مرة أخرى يطل الاحتكار بوجهه القبيح

تم نشره الجمعة 13 تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 12:11 صباحاً
مرة أخرى يطل الاحتكار بوجهه القبيح
عمر شعبان

 في وقت قد يكون تم إختياره بعناية حيث المعظم الفلسطيني مشغول و منشغل بمتابعة الاخبار السياسية ، و بهدوء شديد لا يتناسب مع خطورة الموضوع ، يتم الاعلان عن توقيع إتفاقية بين صندوق الاستثمار الفلسطيني ، بصفته الوصي نيابة عن الشعب الفلسطيني على حقول الغاز الفلسطيني في سواحل قطاع غزة مع تجمع من شركات القطاع الخاص الكبرى منها " صندوق الاستثمار الفلسطيني، وشركة (باديكو)، ومجموعة الاتصالات الفلسطينية ، ومجموعة البنك العربي، وشركة اتحاد المقاولين (CCC)و آخرين لتوريد الغاز الفلسطيني في سواحل قطاع غزة إلى محطة جنين في شمال الضفة الفلسطينية. لم يوضح الخبر أي تفاصيل إضافية ذات قيمة ، فليس واضحا كيف سيتم ضخ الغاز من بحر غزة إلى جنين ؟ أو قيمة العقد أو مدته ؟ وهل سيتم تزويد قطاع غزة بالغاز ليس ضمن الاتفاق ؟ و متى سيتم التنفيذ و غيرها من التفاصيل المهمة جدا.

يتوجب التأكيد هنا أن موارد فلسطين الطبيعية و البشرية هي من حق كل فلسطين بغض النظر عن موقع وجودها إو إكتشافها ، بل أن الحالة الفلسطينية تستوجب تعزيز الترابط الاقتصادي بين محافظات الوطن جميعا و تعزيز التبادل التجاري و الثقافي بينها بما يساهم في تعزيز الشعور الوطني. كذلك نؤكد أن توظيف الموراد الطبيعية في فلسطين لمصلحة شعبها و اقتصادها هو محمود جدا لتقليل الاعتماد المتزايد على الدول المانحة و تعزيز السيادة الوطنية ، لكن يجب أن يتم ذلك بشفافية تامة بما يحقق المصلحة العليا للمعظم الفلسطيني.

عودة للعقد ذاته الذي تشوبه الكثير من العيوب القانونية مما يجعله غير قانوني و يتوجب فسخه ، مثلا بعض الشركات ذات العلاقه به مثل صندوق الاستثمار و شركة CCC صاحبة محطة توليد الكهرباء بغزة و صاحبة العقد الحصري الذي يمتد لعشرين عاما تمتلك حصة كبيرة في حقول الغاز و هي كذلك التي حصلت على عقد إنشاء و تشغيل محطة توليد الطاقة الكهربائية في شمال الضفة الغربية. أي انهم يبيعون لأنفسهم . العقد لم يعلن للعموم و لم يتم مناقشة بنوده مع المجتمع و لم يتم عرضه على المجلس التشريعي المتعطل من ثماني سنوات. العقد يعزز حالة الاحتكار و الاستلاب التي تمارسها الشركات الكبيرة على الاقتصاد الفسطيني مما جعله أسيرا لها .

مرة أخرى يتحالف رأس المال مع السلطة حيث تتداخل المصالح والقضايا العامة في الكثير من المجالات على سبيل المثال لا الحصر الاسمنت و الكهرباء و البنوك و التأمين و الاتصالات و التبغ و غيرها من المجالات الحيوية مع السلطة بمفاصلها المتعددة و آخرها إعادة إعمار قطاع غزة . يحدث هذا منذ نشوء السلطة الفلسطينية مستغلة إنشغال المعظم في القضايا السياسية في البداية و مستفيدة بشكل كبير من حالة الانقسام لاحقا حيث وفر الانقسام الداخلي فرصة ذهبية لهذه الشركات للسيطرة على مفاصل الاقتصاد و المجتمع الفلسطيني.

لقد دفع الاحتكار بالمجتمع الفلسطيني إلى حفرة الفقر و الحرمان و عمق الهوة بين الاثرياء و باقي الشرائح في المجتمع الفسطيني و أضعف الطبقة الوسطى ، رغم أهمية دورها في حفظ التوازن و الانسجام في المجتمع . الاحتكار كان و مازال أحد الاسباب الاساسية في التدهور الاقتصادي و التراجع في مستويات المعيشة للشعب الفلسطيني و إضعاف روح المنافسة في الاقتصاد الفلسطيني. الاحتكار يعطي مزايا هائلة للأقلية المحتكرة على حساب آلاف الشركات الصغيرة و الصغيرة جدا والتي تشكل العمود الفقري للإقتصاد الفلسطيني .

إن تداعيات هذا العقد الاحتكاري خاصة اكثر من خطيرة و على أكثر من صعيد ، ليس فقط على صعيد إستنزاف الموارد الطبيعية و تعميق حالة الاحتكار و الهوة بين الاثرياء و غالبية الشعب الفلسطيني. بل يتعداه إلى ماهو أخطر و هو أن قطاع غزة و مشاكله و مستقبله ليس على ضمن حسابات النظام السياسي الفلسطيني . قطاع غزة الذي ينمو سكانيا بشكل كبير و تتضخم مشاكله سيصبح غير قابل للحياة خلال عدة سنوات حيث ما يشير إليه الواقع و التقارير الدولية أيضا.

إن تزويد جنين بالغاز الفلسطيني في البحر المتوسط خطوة إيجابية و وطنية جدا رغم الشك أن ذلك سيصب في صالح المواطن البسيط ، لكن قطاع غزة الذي يعاني منذ سنوات طويلة كارثة انقطاع الكهرباء و تأثيراتها المدمرة على جميع جوانب الحياة حاليا و مستقبلا من حقه أيضا أن يكون على سلم أولويات الحكومة و صندوق الاستثمار الفلسطيني و النظام السياسي برمته . خاصة أن محطة التوليد التي شغلت عام 2000 قد تم تصميمها كي تتحول على الغاز الطبيعي لاحقا بدلا من البترول الصناعي المستورد من إسرائيل و الذي يشكل شراءه عبئا كبيرا على موازنة السلطة و المواطن . كذلك فإن إستخدام الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء كفيل بتخفيض تكلفة الكهرباء بشكل كبير.

السؤال : ما هو موقف القوى السياسية من مثل العقد الاحتكاري الذي يتم دون أي رقابة من قبل المؤسسسات الرقابية الرسمية و الشعبية ! ما هو موقف السيد رئيس الوزراء الذي زعم بشكل قاطع قبل اسابيع قليلة أن حكومته هي الاكثر شفافية في العالم حتى من حكومات السويد و سويسرا و اليابان!

يبدو أن ما كتبته قبل عدة سنوات كان صوابا:

ما أقرب غزة لنيجيريا رغم تباعد الجغرافيا ، نيجيريا من أكبر مصدري النفط في العالم و هي من أكثر مناطق العالم فقرا، يموت مئات النيجيرون و هم يحاولون الحصول على بضع لترات من نفطهم الذي يتدفق من بين عيونهم و يعاني المواطنون الفلسطينيون في قطاع غزة من إنقطاع الكهرباء و الغاز في حين ان حقول الغاز في عرض المتوسط على مرأى منهم .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات