الخيار المجهول

تم نشره الإثنين 24 أيّار / مايو 2010 10:47 صباحاً
الخيار المجهول
عبدالرحيم غنام

منذ ان بدأت حكومة نتنياهو حملتها على سوريا ولبنان وإيران وحزب الله وحركة حماس في قطاع غزة المحاصر حصارا شاملا ليس من قبل الكيان الإسرائيلي الصهيوني فحسب بل ومن قبل دول غربية اخرى تدور في فلك امريكا وإسرائيل، بالإضافة الذين يصرون وبكل قوة على إبقاء الإنقسام "الفلسطيني / الفلسطيني" بين شطري الوطن الواحد "قطاع غزة ، والضفة الغربية الرازحة تحت  الإحتلال الإسرائيلي الصهيوني منذ ثلاث واربعين سنة ويبذلون قصارى جهودهم من اجل استمرار الإنقسام الذي يحقق لهم مصالحهم الشخصية الضيقة على حساب القضية الفلسطينية غير عابئين بنتائج هذا الإنقسام المدمر .
عباس ، وفياض ودحلان وشعث وعريقات ومن لف لفهم يصطفون امام جورج ميتشل مرحبين مهللين بما يحمله لهم من مشاريع ومقترحات امريكية لبحثها مع حكومة نتنياهو اليمينية الدينية العنصرية المتطرفة والرافضة سلفا لكل هذه المقترحات الأمريكية وخاصة لكل ما له علاقة بوقف الإستيطان في الضفة الغربية المحتلة عامة وفي القدس خاصة بالإضافة الى عدم رغبتها في إنجاح ما يسمى بعملية المفاوضات غير المباشرة كما صرح نتنياهو اكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة ، وفي الوقت نفسه تستعد حكومة العدو الإسرائيلي لشن حرب عدوانية شاملة على لبنان وقطاع غزة وربما على سوريا ايضا . إسرائيل تغري هذه الأيام مناورات عسكرية على الحدود اللبنانية بهدف إجتياح للبنان وقطاع غزة وتهدد وتنذر بالقضاء على المقاومة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة تلهث وراء إجراء مفاوضات غير مباشرة مع العدو الإسرائيلي محكوم عليها بالفشل قبل ان تبدأ .
إسرائيل ومعها امريكا وحلفائهما في العالم والمنطقة عملوا على تأزيم الأوضاع في المنطقة من خلال توظيف اجهزتهم الإعلامية في العالم وعلى وجه الخصوص ألأمريكية والبريطانية والغربية الأخرى بالترويج لنقل صواريخ سكود من سوريا الى حزب الله في لبنان بالرغم من تكذيب سوريا ولبنان لهذه الإدعاءات الكاذبة والملفقة من اجل الضغط امريكيا ودوليا على سوريا وتمديد فترة العقوبات الأمريكية عليها لمدة سنة جديده ، ومن أجل اشاعة اجواء الإيحاء بقرب وقوع هذه الحرب المدمرة .وإشغال الرأي العام اللبناني والعربي  ، والعالمي وخلق اجواء التوتر التي تحرم لبنان من الإستفادة من الموسم السياحي الصيفي والذي تعقد عليه الأوساط السياحية والإقتصادية آمالا كبيرة اتخذت كافة الإجراءات اللازمة لإنجاحه  ، وبينما يؤكد محللون سياسيون وخبراء عسكريون وقوع هذا العدوان وفي وقت قريب يستبعد آخرون  وقوع حرب اسرائيلية على لبنان، سواء بسبب "الدروس" التي تلقتها تل أبيب في حرب تموز 2006، كما يقول الذين رأوا فيها نصراً، أو لأي سبب آخر، ليس صحيحاً، لا جملة ولا تفصيلا. تماماً كما حال الإيحاءات أن الحرب آتية لا ريب ولن تبقي ولن تذر.
