لو حلمنا بإمبراطورية هاشمية تحكم أكبر رقعة في المنطقة. ماذا لو شملت الإمبراطورية الهاشمية الأردن وفلسطين والعراق وغيرها من دول الجوار! هل هناك أفضل منهم وأكثر تأهيلا لحكمها؟ ماذا لو تمكنا في ظل الإمبراطورية الهاشمية أن نذهب إلى أي مكان بدون تأشيرة ونصلي في الأقصى دون جواز سفر وزرنا بابل والموصل وأكلنا المسقوف من دجلة والفرات دون حاجة لهوية وليس لجواز سفر؟ ما هو الخطأ في ذلك حتى لو كان حلما خياليا؟ من كان يتوقع الوحدة الأوروبية بأصولها المختلفة المتضادة من جرمانية إلى سكسونية إلى إغريقية إلى قوقازية إلى برتغالية، كلها أصبح يجمعها وطن واحد بعملة واحدة وجواز سفر واحد ( ببعض الفروقات الشكلية ). أليس ما يجمعنا في الإمبراطورية الهاشمية أكثر مما جمعهم بكثير؟ وليعذرني المثقفون في كلمة امبراطورية فلست أقصد الإمبراطورية بالمعنى التقليدي إنما بشكل متطور يطرح في حينه.
وحتى نفهم ما هو في صالحنا إن كان هذا أو ذاك فلنؤجل القرار فإذا كان طرد الفلسطينيين أفضل فيمكن لنا أن نخطط للمرحلة التي بعدها حتى لا يفوتنا الوقت لنتخلص أيضا من الشوام ثم من العراقيين ثم من المصريين بل علنا نستطيع أن نقيم بحرا حول الأردن فنحيله إلى جزيرة ونقيم عليه جمهورية أفلاطون المثالية.
هذا غيض من فيض ولا أعتقد أنه بكثير. بالمختصر المفيد دعونا نعمل على تحرير أرض فلسطين ثم نتقاتل علي من يملك منها أكثر. حرروها أولا ثم قسموها لدويلات وليس لدولتين فقط أما اللغط والجعجعة ونحن لا نملك أن نزورها حتى بالتأشيرة فلا داعي له. وأسمحوا لي بالتذكير مرة أخرى بتناسي موضوع الوطن البديل وسحب الجنسيات ولو مؤقتا حتى نناقش فيما بعد ما هو الأفضل لفلسطين. وقبل أن أنهي وللمداعبة فقط اسمحوا لي أن أتسائل هل نخاف مثلا أن تتحول أكلتنا الشعبية إلى المسخن بدلا من المنسف وهل المشكلة فيما لو وجدنا أن لون غترنا تحول من الأحمر والأبيض إلى الأسود والأبيض؟ 0



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات