الخيارات الفلسطينية على أبواب الشهر الرابع للهبة
المدينة نيوز - : لأول مرة منذ انطلاق الهبة الشعبية، تدخلت السلطة الفلسطينية لمنع مسيرة شعبية من الوصول إلى حاجز عسكري في الضفة الغربية، في ما وصف بأنه تراجع في الموقف الرسمي، وطرح مجددا أسئلة عن خيارات القيادة الفلسطينية وإستراتجيتها المقبلة.
فمع بداية الهبة قبل ثلاثة أشهر، اعتبرت القيادة الفلسطينية ما يجري نتيجة طبيعية لتصاعد ممارسات الاحتلال ومستوطنيه وتعنت حكومته "التي أوصلت الشباب إلى حالة اليأس والإحباط والضغط"، وفق تصريح سابق للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وفي حينه لم تتدخل السلطة الفلسطينية لمنع وصول المحتجين إلى نقاط التماس والاشتباك مع الاحتلال، لكنها فعلت ذلك مؤخرا، فمنعت الجمعة الماضية مسيرة شعبية من الوصول إلى حاجز إيل العسكري عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة في محافظة رام الله.
وفي ظل هذا التراجع في الموقف الرسمي رغم استمرار عمليات الطعن والدعس الفردية التي لا يمكن لأحد التحكم بها، يطرح مجددا السؤال المُلح: ما هي خيارات القيادة الفلسطينية؟ ولماذا تغيب المبادرات السياسية؟
وإجابة على هذا السؤال يرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف أنه مع استغلال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الصمت الدولي على جرائمه وسياسة التصفيات والعقاب الجماعي لتصعيد عدوانه وخططه السياسية والاستيطانية، فليس أمام الشعب الفلسطيني سوى التصدي لهذا العدوان.
ثلاث إستراتيجيات
ويضيف أبو يوسف أن على القيادة أن تتبع ثلاث إستراتيجيات: أولها إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة "في سياق احتضان هذه الهبة الشعبية"، بالتوازي مع احتضان الفصائل لها، والحرص على استمرارها، والمضي في فرض المقاطعة الشاملة للاحتلال.
واصل أبو يوسف: على القيادة
والثانية هي استمرار المساعي والجهود المبذولة دوليا لوضع حد للاحتلال، وتعزيز كل الإجراءات والآليات التي لها علاقة بمحاكمة الاحتلال على جرائمه.
أما الإستراتجية الثالثة فهي ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني والمؤسسات الفلسطينية بما يتلاءم وهذه المعركة، مشيرا هنا إلى تحضيرات جارية لترتيب وضع مؤسسات منظمة التحرير وعقد جلسة للمجلس الوطني لهذا الغرض.
وشدد أبو يوسف على أن الموقف الذي يتعين على القيادة اتخاذه في هذه المرحلة هو "احتضان الهبة بكل تفاصليها"، معتبرا أن اعتراض مسيرة الجمعة الماضية "مرفوض ولا يشكل إستراتيجية لدى السلطة الفلسطينية".
وعلى المستوى العملي أشار إلى دعوة المنظمة لتشكيل حكومة وحدة وطنية والاتفاق على إستراتيجية تحكم الوضع الفلسطيني من خلال الانتخابات العامة وانتخابات المجلس الوطني، مشيرا إلى مراسلات خطية مع حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي لحضور اجتماعات اللجنة التحضيرية لعقد اجتماع المجلس الوطني، لكن دون أن يصل رد من الحركتين.
لا خيارات
من جهته يوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية الدكتور رائد نعيرات أنه لا خيار أمام القيادة الفلسطينية التي قال إنها لم تحدد إستراتيجية وطنية وسياسة عامة للتعامل مع الأحداث منذ اليوم الأول لاندلاع المواجهات.
ورجح نعيرات أن تستمر السلطة في محاولة السيطرة على الأوضاع ومنع تدهورها إلى مواجهات عسكرية، مستبعدا في حديثه للجزيرة نت أن تسمح القيادة بتغيير مسار الهبة الحالية، "فمحاولات منع الاحتكاك مؤخرا هدفها عدم الإضرار بالسلطة من جهة، ومنع تحول المواجهة الشعبية إلى انتفاضة عسكرية من جهة ثانية".
وبالتالي فإن القيادة -بحسب نعيرات- تنتهج سياسة ردود الفعل على الأحداث، وليس لديها خيارات وبدائل سياسية عامة يمكن أن تُستثمر أو تنتج شيئا.
وأرجع الأكاديمي الفلسطيني غياب المبادرات الإقليمية أو الدولية إلى دخول الحالة الفلسطينية "مرحلة ما بعد المرض"، موضحا أن القضية الفلسطينية أصبحت ثانوية وثابتة "بلا تغيرات انقلابية أو كبيرة" في ظل وجود قضايا يعتبرها العالم أكثر أهمية، وفي ظل سلطة مطلوب منها "ألا تنفجر الحالة بشكل لا يمكن السيطرة عليه".
ويفسر نعيرات تراجع حجم المشاركة الشعبية في المواجهات إلى عدم وجود نقاط احتكاك مباشرة مع الاحتلال في أغلب المحافظات من جهة، وإلى اعتقاد كثيرين بعدم وجود جدوى للحالة النضالية بشكلها الحالي، لكنه لم يستبعد الاستمرار في العمليات الفردية وتحولها إلى حالة شعبية عامة. الجزيرة