رسالة من مقدسي الى السيد أحمد عبيدات!
دولة رئيس الوزراء الأردني الأسبق أحمد عبيدات الموقر,
أبدأ رسالتي هذه بتحية حارة وخاصة..انها تحية خاصة كونها توجه الى دولتكم من عربي فلسطيني مقدسي..من مدينة القدس الخالدة التي تحتضن في رحمها أقدس المقدسات الاسلامية والمسيحية..المدينة التي تصرخ بأعلى صوتها"أين أنتم يا أمة المليار ونصف المليار", ولكن لا مجيب, فقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي..ألم يصدق مظفر النواب في كل كلمة قالها في قصيدته"القدس عروس عروبتكم"؟, نعم يا دولة الرئيس, القدس أغتصبت ولا يزال المغتصب يكمل عمليته الوحشية على مراى ومسمع القادة الفلسطينيين والعرب والمسلمين, فهل الى هذا الحد هانت عليكم القدس يا نافخي الكير؟..ورحم الله أستاذنا وكاتبنا الكبير الراحل محمد أبو شلباية الذي أطلق صرخته المدوية في سبعينيات القرن المنصرم"واحسرتاه يا قدس".
دولة الرئيس,
بعد أن أصدر المتقاعدون العسكريون بيانهم فيما عرف ب"بيان الستين", والضجة الاعلامية التي أثارها بين مؤيد ومعارض, كنت أحد الذين عارضوا بيانهم بشدة, وذلك من خلال مقال بعنوان"الستون متقاعدا والتاريخ الذي لا يرحم", أوضحت من خلاله بأنني ضد فكرة الوطن البديل جملة وتفصيلا, فالأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين, ولكن وللأسف قام البعض بتفسير ما جاء في مقالي بحسب رغباتهم, فاتهموني بأنني صهيوني وانني أتهجم على العسكريين الذين كانوا ينتسبون للجيش العربي, رغم انني وفي مجالات عديدة ذكرت بطولات هذا الجيش في الدفاع عن فلسطين وعروبتها.
لقد استشهدت في مقالي ببعض ما جاء في ردكم على بيان الستين, واتابع ما تكتبون بخصوص الميثاق الوطني الأردني, فالأردنيون وان اختلفت أصولهم, عليهم بالوحدة والوقوف صفا واحدا في مواجهة أكبر خطر يهدد الفلسطينيين والأردنيين على السواء, انه السرطان الصهيوني, وكلنا تابع تصريحات الصهاينة التي تدعي بأن الأردن هو وطن الفلسطينيين البديل ويجب ترحيلهم اليه, وفعلا بدأ الصهاينة في تنفيذ مشروعهم..والأمر الأخطر أن بعض الصهاينة يعتبرون الأردن جزءا لا يتجزأ من كيانهم الممتد من النيل الى الفرات.
ان الأطماع الصهيونية لا حدود لها, ومن هنا نقول للجميع عليكم بالوحدة والالتزام بالدستور والعمل يدا بيد ضد العابثين الذين يهدفون الى تفكيك الوطن وتمزيق وحدته, فالاخوة الفلسطينية الأردنية أقوى من كل مشاريع تصفيتها الحاقدة, وستبقى الرمز الذي من خلاله سيتم تحرير فلسطين كل فلسطين.
دولة الرئيس, لا شك أننا نمر في مرحلة تعصف بنا فيها رياح التشرذم والخلافات والانقسامات..حالة الواقع الذي فرضه علينا وأراده اتفاق سايكس بيكو بكل ما جاء فيه وما خلفه من نتائج مقيتة, وهنا أقتبس هذه الفقرة المعبرة من بيانكم"كيف نواجه فكرة الوطن البديل"( لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تفهم العلاقة الأردنية الفلسطينية أو أن تستغل أي حالة فيها من أي طرف وتحت أي ظرف لتصبح مدخلاً للانتقاص من حقوق المواطنة وواجباتها، أو سبباً لإضعاف الدولة الأردنية من الداخل، وخلق الظروف التي تؤدي إلى تمرير المشروع الصهيوني لتحويل الأردن إلى بديل عن فلسطين).
تحية اعجاب وتقدير لدولتكم والى كل الشرفاء الوطنيين الذين لقنوا من تسول لهم أنفسهم العبث باللحمة الوطنية الأردنية الفلسطينية درسا لن ينسوه أبدا, فهي صخرة بل قلعة تتحطم عندها كل قلاع المغرضين.
نعم للوحدة الأردنية الفلسطينية..نعم للأردن حرا مستقلا..نعم لتحرير القدس ومقدساتها ونعم لفلسطين التاريخية من بحرها الى نهرها, ولا ألف لا للعابثين المنتفعين الذين يهرولون وراء سراب مصالحهم الشخصية والحزبية الفئوية الضيقة, والرد على مثل هؤلاء يتضمن فيما يتضمن نشر وتعميق ثقافة الحوار وتوعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم الدستورية بعيداً عن ثقافة المحاصصة التي تعمق الانقسام ويستحيل معها تحقيق أي تطور ديمقراطي, لما فيه مصلحة الشعبين الأردني والفلسطيني الشقيقين.
دولة الرئيس,
انه لفخر واعتزاز لي أن أنضم الى قافلة من أيدوا بيانكم الأخير, فكل كلمة من كلماته جاءت في صميم قلب الواقع, والحلول المطروحة فيه هي الخيار الوحيد والأوحد لاخراجنا من ظلمات الواقع المر الذي نعيش, متمنيا وراجيا أن ينضم الى هذه القافلة الخيرة المزيد من رجالات الأردن أصحاب التأثير والثقل, خاصة في هذا الوقت العصيب الحساس.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير,