فكر فلسطيني مغلوط !

تم نشره الجمعة 13 تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 12:13 صباحاً
فكر فلسطيني مغلوط !
عادل محمد عايش الأسطل

من سنن العداء المُعتادة، هو قيام جهة ما، تربطها علاقة صراعية مع جهةٍ أخرى، بنشر كل ما هي عليه من نجاحات سياسية وإنجازات عسكرية، تبعاً للحالة السائدة والأهداف المرجوّة، وأن تبحث بالمقابل عن أمكنة الضعف والأخطاء السياسية والعسكرية التي تقع بها تلك الجهة، بهدف متابعتها والبناء عليها، لاستخدامها سياسياً وعند اندلاع الحرب، حيث تكون الغلبة حينها إلى القوة التي حازت نجاحات موثوقة، وجمعت أخطاءً أكبر باتجاه القوّة المقابلة.

منذ فترة طويلة، وحتى هذه الأثناء تجتاح مواقع الإعلام والتواصل الاجتماعي الفلسطينية، صرعة مذهلة، تتمثل في قيامها بإذاعة وعرض مشاهد عفويّة ومقصودة، باعتبارها أفشال وإخفاقات، يقع فيها إسرائيليين، وخاصة ممن هم ينتمون إلى مؤسسة الجيش الإسرائيلي، باعتبارها إخفاض من قيمتهم ومستوياتهم المتخصصين بها، وفي نفس الوقت، مادة للسخرية والتسلّي، والأغرب هو عندما يُتابعها ويقوم بتداولها من هم على درجات علمٍ متقدّمة.

هناك أمثلة وهي على ثلاث صور، الأولى: قائد عسكري لا يُحسن المراقبة بالمنظار، مسؤول عسكري تزِلّ قدمهُ عن سلّم مروحيّة، جندي لا يستطيع القفز على الحائط، جندي يفشل في إيقاف دولاب شحنٍ مُنحدر، وفي الصورة الثانية والأكبر: قائد عسكري يتخفّى من صواريخ المقاومة، جنود مدججين بالسلاح يفرّون أمام الحجارة التي يقوم بإلقائها فلسطينيون باتجاههم، جنود يلوذون بالفرار أمام سكاكين فلسطينيين كانت مُرسلة إليهم، والثالثة: أن المواطنين الإسرائيليين يلتزمون بيوتهم بعد كل حادثة خوفاً ورهباً.

يُقصد بالصورة الأولى، أن هذا هو الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، وهذه نتائج تدريباته التي خاضها على مرّ مدّة التحاقه بالمؤسسة العسكرية، ويُقصد بالصورة الثانية، بأن الجيش قُوّاداً وجنوداً، هم جبناء، يخافون من جر الحبل، والثالثة: تدل على أن الإسرائيليين بجملتهم، هم أكثر جُبناً، وأقل ولاءً لإسرائيل، دولةً وأرضاً.

ربما لا يجدر بنا أن نصل إلى هذه النتائج بسهولة، بسبب عدم صلتها بالواقع، فعلاوة على أن الإخفاقات التي تضمّها الصورة الأولى هي إخفاقات تقع فيها كل الجيوش حتى بين المارينز الأمريكي وعناصر النخبة في الدول، ولكنها لا تُعير انتباهاً، أو يُحذر سحب العدسات باتجاهها أو تداولها، فإنها تعتبر في الأساس أخطاءً بشرية، ولدى مؤسسة الجيش (مُنبهاً) بأن هناك أخطاء يجب تداركها.

وأما الصورة الثانية: وحتى في حضور صحة أن هناك جُبن، لكنها أفضل من الاستنكاف عن الظهور في ميادين الحرب، والثالثة، فهي تتبع غريزة حب العيش وكراهية الموت– مع الاحتفاظ بأن هناك نِسباً متفاوتة- تعمل بنشاط كأي إنسانٍ أو حيوان، عندما يشعر بما قد يضر بحياته، إذ ليس من المعتاد أن يقوم أي كائنٍ حي، بتعريض حياته للأذى أو زجّها نحو الخطر، سيما وأن أمامه ملاذاً للنجاة.

ولو أننا انتبهنا لأنفسنا بأننا على خطأ، فإنه يجدر بنا التنبّه أكثر، من أن الصور التي نسخر بها، هي بالنسبة لإسرائيل تمثّل الخدمة - جليلة القدر- بل وتفوق بأدوار كثيرة تلك الخدمة التي يرجوها الفلسطينيون، باعتبارها فخراً لها أمام العالم، بأنها مثالاً للقيم والأخلاق والإنسانية، وأن بيدها إماتة من أمامها في التو واللحظة، وفي ذلك تأكيد بأنها لا تلجأ إلى القتل إلاّ في حال الضرورة القصوى والمدافعة عن النفس، ومن ناحية أخرى، تضع المجتمع الدولي، لأن يتصور هذه المشاهد، بأنها حصلت داخل جيش لأي قطرٍ عربي.