فغياب الإجماع أو شبه الإجماع على أحد الرأيين، سواء في التحليلات السياسية أو العسكرية ، وغياب الإجماع سواء في الغرب أو في الشرق، لا يعني سوى أن خطر هذه الحرب قائم وواقع مع وقف التنفيذ. أو كما يقال في الفلسفة، هذه الحرب قائمة بالقوة، غائبة بالفعل.
الواقع أن اعتداء تموز 2006 وفّر لإسرائيل هدوءاً عند حدودها الشمالية لم يتوافر لها منذ اغتصابها أرض فلسطين، مما جعل من جنوب لبنان نسخة منقحة من هضبة الجولان، مع فارق أن الأخيرة هادئة تحت الاحتلال الاسرائيلي، فيما الأولى ساكنة تحت جناح قوات "اليونيفيل" والشرعية اللبنانية.
غياب الحرب هو أحد وجوه السلام. وهو وإن يكن أضعفها فإنه يوفّر للمستوطنات الاسرائيلية الاستقرار اللازم كي تمضي أيام المحتلين بلا قلق. لكن هل يكفي هذا الأمر لتغييب احتمال وقوع الحرب؟
بين الكلام على صواريخ "سكود" وإدعاء عبورها الحدود إلى أيدي مقاتلي "حزب الله"، والغبار الكثيف الذي يثيره الملف النووي الايراني فوق لبنان وصولاً إلى البازار الإقليمي - الدولي - ، وفي السباق بين المخاوف من حرب اسرائيلية على لبنان، وبين الاطمئنان إلى عدم وقوعها كما اسلفت .يكتمل المشهد المقلق بمناورات ايران الحربية في بحر عمان ومضيق هرمز، وبمناورات اسرائيلية - أميركية جوية مشتركة، وبمعلومات الصحافة الاسرائيلية عن تزويد واشنطن تل أبيب أسلحة جديدة وقنابل ذكية ومنظومة توجيه صواريخ تعمل بالليزر. ومع بدء مناورات إسرائيلية على حدود فلسطين الشمالية مع لبنان كل هذه المؤشرات تزيد القلق اللبناني العام، خصوصاً أن تل أبيب ربطت إقدامها على الحرب بأي صاروخ يطلق من الجنوب أو من أي منطقة في لبنان، من جهته، وبرغم إشارات قياداته الواضحة إلى استبعاد الحرب، فإن "حزب الله" يعرف أنها احتمال قائم باستمرار، ولا سيما في هذه الظروف، لذا يحرص على التضامن الداخلي بأعلى صوره، ولولا ذلك لكان خاض مباشرة الكثير من المواجهات البلدية منافساً خصومه السياسيين، ولا سيما من 14 آذار، لكنه اكتفى بدعم أطراف في بعضها، والتوافق في بعضها الآخر.
هذا "الترفع" السياسي لا يكفي تبريره بالحرص على التضامن الداخلي من دون تذكر الخوف من الآتي المفاجئ، وليس بأي أمر آخر، والتاريخ يقول إن الخطر الكبير يمحو الخلافات الصغرى، أو يجعلها تفاصيل وإن كانت كبيرة.
امام هذا الواقع المقلق والخطر تجري تحركات اجنبية وعربية نشطه هذا الأيام سواء على صعيد ما شهدته العاصمة السوريية دمشق او اللبنانية بيروت ، واللقاءات السورية التركية القطرية وغيرها في العاصمة التركية اسطنبول ، وتعدد اللقاءات العربية والأجنبية في دمشق  ، أمام كل هذه التحركات الهادفة الى نزع فتيل الحرب والعدوان على لبنان وقطاع غزة إللا ان قطاع غزة ولبنان يبقيان في ساحة الخطر والعدوان ألإسرائيلي الذي يسعى لإستهداف المقاومة اللبنانية والفلسطينية أينما تواجدت ومهما كان تأثيرها محدودا ، والسؤال الذي يبقى قائما هل تفجر إسرائيل حربا ظالمة جديدة في المنطقة دون ان تعرف نتائجها مسبقا ، وهكذا تقع في الخيار المجهول .؟



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات