هل سيتحد مستقبل الكرة الأرضية في باريس؟؟
"هنا في باريس سيتحدد مستقبل الكرة الأرضية"، بهذه الكلمات التي قالها الأمين الام للأمم المتحدة، أبدى قادة الدول المشاركين في قمة المناخ المنعقدة في باريس حرصا غير مسبوق على ضرورة التوصل لاتفاق جذري بشأن المناخ .انها تحديات جمة يواجهها المؤتمرون ويقفون حائرين ما بين الإرهاب من جهة ومعالجة الاحتباس الحراري من جهة أخرى.
وكما اعترف الأمين العام للأمم المتحدة بأنه لم تواجه البشرية مثل هذا التحدي من قبل، يقف أيضا مناشدا القادة قائلا: " نحن بحاجة الى اتفاقية عالمية في باريس".
أسئلة صعبة ومتشابكة تظهر علاقة المناخ العابر للقارات والذي لا يعرف الحدود ، علاقة وطيدة بالعدالة والإنصاف والمسؤولية والالتزام. وبينما تصارعت المجتمعات المحلية وصانعو السياسات في مختلف أنحاء العالم مع هذه الأسئلة، فهم انفسهم الذين قد أوصلونا جميعاً إلى عتبة فرصة هائلة اليوم . إنها فرصة لاتخاذ الخطوة التالية في عملية الانتقال من حالة تصبح فيها الدولة هي النواة المركزية إلى أخرى تتأصل جذورها في الوحدة التي تربطنا كساكني محيط حيوي واحد، ومواطني عالم واحد. وهنا تتضح الحاجة إلى اتباع نهج جديد يركز على مبادئ العدالة والإنصاف لمواجهة الآثار المدمرة للتغير المناخي، التي تفاقمت بسبب التطرف في الغنى والفقر. وبالرغم من ان المؤتمر بدأ مشدودا في المواقف ، الا ان الأسئلة لم تعد تتكرر كما في السابق عن من هو المسؤول عن آثار التغير المناخي؟ومن سيدفع كلفة الأضرار؟
فالتحدي اليوم الذي يواجه قادة العالم في مؤتمر المناخ هو ليس تحدياً تقنياً فحسب بل أخلاقياً أيضاً، والذي يتطلب منهم تحولاً في الأفكار والسلوكيات يؤدي بهيكلنا الاقتصادي والاجتماعي لتوسيع نطاق فوائد التطور على الناس كافة.
فهل من الممكن النظر إلى تحدي التغير المناخي عبر منظار آخر - منظار يتصور البشرية ككل موحد، لا تختلف كثيراً عن خلايا الجسم البشري والتي تميزت إلى عدد غير متناه من الخلايا المختلفة في الشكل والوظيفة، بيد أنها متحدة في الهدف المشترك الذي يسمو فوق الغرض الذي صنعت من أجله أجزاؤه المركبة؟؟
مؤتمر المناخ ليس مجرد دعوة للتعاون؛ وإنما يجب ان يسعى إلى إعادة صياغة التفاعل البشري والتي كانت غير عادلة، لتحل محلها أنماط أخرى تعكس الروابط والعلاقات التي تجمعنا كأعضاء جنس بشري واحد. فلم نعد نحتمل قرارات وتوصيات هلامية ختامية وكلمات نظرية غير تطبيقية؛ فنحن الآن امام مشكلة هائلة ومربكة ، والمطلوب من المشاركين البحث الجاد التحليلي وضمان التعهد اللازمين للمضي قدماً بأخلاقيات تتسم بالتماسك تكفي لحل أزمة المناخ. فإن ما أردنا التقدم ، علينا الإصرار بأن يتشارك الكل في المسؤوليات لهدف ازدهار جميع الشعوب، يجب على هذا المبدأ أن تتغلغل جذوره في وجدان المشاركين.
الرئيس الفرنسي بدا جادا أكثر من اي وقت مضى، حيث لم تفق بلده الملكومة من الاحداث الدامية التي مرت بها، وخاطب الحضور في كلمته الترحيبية: "وماذا عن البلدان الفقيرة " ؟ وعاد ليذكر الحضور بنبره حازمة : "لن تتنصل أي دولة من التزاماتها، ولا بد ان تتحمل الامم المتقدمة مسؤولياتها، وان تتغير من النمط القائم على المنافسة الى نمط التعاون."
اذن، ستتطلب الإستجابة للتغير المناخي تغيرات عميقة على مستوى الفرد والمجتمع ودول العالم. فالتغير المناخي، يحتاج الى إستئصال الفقر، والمساواة بين الجنسين، والتنمية والتي تسعى للإستفادة من الموارد البشرية والطبيعية بطريقة تسير لترقي وإزدهار الناس كافة. فلندعو إذن لمؤتمر المناخ بالنجاح ، فأنا متفائلة جدا هذه المرة.