تجدر الإشارة، إلى أن قصة النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي "أحمد الطيبي" عندما قام بطرد النائب الإسرائيلي عن جزب الليكود الحاكم "أورن حازان" من جلسة الكنيست، باعتباره رئيس الجلسة، والتي صفق لها الجمهور العربي، باعتبارها سابقة ضخمة، يمكن الفخر بها وتسجيلها في كتب التاريخ، كانت بمثابة إثباتٍ مُضاف لإسرائيل كونها دولة ديمقراطية، أمام المجتمع الدولي ككل، أو على النطاق الغربي على الأقل.

لو كانت الأمور تسير بهذه السهولة، لَما احتجنا أن تتذكّر، بأن إسرائيل بجيشها - قادة ومسؤولون وجنود- لا زالت تحافظ على كيانها على مدى سبعين عاماً بعد خوضها عدّة حروب طاحنة، وعِدّة عمليات وحملات عسكرية صاخبة، وملأت الدنيا بسياسات أناخت برؤوس دولٍ عظيمة، من خلال رواياتها الممتدّة على مدار التاريخ، ولما احتجنا مشاهدة أسراباً من المهاجرين اليهود تعلو إليها، منذ نشأتها وإلى هذه الساعة.

إن استخدامنا لمثل هذه الفواشل، واستمرارنا عليها، يدل على السطحية وإغفال حقيقة الذات، ومن ثمّ لا تجلب لنا نفعاً ولا نتائج مُربحة، باعتبارها أفكاراً مغلوطة، إضافةً إلى أنها في حقيقتها، تصب بشكل مباشر وبقوّة مُنقطعة في خدمة إسرائيل، التي أصبحت تعتمد في كل يوم شيئاً جديداً، وسواء كان باتجاه تصميم إجراءات ضد الفلسطينيين بحجة الأمن والحماية، أو باتجاه أعمال نماء وتطوير خاصة بها، لمواكبة النظام الدولي المتقدّم، في مواجهة المستقبل.

