"حيتان المطبوعات" بالأردن.. من يردعهم؟
المدينة نيوز - : تزايدت في الآونة الأخيرة تجارة الكتب المقلدة بالأردن، ويطلق على أصحابها "حيتان المطبوعات" الذين يستنسخون المؤلفات ويبيعونها بعيدا عن عيون الناشر والمؤلف وينتهكون حقوق الملكية الفكرية.
وما فجّر قضية قرصنة الكتب مجددا هو قيام الروائية ليلى الأطرش بشراء مجموعة من روايتها "ترانيم الغواية" من مركز بعمّان لتكتشف أنها مقلدة وتلجأ للقضاء، وما تبع ذلك من هجمات لمتضررين ومتضامنين على حيتان المطبوعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
واختلفت وجهات النظر حيال استنساخ الكتب وبيعها، فهناك من يرى أنها اعتداء على حقوق الناشر والمؤلف، ومن يتساءل "كيف لناشر أن يطالب بحقوق لم يدفعها"، ومن يقول "عندما يصبح لدينا قارئ يقتني الكتاب كعادة يمكننا التحدث عن حقوق الملكية".
ويعاقب قانون حماية حق المؤلف الأردني المدانين بالسجن بين ثلاثة أشهر وسنة أو غرامة مالية تتراوح بين 1000 و6000 دينار أردني (1300 و9000 دولار أميركي) ويحق للقاضي إيقاع العقوبتين، وفي حالة تكرار الاعتداء يحق لوزير الثقافة التنسيب بإغلاق دار النشر أو منفذ التوزيع.
التقليد إساءة
ويرى مدير دائرة المكتبة الوطنية محمد يونس العبادي أن الدائرة هي الجهة الرسمية المكلفة بتطبيق قانون حماية حق المؤلف لسنة 1992 وتعديلاته، وللموظفين المكلفين الذين يقومون بجولات تفتيشية يومية في عمّان ومحافظات المملكة صفة الضبطية العدلية وتلقي الشكاوى المتعلقة بأي اعتداءات.
وقال العبادي للجزيرة نت إنه أحيلت 5000 قضية للقضاء منذ 2001، بمعدل 35 قضية شهريا، لافتا إلى أن القضاء الأردني يولي قضية الاعتداء على الملكية الفكرية اهتماما كبيرا، واصفا القانون الأردني بأنه من أحدث القوانين في مجال حق المؤلف.
واعتبر العبادي أن تقليد الكتاب يسيء له ولسمعة المؤلف، وقال إن الهدف هو تحقيق أرباح والتهرب من الضرائب، مبينا أن البيع يتم دون فواتير حتى تغيب المسؤولية.
وتحدث العبادي عن إتلاف 800 ألف مصنف العام الماضي، منها 15% كتب مستنسخة، وقيام المكتبة الوطنية بمخالفة 29 مقهى في عمان وإحالتها للقضاء لبثها مباريات كأس العالم الماضية دون موافقة "بي إن سبورت" وقتها.
مصالح
من جهته، يرى الشاعر غازي الذيبة أن الزعم بإمكانية تزوير الكتاب أو تقليده مسألة ساذجة، خاصة أن المكتبة العربية لا تزال فقيرة، وإنتاج الكتاب العربي ضعيف، ولذا نحتاج تنشيط إنتاجه حتى تعمم القراءة ومن ثم نتحدث عن القضايا الثانوية التي تتعلق بما يسمى بتقليد أو تزوير الكتب.
وقال الذيبة للجزيرة نت إن مسألة بيع الكتب المزورة كما يُدّعى مرتبطة بمصالح بعض الناشرين الذين يحرمون القراء من اقتناء الكتب بأسعار تناسب دخولهم، وأن حقوق المؤلفين يجب مناقشتها من زاوية بعض دور النشر وكيف تتعامل مع الكتّاب وتستغلهم وتطبع كتبهم على حسابهم دون أن تمنحهم حقوقا، وبالتالي كيف تطالب بمنع تقليد كتب لم تدفع لأصحابها حقوقهم؟
وحسب الذيبة الذي يعمل أيضا في مجال النشر، فإن القضية ليست شائكة بقدر ما تحتاج لاحترام القارئ والكاتب قبل أن تصبح قضية حقوق ملكية، لافتا إلى أن ثمة حركة عالمية لكسر التابوهات المتعلقة باحتكار المعرفة باعتبارها حقا للجميع وليس لمنتجيها فقط.
طبعة شعبية
بدوره، كشف مدير أزبكية عمان للكتاب حسين ياسين أن بعض الروائيين والروائيات الكبار أبلغوه حرفيا "اطبع من كتبي ما تشاء"، وقال إن الكاتب المحترم يهمه انتشار مؤلفاته لا أن تظل رهن المخازن أو رفوف المكتبات لارتفاع سعرها.
وقال إن معظم مؤلفات الأردنيين مكدسة ويدعي ناشرون أنها نفدت لأنه طبع كمية لا تتجاوز الدعم المقدم من وزارة الثقافة، وقد ابتعنا في أزبكية عمّان آلافا من الكتب من دور نشر محترمة وكبيرة وبعناها بأسعار زهيدة.
وعزا ياسين انتشار الكتاب المقلد لعدم الاتفاق مع الناشر على طباعة الكتاب الشعبي إلى جانب طبعة فاخرة لمن يريد الكتاب "زينة" لا رغبة منه في القراءة. ( الجزيرة نت )