أردنيون يجنّبون أطفالهم مشاهد الموت والدمار في سوريا
المدينة نيوز :- نشرت صحيفة الحياة اللندنية ، الخميس ، تقريراً حول قيام عائلات أردنية بابعاد اطفالها عن الأخبار المتلفزة حول الأوضاع في سوريا .
وتالياً نص التقرير :
تحاول أسر أردنيـــة كثيــــرة متابعة نشرات الأخبار المتلفزة بعد أن يخلد أطفـالها إلى النوم، خشية أن يشاهدوا ما يتعرّض له أقرانهم في سورية.
ويؤكّد أرباب أسر أن ألعاب الحروب والموت والدمار تسيطر على معظم أوقات أولادهم، لا سيما إذا توافر لهم أي من وسائل ألعاب التكنولوجيا الحديثة المتصلة بالإنترنت، ولا يتورّعون عن مزاولة ألعاب العنف الجسدي، التي كثيراً ما تؤدي إلى إصابات، إذا ما منعهم ذووهم عن الإنترنت خوفاً على عيونهم التي تحدّق ساعات طويلة بشاشات الألواح الذكية. ويشيرون إلى أنهم أصبحــــوا في حيرة من أمرهم، فإما أن يتـــركوهم يحدّقون بشاشات الألعاب الإلكتـــرونية حتـــى تجحظ عيونهم، أو أن يتحمّلـــوا ما ستسفر عنه ألعابهم العنيفة بعضهم مع بعض، والتي غالباً ما تنجم عنها إصابات جسدية.
ووفق أم علي الشرعة، فإن أطفالها كثيراً ما ينهضون من النوم مذعورين، لأنهم يتصوّرون أنهم يتعرّضون لما يتعــرّض لـــه أطفال سوريون من صواريخ وبراميل متفجّرة تنهمر على أحياء سكنية. وتشير إلى أنه رغم محاولتها إبعاد أطفالها عن أجواء الموت والدمار في سورية من خلال منعهم من متابعة نشرات الأخبار، إلا أن البحث عبر القنوات الفضائية عن برنامج ترفيهي لا بدّ أن يجعلك تمر ولو صدفة على صور مشاهد الموت في سورية، فلا يمكنك إلا أن تتوقف عندها، خصوصاً عندما تسمع آهات ألم الأهل والإخوة هناك.
وتلاحظ أم علي أن أطفالها ينحون نحو العنف في التعامل بعضهم مع بعض، وكثيراً ما يحاولون أن يتقاذفوا بأجسام صلبة تشبهها بالصواريخ.
أما أسماء الخالدي فتؤكّد أنها كثيراً ما تجد أولادها يبكون وهم يشاهدون أطفالاً جرحى، وقتلى ينتشلون من تحت الدمار في الأحياء السكنية. وتضيف أنها لا تقوى على مراقبة أطفالها طوال اليوم وهم يجلسون أمام التلفاز أو منعهم من ذلك، سيما «وأننا نقطن في شقة بمنطقة مكتظة بالأبنية، ولا يتوافر بجوارها ملاعب أو حدائق تمكّن الأطفال من تمضية أوقاتهم فيها».
في المقابل، تؤكّد ليلى حمدان أنها تحاول قدر الإمكان الابتعاد من مشاهدة نشرات الأخبار، تفادياً لأن تقع عيون أطفالها على مشاهد الموت والدمار، وتعرّضهم لأمراض الاكتئاب والنزوع نحو العنف والتطرّف. وتشير إلى أن أبناءها يعيشون حياة طبيعية بعيداً من هذه المشاهد، أي بعيداً «من الواقع الملتهب» على حدّ تعبيرها، ما يجعلها تخشى عليهم من الوقوع لاحقاً فريسة تنظيمات إرهابية لا يعرفونها ولم يسمعوا عن إرهابها وجرائمها.
ويعتبر اختصاصي الطب النفسي الدكتور محمد حباشنة، أن لدى كل قناة فضائية رسالة إعلامية، لذا هي غير ملامة، وباعتبار أن للإعلام عموماً رسالة وإلا أصبح تافهاً، مؤكّداً في المقابل أن هناك أشخاصاً مرهفين يمكن أن يتعرّضوا لما يسمى اضطراب ما بعد الصدمة، ما يؤدي إلى تعبهم في شكل كبير، مشيراً إلى ضرورة تجنّبهم أو تجنيبهم رؤية مثل هذه المشاهد بكثرة، و «يكفي موجز الأخبار للاطلاع على المعلومة».
ويلفت حباشنة إلى ضرورة أن يعرف الأطفال أن هناك عدواً، لكن ليس بالضرورة تعريضهم لرؤية مناظر الدم والموت والأشلاء. ويقول في هذا الصدد: «هناك إمكان أن تتطور عندهم هذه الحالة من الذعر»، عازياً ذلك إلى أنهم يكتشفون أن «العالم ليس مكاناً آمناً»، علماً أنه يرفض الحجر على حق المعرفة، وفي حدود معينة، طالباً من الأهل «فلترة» ما يشاهده أطفالهم.
ويوضـــح اختصاصي الإعلام الدكتور تيسير أبوعرجة، أن الطفل أصلاً لا يبحث عن هذه النوعية من البرامج، وإذا رأها مصادفة فيمكن أن يعطيه الأهل فكرة مبسّطة عن الموضوع. وقال إن عرض مثل هذه الصور والمناظر له وظائف كثيرة، وفي مقدّمها الوظيفة الإعلامية.
في جانبه، لا يشجّع اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي على اختبار الأطفال هذه المناظر من دون مراقبة، «لأنها قد تولّد لديهم مشاعر حزن واكتئاب تؤثر على دراستهم وسلوكياتهم، خصوصاً لدى رؤيتهم أطفالاً يقتلون». ويضيف: «يتأثّر البناء الاجتماعي دائماً بمؤثرات خارجية، خصوصاً إذا كانت تمس الحاجة الأساسية، مثل الأمن والكوارث والأزمات».