على هامش سيرة غرق عمان

تم نشره الثلاثاء 10 تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 02:06 مساءً
على هامش سيرة غرق عمان
أ.د. سليمان الطراونة

هذا أمر متن سيرته يطول شرحه هيدرولوجياً وهيدروليكياً كما يعلم العشرات من زملائي في هندسة المياه والمئات من طلبتي بما يقارب هذا التخصص المهم ليس فقط لكون الأردن من أفقر ثلاث دول في العالم في المياه وإنما لكون شح المياه يتناسب طردياً مع تكرار الفيضانات الوامضة، أي الفيضانات الناتجة عن شدة مطرية لم يُحسب حسابها أو لم تُصمم شبكات التصريف بناءً عليها. فالعقبة من أشد المدن جفافاً في الأردن لكنها من أكثر مدن الأردن تكراراً للفيضانات الوامضة ذات الشدة العالية في فترات قصيرة، وقد ازداد تكرار ذلك منذ عقد من السنين كما يعلم الجميع ...

لم أعتد الدفاع عن المسؤولين، وهم ليسوا بحاجة لدفاعي عنهم لكنني كمتخصص درّس مئات المهندسين في البكالوريوس والماجستير والدكتوراة في هيدرولوجيا المدن أقدّم شهادة أمام الله والتاريخ والشعب الأردني أن ما حصل في عمان مؤخراً من أضرار جراء الفيضانات ليس تقصيراً من رئيس الوزراء أو هيئة الوزارة أو أمين عمان والقائمين على الأمانة، وإنما هو نتيجة قرار سابق أو جملة قرارات سابقة اعتماداً على دراسات أسبق منها منذ عقدين على الأقل أدت لأسباب مادية أهمها شح الموارد إلى تصميم شبكات تصريف المياه في عمان وغيرها من المدن الأردنية لتصريف مياه بشدة مطرية كانت تقريباً كافية لكن بازدياد شدة وتكرار الفيضانات الوامضة في مختلف المدن العربية والعالمية جراء التغيرات المناخية أصبحت تلك الشبكات غير كافية، فالأمر جوهرياً ليس تقصيراً في الشبكات، الأمر الجوهري هل نملك الإمكانيات لإعادة تصميم تلك الشبكات التي أصبحت غير كافية في ظل التغيرات المناخية التي جعلت تضرب بقوة في كل أطراف المعمورة ولا سيما المناطق شبه الجافة ولا سيما العربية منها...

أنا أعلم أن من أعتادوا على المعارضات الاستعراضية لن ترضيهم هذه العجالة التي اعتمدت هندسياً على مئات الدراسات، فلا ذنب لرئيس الوزارء أو أمين عمان أو غيرهما ممن سلقتهم ألسنة من اعتادوا على النقد البالوني الاستعراضي، الذنب ثانياً في حصول هذه الفيضانات الوامضة على التغيرات المناخية التي زادت من حدة الشدة المطرية التي أتت بدقائق بضعف قدرة شبكة التصريف على التحّمل، لكن الذنب الحقيقي في غرق عمان أولاً هو على عمان، لأن التوسّع الشديد في عمان في العقدين الماضيين جعل عمان عمانات، وجعل معامل الجريان أي نسبة ما يجري مما يسقط من مياه يتضاعف مما أدّى لما حصل من فيضانات أغرقت عمان التي حولناها بأيدينا إلى عمانات...

وهذا أمر هندسي يطول شرحه وتتعدد مخارجه ومداخله في كل مدينة أردنية، بل وفي كل جزئية من تلك المدينة ولا سيما عمان العاصمة الحادة الميول والإنحدارات!

لذا فإن الحلول العلمية الهندسية لهذه الكوارث الطبيعية ليست سحرية لكنها ليست مستحيلة إدارياً واقتصادياً وهندسياً، لكنها لا تقوم على تبادل اللوم واللوم المضاد ولا على الهبوط على الحلول بالمنطاد وإنما على حملة وطنية واعية إدارية علمية هندسية اقتصادية مائية تًشعل في كل مدينة أردنية شمعة إنقاذية بدلاً من لعن أشعة الظلام المتشعبة الظاهر والطوية ...

وأول قولي وليس آخره: اللهم التوفيق للمستفيق لخروج الفريق من آفات التفريق



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات