السنوات التي غيرت الشرق الأوسط

المدينة نيوز :- تحت هذا العنوان كتب البروفيسور الإسرائيلي أيال زيسر يقول:
إن الربيع العربي الذي مضى عليه خمس سنوات، هذا الأسبوع، غير بشكل كلي وجه الشرق الأوسط وأعاد العالم العربي مئات السنوات إلى الوراء، إلى عهد الفوضى، وبشكل خاص إلى عهد التزمت الراديكالي.
ويشير إلى بداية الربيع العربي في تونس وانتقاله إلى مصر ثم ليبيا واليمن وسوريا، ويكتب أن الهزة التي داهمت الشرق الأوسط كانت إلى حد كبير، نتاج أزمة متواصلة عاشها العالم العربي خلال العقود الأخيرة.
وقاد هذه الهزة الجيل الشاب الذي يعتبر نتاج عملية حثيثة لزيادة الجمهور العربي خلال النصف الثاني من القرن العشرين. فبينما كان العالم العربي يضم في مطلع سنوات الستينيات حوالي 100 مليون نسمة، ارتفع العدد بعد 50 سنة، عشية الربيع العربي إلى حوالي 400 مليون نسمة، ويتوقع أن يصل في 2050 إلى 700 مليون نسمة. ولم يتم توفير كل الموارد المطلوبة لضمان مستوى معيشة يسمح بالعيش الكريم لهذا العدد.
ويقول أن العالم العربي استقبل بالترحيب هذه الهزة على أمل أن يحقق شبان "ميدان التحرير" وأمثالهم تحولا يسمح للمجتمعات العربية بجسر وتجاوز الفجوة بينهم وبين المجتمعات الغربية، وبالتالي دفع نفسها نحو النمو الاقتصادي وخاصة نحو الديمقراطية.
انضم الكثير من الإسرائيليين إلى هذا الترحيب، مدعين أن على إسرائيل أن "تسبح" مع هذه الخطوة التاريخية في الشرق الأوسط وعدم الخروج ضدها، وإلا فإنه سيتم اعتبار إسرائيل تنتمي إلى الجانب غير الصحيح من خارطة الشرق الأوسط المتغيرة، وهو جانب الأنظمة الدكتاتورية العربية التي اضطهدت شعوبها وتم الآن إلقائها في حاوية النفايات التاريخي.
لكنه سرعان ما تبين أن المقصود ليس ربيعا عربيا، وإنما شتاء إسلامي. ففي غالبية الدول وصلت حركات الإخوان المسلمين إلى السلطة وسعت إلى تلوين العالم العربي بالأخضر (لون العلم الإسلامي). وفي عدة دول، كمصر وتونس أعيد الاستقرار، على الأقل بشكل جزئي. لكنه لم يحدث شيء في الدول الأخرى. ففيها انهارت مؤسسات الدولة، التي يمكن أن تكون قد اعتمدت منذ البداية على أسس متصدعة أو ربما مصطنعة، بل تم تحطيم المجتمعات التي عاشت فيها. وهكذا ضمت الهزة سوريا وليبيا واليمن إلى القائمة المتواصلة من الدول الفاشلة كالعراق ولبنان والصومال. وهكذا في صيف 2014، استبدل الربيع العربي والشتاء الإسلامي بصيف داعش، بعد تمكن محاربي التنظيم من السيطرة على شمال العراق وعلى شرق سوريا، وتلوينه لها بالأسود (لون علمه). لقد نشأ تنظيم داعش وأمثاله في سوريا والعراق وليبيا واليمن من الهزة الإقليمية وأجاد استغلال فشل الشبان العرب لقيادة والسيطرة على الاحتجاج والانقلاب الذي حققوه.
ربما كانت إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي ردت بخوف وتحفظ على الأحداث من حولها، خشية أن تسيطر على السلطة في الأنظمة المعتدلة التي تعودت عليها، حركات إسلامية كالإخوان المسلمين. لكن إسرائيل لم تتنبأ أيضا بأن الربيع العربي سيقود إلى الفوضى التي ستظهر في ظلها حركات جهادية راديكالية ترسخ ذاتها وتسيطر على امتداد حدودها، مثل داعش، الذي وجدت إسرائيل نفسها أمامه تفتقد إلى قدرة الردع التي تسمح لها بالحفاظ على ميزان رعب يضمن لها الهدوء الطويل سواء على الحدود الشمالية أو سيناء.
بهذا الشكل أو ذاك، غير الشرق الأوسط وجهه. لقد انهار النظام السياسي، والأخطر من ذلك، استبدل العالم العربي والقومية العربية عالم الطوائف والحمائل بالحركة الإسلامية الراديكالية التي تهدد جميعها بإعادة العرب مئات السنوات إلى الوراء.
(المصدر: إسرائيل اليوم 2015-12-15)