أين احزابنا العربية من الظروف والتطورات الدولية ؟
![أين احزابنا العربية من الظروف والتطورات الدولية ؟ أين احزابنا العربية من الظروف والتطورات الدولية ؟](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/42136.jpg)
الأحزاب التي تشكلت في الوطن العربي منذ ما بعد الحرب العالمية الأولى التي وضعت اوزارها في آواخر العقد الثاني من القرن اعشرين الماضي بهزيمة الإمبراطورية العثمانية وتقسيم الوطن العربي الى دويلات خاضعة للغرب وبدأ تنفيذ المخطط الصهيوني البريطاني الغربي بتهجير اليهود الصهاينة من الدول الغربية التي ضاقت بغدرهم وباعمالهم القذرة ، وإستغلالهم للشعوب الغربية عذرا.
الأحزاب والجمعيات الوطنية والتوعوية التي اشأتها جماعات عربية قومية او دينية وتهدف بالأساس الى مقاومة هجرة اليهود الصهاينة الى فلسطين ومنعهم من فحقيق وعد بلفور الذي ينص على إقامة وطن قومي لليهود على حساب الشعب الفلسطيني بعد تهجيره من ارضه ووطنه ألأصلي بقوة السلاح واللإرهاب الصهيوني المنظم والمدعوم من قوات الإنتداب البريطانية في فلسطين . هذه ألأحزاب والجماعات السياسية والإجتماعية والدينية لم تتمكن من صد موجات الهجرة اليهودية المنظمة الى فلسطين ، وهكذا وأمام عدم قدرة الفلسطينيين ودول الجوار العربي وضعفها عسكريا وإقتصاديا وإجتماعيا كونها كانت مستعمرة من قبل الغرب مما جعلها عاجزة عن إيقاف موجات الهجرة اليهودية الصهيونية المتتالية ، وكانت نتيجة هذا العجز العربي وفشل الأحزاب والجماعات المنظمة التي ظهرت على إمتداد الساحة العربية نجاح اعداء الأمتين العربية والإسلامية إقامة الكيان الإسرائيلي الصهيوني فوق ثرى جزء كبير من فلسطين العربية الطيبة ، وكان لهذا الفشل العربي دولا وأحزابا وجماعاة منظمة ان قامت ثورة الضباط ألأحرار في مصر وشهدت الساحات العربية في معظم ألأقطار العربية نشاطات تعبر عن رفضها لما حدث قي فلسلطين فنشطت الأحزاب القومية الوطنية والقطرية والأممية والدينية المختلفة ومن اهمها الأحزاب ذات الصبغة القومية مثل حزب البعث العربي الإشتراك الذي اسس قي سوريا عيب النكبة عام 1948 م وحركة القوميين العرب في معظم الأقطار العربية واحزب القومي العربي السوري والذي كان وؤسسوه ومنتسبوه يؤمنون بإتحاد سوريا الطبيعية وغيره من الأحزاب القومية الإجتماعية العربية الأخرى كما ظهرت احزاب دينية إسلامية ومسيحية في ألأردن ومصر ودول المغرب العربي عامة وفي لبنان خاصة ،
ومعروف ان الناس تجتمع في أحزاب سياسية فتكتسب هوية جديدة. تختار أن تنتمي إلى قضية أو فكرة أو مشروع أو برنامج والأحزاب كما هو معروف اتحادات طوعية يقرر الفرد ان ينضم من خلالها إلى جماعة تشبهه في الطموحات والتطلعات. حيث يخرج الفرد من انتمائه السلبي الموروث إلى جماعة دينية أو مذهبية أو عرقية أو عائلية أو مناطقية أو طبقية. وهناك احزاب تقوم عقيدتها على مصلحة عرقية أو دينية لكنها مجرد ان تتكون جماعة سياسية منظمة تلغي الكثير من الفوارق المسبقة. يكون الحزب وسيلة للتعاطي السياسي ليتعامل مع الآخر بلغة السياسة ويخفض من الاعتبار القبلي العنصري أو الديني. وهذا ما ينطبق على الأحزاب التي تشكلت في الدول العربية عامة وفي بلاد الشام خاصة حيث انها قدمت هويتها السياسية بعضها عبّرت عن مصالح جماعة طائفية.
ان مجرد وجود الحزب السياسي يعني ان الجماعة التي يدّعي تمثيلها ليست متطابقة معه. ليس من حزب يمكن أن يختصر جماعة دينية أو مذهبية. التنظيم السياسي هو التقاء لفئة كبيرة أم صغيرة من تلك الجماعة حتى لو كان يدّعي النطق باسمها. على المستوى السياسي، أي الاجتماعي والثقافي يعبّر الحزب عن وجهة نظر، عن اجتهاد، عن اتجاه، عن تيار، لكنه لا يمكن أن يتطابق مع الجماعة إلا لما كان تشكل في صورة سياسية.
الحزب الإسلامي لا يمثل كل المسلمي كما ان الحزب المسيحي لا يمثل كل المسيحيين كذلك فإن حزب العمال لا يمثل كل العمال، وكذلك حزب الفلاحين، بل هو يفترض هذا التمثيل ويدّعيه. أحياناً كثيرة يمارس الحزب سياسات لا تخدم الفئة التي يطمح إلى تمثيلها.وعادة ما تقود الاحزاب جمهورها إلى النصر او الى الهزيمة.
