عيد استقلال موطني وتميز الهوية

تم نشره الأحد 23rd أيّار / مايو 2010 05:06 مساءً
عيد استقلال موطني وتميز الهوية
د. نصير شاهر الحمود

تحل علينا مناسبة عطرة للمرة الرابعة والستين لتذكرنا بمنجزات أسستها وأعلت صروحها أسرة هاشمية معطاءة على مدى يزيد على 6 عقود تمكنت من خلالها من بناء نموذج اجتماعي محكم لم يغفل أهمية جمع مختلف مكونات الوطن في مركب واحد يسير وفق بوصلة واحدة تتحرى مواجهة تحديات الوطن فضلا عن المساهمة برفعته، ليشار إليه بالبنان في قدرته على تسخير قدرات أبنائه لتجاوز عناصر نقص موارده الطبيعية.
وقد نجح الهاشميون على نحو فريد في جمع أبناء الوطن بأطيافه وطوائفه ومنابته وأصوله على قاسم مشترك أساسه محبة الوطن والإخلاص لثرى ترابه، إذ لا تصدف أي من هؤلاء في مشرق الأرض ومغربها وقد دفعته مصاعب الدنيا لهجرة موطنه لنيل عمل أو فرصة تعليم إلا وقال لك "أحمل الجنسية الأوروبية أو الأميركية، لكني لم أنفك عن جذوري وعن أرضي  كذلك لقد بارك الله في أرضي وجعلها موطنا للصديقين والشهداء وقد كانت حجر الرحى لفتوحات في صدر الإسلام، فنجان قهوة أصيلة أمام منزلي في كرك مؤتة أو أربد اليرموك تضاهي ثروات الدنيا".
لم تكن هذه اللغة أن تتجلى إلا فيمن شرب من ماء الأردن وتنفس هوائه العليل ونَعم بثقافته المتسامحة مع البعيد قبل القريب، من دون نظر لاختلاف دين أو طائفة أو أصل، فقد رسخ الهاشميون في أبناء الوطن ثقافة جمعية منذ إطلاق مسمى الجيش العربي، كما كان الأردن ولا يزال حامل لواء حماية المقدسات والدفع بالقضايا العربية المصيرية والتي لا تحتمل مجاملة للبعض أو إشعار البعض الأخر بشعور المن تجاه هذه الواجبات المقدسة.
حين توجه الرسول عليه الصلاة والسلام لإحدى رحلاته التجارية للشام وتوقف بموقع قريب من منطقة الأزرق الأردنية قبل مبعثه وتفيأ بظلال شجرة مباركة لا تزال شاهقة إلى يومنا، كان في وقوفه عليه السلام في تلك البقعة وبقاء الشجرة دليلا تاريخيا منذ ما يزيد 14 قرناً دلائل وإشارات ذات بلاغة دامغة، فقد أراد النبي الكريم أن يوحي لمن بعده بقدسية مكان سيظل بظلاله ملايين من بعده، فهذه الأرض ليست كأي أرض إنها بلد المحشر، وإنها أيضا من أكناف بيت المقدس.
تعود ذكرى الاستقلال لتؤكد من جديد على قدسية المكان وسكانه، الذين علمتهم الحياة أن في صلفها وقسوتها فوائد جمة في كثير من الأحيان، فكيف سيحفظ المجتمع أصالة كرمه وعونه والوقوف إلى جانب الضعيف والغريب والقريب من دون وجود أجواء تهيئ لذلك، متأملين أن تزول تلك المصاعب التي لم تنل من صفات مجتمعنا وكرم أصله.
الأردني بطبعه قلق على مصير إخوانه وأشقائه في العراق ولبنان والسودان فضلا عن الصومال واليمن، فكيف به لا يكون همه الأول الوقوف إلى جانب تؤامه الفلسطيني، فقد تنفس كلاهما هواء القدس الشريف، كما حوت أرضهما المقدسة ذكرى بسالة جعفر بن أبي طالب ودهاء خالد بن الوليد وفتوحات عمر بن الخطاب ومرض أبو عبيدة أمين الأمة، فكيف يمكن لتلك الذاكرة المشتركة أن تلغى بمجرد إطلاق البعض أصوات يبدو نشازها أكثر من تناغم مفرداتها.
عيد الاستقلال فرصة للتأكيد على الهوية الأردنية القائمة على تلك الصفات المكتسبة من الشخصيات الإسلامية المذكورة سلفاً، وهي ثقافة نجح في تأصيلها هاشميون يدركون أن الاستقلال لا يعني تجاهل الوقوف إلى جانب قضايا الأشقاء بل هي فرصة لإعادة التذكير بخصال حميدة لا يرضى حامله دون الحفاظ على موعده مع جميع أشقائه.

 




مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات