إليك ... أيها المعلم
شخصية لامعة في العالم العربي والغربي مفكرًا وأديبًا وشاعرًا ومترجمًا وناقدًا أدبيًا. نذر نفسه لخدمة العلم ونشر المعرفة بكل تواضع. ذلك هو البروفسور سهيل بشروئي. لم يكن مدرسًا بل معلمًا أستاذًا ومربيًا وأبًا وراعيًا وصديقًا وفيًا. كل مواقفه كانت تعبيرًا عن الثقة والعزيمة بما يؤمن، وتفوّقه بعشقه له، وامتيازه بالوفاء والإخلاص لهدفه. كان رجلاً يتحرك بداخله كثير من قدرات الإنسانية في إنسان بشكل ينبض بالنضج والحكمة.
منذ باكورة حياته أخذت تتفجّر لديه ينابيع المواهب والقدرات التي سخّر جميعها لخدمة الشباب والعامّة علمًا وتوجيهًا ورعايةً وحُنوًّا بأسلوب أبوي هادئ رزين في كل ما درّس في الجامعات العربية والغربية، يشهد له تلاميذه الذين دخلوا معترك الحياة، أو مَن هم على مقاعد الدراسة.
دخل المجتمع الإنساني بمختلف أطيافه ومن مختلف جوانبه الحياتية والفكرية ليزرع فيه بذور المحبة والتسامح وإرساء قواعد السلام وغرس مفهوم الوحدة والاتحاد في التنوع والتعدُّد، فغدا شخصية عالمية ممتدّة معروفة في الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي. لقد حملت دراساته وأبحاثه بذور النماء والتطور الفكري والروحي، وأصبحت له شبكة واسعة من الباحثين والدارسين في أنحاء العالم. كان رئيس الكرسي البهائي للسلام العالمي، ومديرًا لكرسي جبران للقيم الإنسانية والسلام في جامعة مريلاند ، وأحد الأعضاء المؤسسين للحوار من أجل الانتقال إلى مجتمع عالمي موحّد. فنال بذلك أرفع الأوسمة محليًا ودوليًا.
في كل مجهوداته ومحاضراته وحواراته كانت تطلعاته نحو صورة لمجتمع عالمي متحد في شؤونه المادية ومبادئه الروحية حتى ينعم بالتعاون والأُخوّة الحقة والسلام العالمي انطلاقًا من مبادئ عقيدته كبهائي. فساهم مساهمة فعّالة في الحوارات والندوات العالمية والإقليمية وفي بناء جسور التفاهم بين الشرق والغرب، داعيًا إلى تحكيم العقل الواعي والضمير الحي في بعثٍ روحي يردّ للإنسان إنسانيته. لم يسعَ في ما كتب أو ترجم في يوم من الأيام إلى التكسّب والاتّجار، بل بدافع وجداني من أجل تغذية الفكر والروح بكنوز الفكر العربي الإنساني وبسطه أمام العالم الغربي ليطلع على هذه الكنوز التي بقي قسم كبير منها مخفيًا عنه، وفي الوقت نفسه توجيه رسالة إلى كل ناطق بالعربية أن يأخذ دوره الحيوي الهام في العالم المتطور في حمل هذا الفكر بكل فخر إلى أكناف الأرض مُدمِجًا إياه بالثمار المفيدة لعقل الإنسان الغربي الواعي ليصنع منه غذاء يمدّ الحضارة الإنسانية القادمة بالفكر النيّر والحكمة البالغة، لأنه آمن بوجوب تزاوج الروحانية والحكمة الشرقية بالعقلانية الغربية العلمية المبدعة حتى يخرج لنا ذلك المولود الجديد، حضارة إنسانية تتوازن فيها فضائل الروح والتقدم العلمي المادي.
ستبقى صورتك المشرقة أيها المعلم الوفيّ في القلوب، وفكرك اللامع في الأذهان، وصدى صوتك الداعي إلى الوحدة والسلام يرن في الأسماع، وسنذكرك كلما ارتفع صوت ينادي بالمحبة والسلام والمؤاخاة، ولك منا الدعاء كله لترقي روحك في عوالم الملكوت.