مثلا في لبنان خاضت الاحزاب مسيحية الهوية حرباً باسم المسيحيين خلال النصف ألأخير من القرن الماضي ، وخسرت تلك الحرب وخسر المسيحيون معها. اما الاحزاب إسلامية الهوية فقدخاضت حروبها وربحت هذه الحروب ولم يربح كل المسلمين معها. يشعر الفرد أو الجماعة بالربح وبالخسارة بمدى ارتباطه بالمشروع السياسي. يكون الربح والخسارة أحياناً من جهة معنوية أو ايديولوجية، ويكون أحياناً مصالح مادية ملموسة. هناك باستمرار من يجني المكاسب الخاصة من وراء الربح السياسي. ليس من يضحي بالضرورة هو الذي يستثمر حصاد النجاح. هناك سلطة سياسية تذهب إلى فئة من الجماعة، وهناك مكاسب اجتماعية تذهب إلى شريحة معينة. التغيير الحقيقي الذي يترك أثراً على عموم الناس هو التقدم العام في ميدان الحقوق. فيكون التغيير ملموساً عندما تزول امتيازات أو قيود وتتحقق حريات عامة أوسع وتكافؤ فرص أكبر. ليست كل الثورات في التاريخ على سوية واحدة، لا في حدود زمانها ومكانها ولا في نتائجها على التقدم الإنساني، لا إذا كانت ثورات وطنية أو سياسية أو اجتماعية. في الغالب تحرك المثل والطوباويات خيال الناس وتلهمها إلى العمل والتضحية. ما يتحقق عادة هو أقل بكثير من المتخيّل والمرتجى .
هذه أحوال الأحزاب العربية تختار لنفسها أسماء براقة وطنية جذّابة، وتستخدم شعارات مثيرة، تطرح برامج كبيرة طموحة. في ميدان العمل تتقلص مساحات الانجاز. يتدخل العامل الإنساني بكل تعقيداته ليحد من المثاليات كما تتدخل الظروف الموضوعية أحياناً كثيرة لتحجيم أي مشروع على أرض الواقع. هذه أمور أكدتها التجربة الإنسانية. الأديان بما تنطوي عليه من تعاليم مقدسة لم تتجسد في نظام اجتماعي. اضف الى ذلك ان العقائد الكبرى انتجت ظاهرات مناقضة لمبادئها الأساسية. رغم ذلك كله لن تتوقف البشرية عن الحلم والأمل بغد أفضل. لن تستسلم الناس لما هو تشويه للقيم الكبرى في عناوينها الرئيسية من حرية وكرامة وعدالة. تتخذ الناس من هذه القيم وسائل لعملها، وتحولها إلى مشاريع بصورة أو بأخرى. لا تسقط هذه القيم بل تسقط القوى الحاملة لها. لا تتخلى الناس عن طموح التقدم بل تقع فريسة بعض الاوهام أو الاختيارات الخاطئة. يتعب الجمهور أحياناً من الصراع فيستبدل المصالح الكبرى بالمصالح الصغرى. هناك في التاريخ فارق بين الفرد والجماعة. تاريخ الافراد مليء بالتحولات السريعة. تاريخ الشعوب مساره طويل وتحولاته أكثر تعقيداً.
ما يؤكد تلك الأحداث والوقائع ما آلت اليه معظم ألأحزاب والجماعات او التكتلات الإجتماعية المنظمة العربية التي لم يخلوا منها قطر عربي واحد والتي استوعبت اعدادا كبيرة من الجماهير الساعية الى اثبات وجودها وتحقيق مكاسب وطنية واجتماعية او مصالح شخصية ولكن هذه الأحزاب نقلصت ومعظمها غاب عن الساحة والأسباب المباشرة الى غياب فعل هذه الأحزاب وعدم قدرتها على الإستمرار وتحقيق اهدافها المعلنة والتي كانت جاذبة للجمهور امام الأزمات السياسية التي ظهرت نتيجة التبدلات في الظروف الدولية والإقليمية التي كان الحزبيون يفتقرون لإمتلاك الأدوات اللازمة لمواجهة تلك التطورات ,خاصة ان معظم هذه الأحزاب كانت احزاب سلطة أولوياتها التوازن السياسي وليس المضمون السياسي الحقيقي الذي يستخلص هموم المجتمع وطموحاته. احزاب السلطة تستخدم الجمهور عناصر في بناء السلطة مرَّة بتوحيده بالعصبية الكبيرة، ومرَّة بدفعه إلى عصبيات متنافرة .
وهكذا استقالت الاحزاب من السياسة بمعناها الايجابي. وأصبحت قياداتها تركز على مصالحها الخاصة ومصالح المقربين منهم فانفض عنهم الجمهور لتصبح احزابنا العربية في معظمها احزاب عائلات او احزاب طائفية لا تمثل المجتمع الذي تقوم فيه مما خلق فراغا سياسيا كبيرا في مجتمعاتنا العربية .
ترى اين نحن من الأحزاب الوطنية الديمقراطية التي تسعى باستمرار الى رفعة الوطن والمواطن ونبحث عن اشكال التضامن والحماية والانتماء في مجتمعاتها كما هو حال حزب التنمية والعدالة التركي الذي حقق خلال ثماني سنوات إنجازات ايجابية للوطن والمواطن الترني ما عجزت احزاب عربية عن تحقيق ولو 10% مما حققه حزب التنمية والعدالة فهل نرقى بأحزابنا الى مستوى يليق بمجتمعاتنا وعروبتنا ؟