خانيونس/ فلسطين

فكر فلسطيني مغلوط !
د. عادل محمد عايش الأسطل
من سنن العداء المُعتادة، هو قيام جهة ما، تربطها علاقة صراعية مع جهةٍ أخرى، بنشر كل ما هي عليه من نجاحات سياسية وإنجازات عسكرية، تبعاً للحالة السائدة والأهداف المرجوّة، وأن تبحث بالمقابل عن أمكنة الضعف والأخطاء السياسية والعسكرية التي تقع بها تلك الجهة، بهدف متابعتها والبناء عليها، لاستخدامها سياسياً وعند اندلاع الحرب، حيث تكون الغلبة حينها إلى القوة التي حازت نجاحات موثوقة، وجمعت أخطاءً أكبر باتجاه القوّة المقابلة.
منذ فترة طويلة، وحتى هذه الأثناء تجتاح مواقع الإعلام والتواصل الاجتماعي الفلسطينية، صرعة مذهلة، تتمثل في قيامها بإذاعة وعرض مشاهد عفويّة ومقصودة، باعتبارها أفشال وإخفاقات، يقع فيها إسرائيليين، وخاصة ممن هم ينتمون إلى مؤسسة الجيش الإسرائيلي، باعتبارها إخفاض من قيمتهم ومستوياتهم المتخصصين بها، وفي نفس الوقت، مادة للسخرية والتسلّي، والأغرب هو عندما يُتابعها ويقوم بتداولها من هم على درجات علمٍ متقدّمة.
هناك أمثلة وهي على ثلاث صور، الأولى: قائد عسكري لا يُحسن المراقبة بالمنظار، مسؤول عسكري تزِلّ قدمهُ عن سلّم مروحيّة، جندي لا يستطيع القفز على الحائط، جندي يفشل في إيقاف دولاب شحنٍ مُنحدر، وفي الصورة الثانية والأكبر: قائد عسكري يتخفّى من صواريخ المقاومة، جنود مدججين بالسلاح يفرّون أمام الحجارة التي يقوم بإلقائها فلسطينيون باتجاههم، جنود يلوذون بالفرار أمام سكاكين فلسطينيين كانت مُرسلة إليهم، والثالثة: أن المواطنين الإسرائيليين يلتزمون بيوتهم بعد كل حادثة خوفاً ورهباً.
يُقصد بالصورة الأولى، أن هذا هو الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، وهذه نتائج تدريباته التي خاضها على مرّ مدّة التحاقه بالمؤسسة العسكرية، ويُقصد بالصورة الثانية، بأن الجيش قُوّاداً وجنوداً، هم جبناء، يخافون من جر الحبل، والثالثة: تدل على أن الإسرائيليين بجملتهم، هم أكثر جُبناً، وأقل ولاءً لإسرائيل، دولةً وأرضاً.
ربما لا يجدر بنا أن نصل إلى هذه النتائج بسهولة، بسبب عدم صلتها بالواقع، فعلاوة على أن الإخفاقات التي تضمّها الصورة الأولى هي إخفاقات تقع فيها كل الجيوش حتى بين المارينز الأمريكي وعناصر النخبة في الدول، ولكنها لا تُعير انتباهاً، أو يُحذر سحب العدسات باتجاهها أو تداولها، فإنها تعتبر في الأساس أخطاءً بشرية، ولدى مؤسسة الجيش (مُنبهاً) بأن هناك أخطاء يجب تداركها.
وأما الصورة الثانية: وحتى في حضور صحة أن هناك جُبن، لكنها أفضل من الاستنكاف عن الظهور في ميادين الحرب، والثالثة، فهي تتبع غريزة حب العيش وكراهية الموت– مع الاحتفاظ بأن هناك نِسباً متفاوتة- تعمل بنشاط كأي إنسانٍ أو حيوان، عندما يشعر بما قد يضر بحياته، إذ ليس من المعتاد أن يقوم أي كائنٍ حي، بتعريض حياته للأذى أو زجّها نحو الخطر، سيما وأن أمامه ملاذاً للنجاة.
ولو أننا انتبهنا لأنفسنا بأننا على خطأ، فإنه يجدر بنا التنبّه أكثر، من أن الصور التي نسخر بها، هي بالنسبة لإسرائيل تمثّل الخدمة - جليلة القدر- بل وتفوق بأدوار كثيرة تلك الخدمة التي يرجوها الفلسطينيون، باعتبارها فخراً لها أمام العالم، بأنها مثالاً للقيم والأخلاق والإنسانية، وأن بيدها إماتة من أمامها في التو واللحظة، وفي ذلك تأكيد بأنها لا تلجأ إلى القتل إلاّ في حال الضرورة القصوى والمدافعة عن النفس، ومن ناحية أخرى، تضع المجتمع الدولي، لأن يتصور هذه المشاهد، بأنها حصلت داخل جيش لأي قطرٍ عربي.
تجدر الإشارة، إلى أن قصة النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي "أحمد الطيبي" عندما قام بطرد النائب الإسرائيلي عن جزب الليكود الحاكم "أورن حازان" من جلسة الكنيست، باعتباره رئيس الجلسة، والتي صفق لها الجمهور العربي، باعتبارها سابقة ضخمة، يمكن الفخر بها وتسجيلها في كتب التاريخ، كانت بمثابة إثباتٍ مُضاف لإسرائيل كونها دولة ديمقراطية، أمام المجتمع الدولي ككل، أو على النطاق الغربي على الأقل.
لو كانت الأمور تسير بهذه السهولة، لَما احتجنا أن تتذكّر، بأن إسرائيل بجيشها - قادة ومسؤولون وجنود- لا زالت تحافظ على كيانها على مدى سبعين عاماً بعد خوضها عدّة حروب طاحنة، وعِدّة عمليات وحملات عسكرية صاخبة، وملأت الدنيا بسياسات أناخت برؤوس دولٍ عظيمة، من خلال رواياتها الممتدّة على مدار التاريخ، ولما احتجنا مشاهدة أسراباً من المهاجرين اليهود تعلو إليها، منذ نشأتها وإلى هذه الساعة.
إن استخدامنا لمثل هذه الفواشل، واستمرارنا عليها، يدل على السطحية وإغفال حقيقة الذات، ومن ثمّ لا تجلب لنا نفعاً ولا نتائج مُربحة، باعتبارها أفكاراً مغلوطة، إضافةً إلى أنها في حقيقتها، تصب بشكل مباشر وبقوّة مُنقطعة في خدمة إسرائيل، التي أصبحت تعتمد في كل يوم شيئاً جديداً، وسواء كان باتجاه تصميم إجراءات ضد الفلسطينيين بحجة الأمن والحماية، أو باتجاه أعمال نماء وتطوير خاصة بها، لمواكبة النظام الدولي المتقدّم، في مواجهة المستقبل.
خانيونس/ فلسطين

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات